ياسين أقطاي – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

أصبحت ازمة اللاجئين السوريين العنوان الأبرز لكل اللقاءات الخارجية لرئيس الوزراء احمد داود اوغلو، والملاحظ هنا هو عدم تطرق كل المعنيين بأزمة اللاجئين السوريين إلى كيفية حل تركيا للمشكلة من وجهة النظر التركية، بل تكتفي تلك الأسئلة بكيفية وقف تدفقهم إلى أوروبا! في المقابل فإن تركيا تسعى جاهدة لحل الأزمة بكل ما أوتيت من قوة وسلطة وحيلة، فاحتضان تركيا ل2.7مليون لاجئ سوريا كان وما زال يذهل العالم أجمع، وفي الصورة المقابلة لهذه المواقف الإنسانية نرى التناقض الذي سقطت فيه مبادئ الغرب المزعومة، فهم لم يأبهوا لهذه الأزمة إلا عندما طرق هؤلاء المكلومون أبوابهم.

في لقاء تلفزيوني الأسبوع الماضي تناول السؤال التالي كعنوان لتلك الحلقة "ما هي الخطوات المتاحة من أجل منع وإيقاف مغامرات اللاجئين السوري

ين وهم يرتحلون من سوريا ليطرقوا أبواب أوروبا؟". فهم وكما نرى لا يأبهون بتشريد 12 مليون سوريا وقتل ما يقارب 400 ألف بيد الأسد وداعش وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي فرع حزب العمال الكردستاني في سوريا، ولا يعنيهم حل قطع الليل المظلم الذي خلفته ماكينات الحرب المستعرة التي لم تترك أي معنى ومجال للحياة الطبيعة في سوريا الجريحة، بل انصب كل همهم على فهم ومعرفة الطرق والحلول من أجل قطع دابر هؤلاء اللاجئين الذين يأخذون شيئا بسيطا جدا من راحتهم!

عندما سرقت عذابات اللاجئين المكلومين النذر اليسير من راحتهم، انهموا وانغموا وانكبّوا يبحثون عن أحد يحمّلونه المسؤولية، فما وجدوا غير تركيا شماعة مثالية يعلقون عليها التهم، فاتهموها بالإرجاف وقالوا إنها تدعم الإرهاب! ولم يوجهوا أي أصابع لاتهام المجرم السفاح قاتل الأطفال بشار الأسد، ولم يتطرقوا ولو ببنت شفة لحل جذري يتعامل مع طاعون نظام البعث، بل كانت ألسنتهم مبرودة تضرب بالسياط وتطلب من تركيا عدم السماح لهم بدخول أوروبا. لقد بقيت الأصوات خافتة عندما كانت موجات الهجرة تجوب أفريقيا وآسيا، ولكنها استنفرت وعلى صوتها مع اقتراب أول الباحثين عن جنة الأوروبيين!

علم الأوروبيون والغربيون بأن جدرانهم العالية ودفاعاتهم الصلبة لن تكون حاجزا ومانعا ضد ردّات فعل أعمال المقاومة المختلفة في دول العالم الثالث، فتأثير الثورات على الأنظمة الطاغوتية التي تدعمها الدول الغربية سيصل حتما إلى الغرب وأوروبا، وهو ما بات يحتم عليهم الخضوع للأمر الواقع ليشاركوا بالحد الأدنى لمعايير الحياة الكريمة.

تشعر تركيا بالفخر والاعتزاز لما تقدمه من أعمال عظيمة تسطرها في صفحات الإنسانية الناصعة، فقد زرنا الأسبوع الماضي مخيم اللاجئين في ولاية شانلي اورفا، وكان يصحبنا في الوفد كل من الرئيس السابق لتونس منصف المرزوقي والسياسي الليبرالي المصري أيمن نور والفائزة بجائزة نوبل للسلام توكل كارمان ورئيس جمعية سوريا غسان هيتو ورئيس الوزراء أحمد طعمة. وقد أبدى الزائرون عن امتنانهم لتركيا وقالوا "لقد احتضنت تركيا اللاجئين المكلومين الهاربين من إجرام الأسد واستقبلت ما يزيد عن 2.7 مليون سوريا، بينما اكتفى العالم بمشاهدة احداث الدراما المشوقة لهذه المأساة"، وأضافوا "يعاملون اللاجئين بكل لطافة وذوق، حتى أنهم يمتنعون عن استخدام كلمة لاجئ ويستخدمون مصطلح ضيف تعبيرا منهم عن رحابة الاستقبال".

وصل عدد اللاجئين خارج سوريا إلى 6 مليون لاجئ، وإذا أضفنا إليهم النازحين في سوريا فإن الرقم يصل إلى 12 مليون منكوب. وإن دلت هذه الأرقام على شيء فإنها تدل وبكل وضوح على سقوط شرعية الأسد، ومع ذلك ما زلنا نناقش مشروعيته والبديل الممكن حتى الان. وللرد على كل هذا فإن أنسب ما يمكن أن نفعله هو التوحد على قلب رجل واحد على هذا المجرم عدو الإنسانية.

عن الكاتب

ياسين أقطاي

قيادي في حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس