كمال أوزتورك - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

لمن لم يستطيعوا قراءة ما بين السطور أقول لهم إن المعركة اليوم ليست بحرب أهلية في سوريا، وإنما هي معركة تدور في حوض البحر الأبيض المتوسط؛ بسبب مخزون الغاز في شرق البحر الذي تم اكتشافه مؤخرا ولم يُستخرج بعد، وبسبب آبار النفط المنتشرة في شمال العراق. هذا هو السبب باختصار ونأتي الآن لبعض التفاصيل:

بطبعي أحب الخرائط ودائما أبحث عنها عندما أريد أن أفهم صراعا ما، ومن أجل فهم ما يحدث أقول لكم افتحوا خريطتكم وأحضروا القلم والمسطرة. في البداية ارسموا خطا بين دلتا النيل وأنطاليا، وستكون المنطقة الشرقية من الخط هي منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، ثم ارسموا خطا من جزيرة قبرص حتى اللاذقية في سوريا وستجدون هنالك بيار بوجاق التركمانية فاذكروها جيدا. والآن ارسموا خطا من جزيرة قبرص حتى منصف ساحل شبه جزيرة سينا وستجون في شرق الخط سواحل قبرص وإسرائيل ولبنان وغزة ومصر وتعرف هذه المنطقة باسم "منطقة ليفانت".

ضعوا إصبعكم على المنطقة الأخيرة "منطقة ليفانت"، فهذه المنطقة وحسب تقرير مركز الأبحاث الجيولوجي الأمريكي تحتوي على غاز طبيعي بقيمة تتجاوز 3 ترليون و450 مليار، والأمر لا ينتهي عند هذه الثروة التي بمقدورها تغيير الحسابات في العالم بل أنه ومن المعرف سيكون هنالك نفط ليزيد الثروة ثروة؛ لأنه وأينما تواجد الغاز فإن احتمال تواجد النفط عالي جدا. وإذا عدنا من جديد إلى الخريطة ورسمنا خطا من اللاذقية محاذيا للحدود التركيا وعابرا كل من شمال العراق وإيران حتى بحر قزوين، فإن المنطقة من هذا الخط وحتى اليمن جنوبا تعد منطقة نفط وغاز؛ وهذا هو سبب كل الصراعات في المنطقة؛ فالعالم محتاج لنفط وغاز هذه المنطقة.

والمضحك المبكي هنا هو حقيقة هذا الغنى الذي وصل كل دول المنطقة، فهي إما تحوي نفطا أو غازا إلا تركيا وشمال قبرص، فبعد تقسيم الإمبراطورية العثمانية باتفاقيات سايس وبيكو كان نصيب تركيا صفرا من هذه الثروات، فكيف بالله عليكم تصح مثل هذه القسمة الظالمة؟

الآن نستطيع أن ننظر إلى الأزمة السورية والعراقية والانقلاب المصري وأزمة الطائرة الروسية وأزمات إيران في المنطقة، فسبب كل هذه الازمات ومشاركة كل الأطراف حول العالم بالطائرات والسفن الحربية وغيرها الكثير هو السعي لحصة وقطعة من كعكة الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط ونفط شمال العراق الذي لم يستخرج بعد. فالمعركة ما كانت أبدا معركة داعش أو النصرة أو شيعة وسنة، بل هي اقتصادية بحتة للبحث عن حصة بين الحصص. ومن بين هذه الحصص قد يكون لتركيا نصيب في عملية نقل النفط والغاز عبر أراضيه إلى أوروبا.

ولتصدقوني عندما أقول لكم إن كل الجهود التركية مع برزاني وتعويضاته، وأزمة الطائرة الروسية، وأزمة العساكر في الموصل، وإرهاب حزب العمال الكردستاني، والتنظيم الموازي ما هي إلا جزء من هذا العنوان العريض. والأمر لم ينتهي عند هذا، بل إن القذائف وحمم النيران التي تمطرها طائرات الأسد وروسيا على رؤوس التركمان في باير بوجاق ما هي إلا خطوة أولى في خطة الأسد لجعل اللاذقية مركزا للطاقة في دولته المستقبلية، حيث يعتبر جبل التركمان وتلته منطقة استراتيجية مطلة على كنوز الذهب الأسود.

يجب ان نفهم القضية بشكل صحيح ونضع لها العنوان الصحيح، فهي ليست بحرب على إرهاب داعش أو حزب العمال الكردستاني أو حتى التنظيم الموازي، بل هي حرب شرق البحر البيض المتوسط في سبيل البحث عن الكنز.

عن الكاتب

كمال أوزتورك

إعلامي صحفي تركي - مخرج إخباري وكاتب - مخرج أفلام وثائقية - مدير عام وكالة الأناضول للأنباء سابقًا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس