إردال تاناس كاراقول - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

تعيش تركيا على وقع حادثتين مهمتين، الأولى متعلقة بالتوتر مع روسيا، والثانية تتعلق بقمة الاتحاد الأوروبي وتركيا، ولا شك أنّ كلا الموضوعين يؤثر على سير الموضوع الآخر، حيث يسعى بوتين للوصول إلى البحر الأبيض المتوسط من خلال سوريا، حتى يتحكم به، وهذا الطموح يمتد إلى عمق التاريخ، ليصل إلى بيتر الأعظم، لكننا اليوم لا نعيش في نفس الظروف التي كانت في زمن بيتر الأعظم (بطرس الأكبر).

ما زالت التصريحات السلبية تتوالى منذ إسقاط الطائرة الروسية، وكان آخرها توقيع بوتين على جملة من القرارات ضد تركيا، من هذه القرارات، تقنين المواد المستوردة من تركيا، والحد من نشاط الشركات التركية داخل روسيا، وفرض تأشيرة دخول على الأتراك لدخول روسيا.

لكن كل هذه القرارات لن تُدخل تركيا في أزمة اقتصادية، لأنّ تركيا لن تجد صعوبة في إيجاد أسواق بديلة لتصدير بضائعها بدلا من روسيا، حيث كانت تركيا من إحدى الدول التي وجدت أسواقا بديلة خلال الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008.

وروسيا تدرك أنّ الموقع الجغرافي لتركيا يجعلها تلعب دورا حاسما في موضوع الطاقة في المنطقة، كدولة ناقلة لها، ولم تتطرق التصريحات الروسية المتوالية بحق تركيا إلى موضوع الطاقة، وأعتقد أنّ هذا الأمر إيجابي على صعيد العلاقات الروسية التركية.

بينما قرار تجميد النشاطات في المشاريع المشتركة، وتجميد النشاط في المشروع الذي وضع أساسه، وهو مشروع محطة الطاقة النووية، لن تكون انعكاسات مثل هذا القرار إيجابية على الاقتصاد الروسي، وتدرك روسيا أنّ مصدر دخلها الأهم، هو النفط والغاز الطبيعي، خصوصا بعد العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي عليها بعد أزمة أوكرانيا، ولهذا فإنّ إغلاق خطوط النفط سيكون له ثمن باهظ بالنسبة لروسيا.

وهذا يعني أنّ استمرار التوتر بين البلدين سيؤثر بصورة أكبر على روسيا.

بينما في المقابل، نشهد تقدما ملحوظا على صعيد المفاوضات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، بعد سنين من امتداد هذا الموضوع الذي انطلق عام 2005، لكن أوروبا اليوم تدرك أنّ الظروف أصبحت مغايرة، حيث نعيش في ظروف تُجبر الاتحاد الأوروبي على التعامل مع تركيا وسماعها، خصوصا بعد أزمة اللاجئين السوريين.

ولهذا وافق الاتحاد الأوروبي على فتح مواد إضافية لمناقشتها، مثل الاقتصاد والسياسة المالية بداية عام 2016، وكذلك قرر رفع تأشيرة دخول الأتراك إلى الاتحاد الأوروبي، وهذه الأمور استحقتها تركيا منذ زمن طويل، لكن الاتحاد الأوروبي على ما يبدو يشترط أنْ تتحمل تركيا كل حمل اللاجئين السوريين كشرط مُسبق لتقدم مفاوضات الحصول على عضوية كاملة في الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك ستبقى تركيا صاحبة الورقة الأقوى، لأنّ الاتحاد الأوروبي اليوم بحاجتها لإنقاذهم من الكابوس الذي يراودهم.

لكن على تركيا أنْ لا تقبل بأي شرط يتعلق بمفاوضات الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، وعليها أنْ تتعامل مع ملف اللاجئين بصورة مستقلة عن موضوع المفاوضات. ولا شك أنّ تقدم العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا سيزعج روسيا كثيرا، وهذا موضوع آخر أيضا.

عن الكاتب

إردال تاناس كاراغول

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس