بولنت إرانداتش - صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك برس

أصبح حوض شرق المتوسط يحمل أهمية جيوسياسية ستلعب دورا هاما في تحديد مستقبل القرن الحالي، ولهذا تتواجد هناك أجدد وأخطر السفن الحربية التابعة للقوى الإقليمية والعالمية، وأي خطأ أو فهم خاطئ لأي تكتيك هناك قد يشعل فتيل حرب عالمية، وتتواجد هناك سفن حربية تركية أيضا، لتحتفظ تركيا بدورها العالمي، وهناك 4 مشاريع وخطط لمختلف القوى تتعلق بحوض شرق المتوسط.

أول هذه المخططات، هو المخطط الإسرائيلي، الرامي إلى وصل البحر المتوسط بالبحر الميت، وبالبحر الأحمر، بينما المخطط الثاني، هو مخطط الهيمنة على أحواض الغاز الممتدة في تركيا وسوريا وغزة (فلسطين) وإسرائيل ومصر وقبرص، والتي تضم في جنباتها ما يكفي أوروبا من حاجتها للغاز لمئة عام قادمة.

أما المخطط الثالث، فهو ما تلهث خلفه أمريكا وروسيا للسيطرة عليه، والمتمثل بممر أنابيب نفط وغاز ينطلق من أربيل- كركوك- الموصل، ليمر عبر شمال العراق وشمال سوريا، ويخرج حتى شرق المتوسط، والمخطط الرابع يتمثل بالمنطقة التي سينطلق منها الغاز، هل من منطقة جيهان أم من مصر أم من قبرص.

جميع هذه الخطط الاستراتيجية تستند على مثل ما قامت به فرنسا وإنجلترا قبل 100 عام من تفتيت وتمزيق للدولة العثمانية، ولذلك يريدون اليوم رسم خارطة شرق أوسط جديد، وقد تحدثنا مع السيد "ميتين كولونك" ممثل حزب العدالة والتنمية في البرلمان التركي عن ولاية إسطنبول، حيث بدأ السيد "ميتين" حديثه بأنّ "إدراك أردوغان لحجم اللعبة التي تجري شرق المتوسط، وقيامه بحملات استراتيجية هناك، جعله مستهدفا على الدوام من قبل القوى العالمية".

كما تحدث السيد ميتين عن أنّ "الاتفاقيات التي تم توقيعها بين قبرص الشمالية، واليونان وبين إسرائيل، كانت مخالفة لكل المعايير والقيم الدولية، وتمس بصورة مباشرة أساسات المصالح التركية، ولهذا قامت تركيا بإرسال أكبر سفينة حربية تملكها نحو شرق المتوسط، وتهدف هذه الحملة بحماية المصالح القومية التركية، كما تهدف إلى إثبات وجود تركيا السياسي والعسكري في البحر الأبيض المتوسط، وإعلان عدم اعترافها بالاتفاقيات التي وقعتها قبرص الشمالية، وقد أدى ذلك إلى زعزعة المخططات العالمية".

ولا شك أنّ أوروبا هي أكثر من تحتاج شرق المتوسط، خصوصا وأنها تعيش أزمة طاقة حقيقية، ولهذا تسعى إلى توفير مصادر طاقة رخيصة وآمنة، وهذه الطاقة متوفرة في شرق المتوسط، وعند النظر إلى الأحداث التي عاشتها مصر وسوريا ولبنان من هذا الباب، سنكتشف سبب اختيار الغرب للسيسي بدلا من مرسي، ولماذا دعم الغرب التحالف الإيراني الأسدي للوقوف في وجهة الاتفاق التركي مع شمال العراق فيما يتعلق بمشاريع الطاقة.

لكن المفاجآت التركية، من قبيل الحملات العسكرية، وإسقاط الطائرة الروسية، جعل الأمور تنقلب رأسا على عقب، فقد أدرك الغرب حينها أنّ تركيا دولة تملك من القوة ما يكفيها من أجل حماية مصالحها القومية، وأدرك بأنه لا يمكن تشكيل المعادلات في المنطقة بدون وجود تركيا، ولذلك سلّم إيران إلى روسيا، وبدأ الغرب بالنظر إلى ما في جعبة تركيا، موضوع اللاجئين، موضوع الطاقة، ومستقبل سوريا، والعلاقات مع إسرائيل، كل ذلك بيد تركيا.

وقد أشار النائب ميتين إلى أنّ "حوض شرق المتوسط هو أهم وأكثر حوض حساسية في العالم، ولذلك تتواجد بريطانيا من خلال قاعدتها العسكرية في قبرص، وأمريكا تفرض وجودها دوما من خلال قواعدها الجوية في إنجيرليك وفي إيطاليا، بينما روسيا تسعى بكل قوة لإيجاد قاعدة لها في شرق المتوسط، لأنّ من يحكم شرق المتوسط يحكم العالم، ولذلك تركيا أيضا تتواجد وستتواجد في شرق المتوسط".

ولهذا أقول نحن عشاق الدولة التركية، أوجه ندائي إلى المثبطين وناشري الشائعات والكذب، وإلى المعارضة الهدّامة، أنتم لا تدركون حتى الآن المخططات العميقة والاستراتيجية، ولن تكفي أنفاسكم لإيقافنا نحو مسيرتنا في القرن الواحد والعشرين.

عن الكاتب

بولنت إرانداتش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس