جلال سلمي - خاص ترك برس

تُعد تركيا الدولة الثانية في الشرق الأوسط التي ذاقت ويلات الانقلابات العسكرية بعد سوريا، إذ حدث فيها أربع انقلابات عسكرية بعضها كان دمويًا وقاسيًا وبعضها وإن لم يكن دمويًا كان قاسيًا ومُعطلًا للعملية الديمقراطية، وحدث الانقلاب الدموي الأول في تركيا بتاريخ 27 أيار/ مايو 1960 وبذلك التاريخ انقلب الجيش على حكومة الحزب الديمقراطي لتقربها الشديد من الدين الإسلامي الأمر الذي رأى به الجيش خطر على علمانية الدولة فانقلب على الحكومة وأعدم رئيس وزرائها عدنان مندرس أما الانقلاب الثاني حدث بتاريخ 31 آذار/ مارس 1971 وكان ناعم على شكل اخطار عسكري لحكومة سليمان دميريل لإعلامه بضرورة الاستقالة.

أما الانقلاب الثالث حدث 12 أيلول/ سبتمبر 1980 ووصف هذه الانقلاب بأنه الانقلاب الأكثر دموية على مدار تاريخ الجمهورية التركية اذ حدثت خلاله العديد من علميات الاعدام والاعتقالات التعسفية وأما الانقلاب الأخير كان بتاريخ 28 شباط/ فبراير 1998 وكان هذا أيضًا انقلابًا ناعمًا ولكنه أسفر عن تعطيل العملية الديمقراطية، وأعقبه العديد من القرارات والقوانين التعسفية التي ضايقت على حقوق الفئة المحافظة في تركيا.

ويُذكر بأن القوات المسحلة حاولت الانقلاب على حكومة حزب العدالة والتنمية بتاريخ 27 نيسان/ أبريل 2007 ووصفت بأنها عملية انقلاب إلكترونية إذ أمر الجيش حكومة حزب العدالة والتنمية التخلي عن الحكم ولكن اصرار حكومة حزب العدالة والتنمية ومقاومتها لهذا الانقلاب الذي وصف بالانقلاب العسكري الفاشل أفشل الخطط العسكرية وجعلها تتعرض للعديد من الانتقادات الدبلوماسية الغربية.

وعلى صعيد متصل يؤكد الكثير من الخبراء السياسيين الأتراك بأن "العديد من القوى العالمية والمحلية أصبحت على يقين تام بأنه لن تستطيع تحريض الجيش التركي للانقلاب على حكومته كما تعودوا دومًا لذا أصبح يستخدمون طرق المؤامرات الأخرى من أجل تعطيل العملية الديمقراطية وتأخير عمليات التنمية والتقدم".

ويبين الكاتب السياسي محمود أوفور، في مقال سياسي له بعنوان "انقلابي جبل قنديل" نُشرت في ييني شفق بتاريخ 20 سبتمبر 2015، أن "القوى العالمية بعدما تيقنت بعدم إمكانية إغراء قادة الجيش ماديًا لدفعهم للانقلاب على الحكومة والعملية الديمقراطية والتقدم الصناعي والاقتصادي والسياسي في المنطقة اتجهوا إلى استخدام الوسائل الحديثة في تعطيل العمليات الديمقراطية والتقدم الصناعي والاقتصادي وهو الأسلوب الإرهابي والجماعات الإرهابية".

ويشير أوفور إلى أن "الأن هناك العديد من الجماعات الإرهابية المدفوعة من قبل القوى العالمية لتعطيل العملية الديمقراطية والتنمية الاقتصادية في تركيا مثل داعش وحزب العمال الكردستاني وجبهة الخلاص الشيوعية الثورية"، ويؤكد أن "هذه الأساليب الإرهابية أصبحت الأساليب الأكثر استخدامًا خاصة في ظل أنها حركات إرهابية بحاجة إلى داعم خارجي قوي لتحقيق هدفها وهذا مايُسهل إمكانية استخدامها في الانقلاب على عملية التقدم الصناعي والاقتصادي والتنموي والاجتماعي والسياسي لتركيا في الداخل والخارج".

ويضيف أوفور أنه "خاصة بعد نتيجة الانتخابات البرلمانية التي أجريت بتاريخ 7 حزيران/ يونيو والتي كانت نتيجتها حالة غموض وإجبار للأحزاب السياسية للتفاوض والتوصل إلى اتفاق لتأسيس حكومة ائتلافية، حالة الغموض وعدم الاستقرار التي طفت على السطح جعلت حزب العمال الكردستاني وداعش وجبهة الخلاص يعتقدون بأن تركيا الآن في حالة هشة ولن تستطيع الدفاع عن نفسه إذا تم الهجوم عليها وذلك لأن برلمانها مُعطل ولا يمكن للحكومة اتخاذ إجراءات جادة للتصدي للهجمات التي سنقوم بها فانقلبوا على تركيا وبدؤوا بالهجوم على مراكز الشرطة والجيش وقامت داعش بتفجيرات سوروج بتاريخ 20 تموز/ يوليو 2015 ولا يمكن إغفال الدول المُزينة لهم عملية الانقلاب".

وفي ذات الشأن يبين البرفسور الدكتور جودت أق باي، في أحد اللقاءات التلفازية، بأن "أنقرة وخاصة رئيس وزرائها أحمد داود أوغلو تحلى بفراسة وصلابة سياسية فريدة جعلت تركيا تتحرك لصد هذه الانقلابات الخائنة، فلولا فراسة داود أوغلو السياسية وسرعته في دعوة البرلمان إلى اجتماع الطارئ ورده القاسي والموجع على هذه الهجمات لكان النجاح النسبي نصيب هؤولاء الانقلابيون ولكن لطف الله وسرعة تحرك داود أوغلو كان لهما دور كبير في احباط هذا النجاح وتحويله لفشل ذريع لصالح هذه الجماعات".

ويشير أق باي إلى أن "ما يتوجب على تركيا فعله الأن التصدي بحزم وقوة لهذه المحاولات الانقلابية الممولة من بعض الدول الإمبريالية المعروفة بعينها مثلما تصدت للانقلاب الفاشل عام 2007".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!