نصوحي غونغور - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

تخوض تركيا بعد عملية السلام "المسممة" صراعًا بالغ الصعوبة نتيجة مواجهة الإرهاب. ومما لا شك فيه أن هذا الإصرار، يعطي رسائل مهمة ليس فقط بخصوص الصراع مع حزب الاتحاد الديمقراطي بل أيضًا للذين يريدون تغيير الخرائط وفقًا لأهوائهم والتحركات الموجهة ضد تركيا في المنطقة.

جعل النظام الذي أسس بعد الحرب العالمية الأولى، ونموذج الدولة القومية العلمانية الذي فرض عليه، تركيا محاطة بكيانات استمدت نموذج "الدولة" هذا ظاهريًا فقط. هذا النموذج الذي دفعت إليه، تعمقت مشكلاته الموجودة حتى ذلك الحين. كما تم الضغظ باستمرار على خطوط الصدع العرقية والطائفية حتى صارت مهيأة للانفجار.

الآن وبعد قرن من الزمن أخذت الكيانات المحيطة بنا والمحددة كدول بالتفكك واحدة تلو الأخرى. ومما يدعو للأسف حالة الانقسام هذه، والنتائج التي سيؤدي إليها التقسيم، والسؤال عن كيف سوف تتشكل المنطقة مع استمراره، لم تنل حتى الآن مكانها بين القضايا التي نهتم بها عن كثب.

الحدود التي رسمت بعد الحرب العالمية الأولى ليست مقدسة على الإطلاق. وإن كنتم تعيشون في دولة تعد الأكثر تضررًا من مشاكل هذه الحدود التي أنشئت ينبغي أن لا تشعروا بالقلق بكل بساطة. ولكن حتى يكون باستطاعتكم قول هذا الأمر، ينبغي أن يصبح حديثكم وجدالكم حول حدود جديدة. ومن أجل تحقيق هؤلاء جميعًا يجب وضع لائحة تحالف مناسبة وتخطيط علاقاتكم في المنطقة بناءً عليه.

ها هي الأرشيفات موجودة، يمكن إعادة النظر فيما كتبته واحدًا بعد الآخر. قدمت من البداية تحذيرات مهمة بخصوص سياستنا تجاه سوريا. وحاولت الإشارة إلى الممارسات الحقيقية التي من الممكن تنفيذها دون حصرها بين السياسة الواقعية والخيالية. وأشرت إلى أن المنطقة التي أصبحت قدرنا، فإنه من خلال اتباع الطريق الطبيعي الذي أتى به إلينا هذا القدر دون الأخذ بالاعتبار لصداقاتنا سيؤدي إلى عزلنا. كما قلت أن العناصر التي ظلت بعيدة عنا نوعًا ما ولم تقم معنا بعمل مشترك عبر التاريخ، فإن التحالفات التي أجريناها دون الأخذ بالحسبان ما خلفها سوف تسبب لنا المشاكل.

علاوة على ذلك كتبت على سبيل المثال أيضًا أنه من الضروري عدم النظر إلى الموقف الروسي في الموضوع السوري واهتمامها الفعال فيه على أنه أمر عادي، لأن وجود الدولة هذا، وتشكيل النظام، والقوة العسكرية، والوجود على شواطئ البحر الأبيض المتوسط بدون شك هو سعي وتقدير روسي.

ولكن هذه الأمور لا تبدو باهرة في الوضع الحالي. كما لا توجد أي استجابة أو رد فعل تجاه النقاش التركي الشفاف والصريح في الموضوع السوري، سواء من قبل التحالف الغربي، أو التحالف الروسي الإيراني الذي يعمل على دعم نظام الأسد بكافة أساليب الحرب القذرة. وبينما تسفك روسيا الدماء بالقرب من حدودنا. تشكل إيران بدون أي رحمة على الأراضي السورية جيوسياسية شيعية غير عقلانية ستفتح الباب على تحولات بالغة الخطورة.

هذه الأمور جميعها تخبرنا في الواقع أنه ينبغي علينا العمل على المدى الطويل. حيث يتوجب على تركيا القيام بأعمال وخطوات جديدة لن تلحق ضررًا بموقفها الخاص بخصوص سياساتها تجاه سوريا والمنطقة وبشكل عاجل. ومن المستبعد للأسف القول إن الوضع الحالي سيجلب لنا الأفضل. ولا أنصح بالغوص في مستنقع السياسة الواقعية. ولكن إن وصلت بعض خيالاتكم إلى مرحلة لن تكونوا قادرين فيها على عمل شيء، فلا يوجد مفر من الجلوس والتفكير من جديد.

ستخرج تركيا من هذا الطريق والوضع المضغوط، بل ينبغي أن تخرج من أجل تحقيق السلام وبناء المستقبل. ومثلما تمكن الرئيس رجب طيب أردوغان من خلال انطلاقةٍ تاريخيةٍ أبداها ضد أسلاك وحفر عملية السلام، كما حصل تماماً في عملية الإصلاح، فأنا أؤمن أنه سيخطوا خطوة تاريخية أيضًا في الموضوع السوري. هذه الخطوة، ستجعل تركيا تأخذ نفسًا من جديد، وسيشكل إقامة سلام إقليمي مجالًا لمناورة جديدة.

وسنرى جميعًا في ذلك الحين ما إذا كانت فترة رئاسة الجمهورية مجرد رئاسة.

عن الكاتب

نصوحي غونغور

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس