أحمد تاشكاتيران - جريدة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

تحدث رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان قائلاً: "عندما ننظر إلى الضربات الجوية التي تقودها إحدى الدول في سوريا تحت غطاء محاربة الإرهاب نجد أن 10 بالمئة من هذه الضربات تستهدف تنظيم داعش الإرهابي في حين تستهدف ال 90 بالمئة من هذة الضربات أخواننا المسلمين من التركمان والجماعات الأخرى المعارضة للنظام السوري. فلا يخدع أحدنا الآخر من فضلكم... لأن تدخلات القوى العسكرية في سوريا بحجة محاربة داعش قد تحولت إلى مسرحية تراجيدية اختلط فيها الحابل بالنابل.. تقوم كل دولة من هذة القوى بدور ما في هذة المسرحية السوداء أو تسعى لاختلاس دور فيها.. والضحايا هم الرضع والأطفال والنساء والشيوخ العجائز القتلى، والمنازل والمدارس ودور العبادة والآثار التاريخية المهدمة. فالقنابل التي تلقيها هذة الضربات الجوية تلقى لحسابات أخرى دون الأخذ بعين الاعتبار الدماء المسالة ومشاهد الحياة التي تحولت إلى كوابيس".

والحقيقة أننا الآن حقًا في مرحلة اختلط بها الحابل بالنابل وأن هذه القنابل الملقاة تلقى لحسابات أخرى.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا  بالنظر لكلام رئيس الجمهورية أو بالنظر للرؤية الرئيسية والاستراتيجية للدولة التركية "من الحابل ومن النابل في هذا الأمر"؟

لعله مما لا شك فيه صحة وأهمية النتيجة التي توصل إليها رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان. والتي تجعلنا نستنبط مدى المخاوف التي تدورد بداخله بخصوص هذة المسألة. فكلمات أردوغان السابقة تجعلنا في نفس الوقت علي يقين من أن تركيا لم تسطع أن تحول دون وقوع هذة المسرحية التراجيدية.

ومن المعروف من هم الممثلين هذة المسرحية الدائرة بسوريا.. وعلى رأسهم أمريكا وروسيا في دور البطل..

فما الدور الذي يلعبه كل ممثل؟

من الواضح انكشاف ماهية الدور الروسي في هذة المسرحية.

فالطائرات الروسية قد قصفت مؤخرًا أدلب وقلتلت العديد من المدنيين والأطفال في مناطق لا وجود لداعش بها. وقبل إدلب كانت طائراتها قد أمطرت سماء مدينة حلب مدينة ومن قبلها قصقت التجمعات السكنية التركمانية في بايربوجاق. ومن الممكن أن تقصف هذة الطائرات غدا مدينة حمص وتسيل الدماء بها علي الرغم من عدم اية تواجد لمنظمة داعش هناك .. فالموجودون هناك هم المدنيين وحسب ولذي من الممكن أن يتواجد بينهم مجموعات مناهضة للنظام السوري.

وعلي الرغم من كل هذا فإن روسيا تصدر للعالم بهتانا أنها تحارب عناصر داعش الإرهابية بسوريا ولكن الدور الرئيسي المنوطة به هو القضاء علي الجماعات المناهضة لنظام بشار الأسد.

أما القوة الثانية المسيطرة في سوريا فهو التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ويضم باخله تركيا .. وقد كان الهدف من تكوين هذا التحالف هو إسقاط نظام الأسد والقضاء علي تواجد منظمة داعش الإرهابية . ولكن علي ما يبدو أن الولايات المتحدة قد تناست مسألة إسقاظ نظام بشار الأسد .. أضافة إلي المصير المجهول لمحاربتها داعش هناك. وكأن المسألة تحولت لـ"إعادة تشكيل الشرق الأوسط" وأصبحت صورة وجود هذا التحالف صورة رمزية ، وأصبحت المناقصات المستترة هي التي تسيطر على الموقف وتتقدمه . والدليل علي ذلك مثلا عدم اتضاح اتفاق الولايات المتحدة وروسيا بخصوص المستقبل في سوريا، وكذا عدم إمكانية تخمين الدول المشاركة في التحالف الدولي وفي مقدمتها تركيا للمفاجأت التي تنتظرها في الحرب الدائرة هناك ...

ولعلنا جميعًا ندرك مخاوف رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان، فزيادة كتل الفساد في هذة المسألة التي تعنينا بعض محاورها أصبح أمرًا واضحًا لنا جميعًا. ولعل التحركات المشبوهة وغير المعقولة لمنظمة بي كي كي  الإرهابية الموجودة داخل تركيا تثبت صحة هذة المخاوف من هذة الألعاب الخفية الدائرة، ولعل تحركات زعيم حزب الشعب الديمقراطي المعارض صلاح الدين دميرطاش المكوكية بين واشنطن وبروكسل وموسكو لها علاقة وثيقة بذلك.. ورغم كل هذا فننا نشعر أننا لم نستطع أن نقف علي شفرات هذه اللعبة الدائرة حولنا؟

ومن ثم كان خلط الحابل بالنابل ...

فما هي اللعبة التي تديريها أمريكا بالعراق؟

ولماذا تم طرح مسألة انسحاب القوات التركية من معسكر بعشيقة بالعراق؟

وبماذا يمكن أن نشبه الدور الذي تلعبه إيران مع روسيا في منطقة الشرق الأوسط؟ 

لا يعقل أن تكون أمريكا غير مدركة أن طلب الحكومة العراقية سحب القوات التركية يأتي بناءاً علي رغبة وطلب إيران لذلك، ولكن الغريب في الأمر كيف وبدون أية مقدمات تشابك الدور الأمريكي مع الدور الإيراني في العراق؟

هل نحن الآن نعيش في مرحلة تتشابك فيها السياسات الروسية والأمريكية من حيث إستهداف الوجود السني في المنطقة بأكملها وإزدياد النفوذ الشيعي الفارسي؟ بل والزج به بقوة  للسيطرة علي التطورات الواقعة في العالم السني وتقوية شوكتة إزاء هذة التطورات؟

ومن ثم كان خلط الحابل بالنابل ...

ولعلي أخاطب أمريكا متسائلًا: أليس بالإمكان تجربة حلفاء استراتيجيين آخرين بالمنطقة ، أليس بالإمكان تحديد الدور الذي تلعبيه بالمنطقة بشكل واضح ؛ فلقد اختلط هذا الدور بشكل يشبه حقا ً أختلاط الحابل بالنابل؟

ولعلي أري أنه من الضروري أن تنعكس هذة التقيميات والشكوك المطروحة في وسائل الإعلام ولكن الأهم تنصيب العلاقات القائمة في المنطقة في مكانها السليم؛ للوصول إلى نتائج عقلانية سليمة.

عن الكاتب

أحمد تاشكاتيران

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس