ولاء خضير - خاص ترك برس

لا تحظى أي آلة موسيقية في تركيا، بما تحظى به آلة "الساز"، من حب، وارتباط، وتاريخ طويل، ورثها الأتراك عن أجدادهم العثمانيين، الذين جاؤوا بهذه الآلة الموسيقية، من آسيا الوسطى، ويقال أنه عمرها يزيد عن 2000 عام، ومنذ ذلك الحين، احتلت آلة "الساز"، مكانة أساسية مميزة في الموسيقى التركية الكلاسكية، والحديثة.

ويختلف المؤرخون في تحديد تاريخ ابتداع هذه الآلة، ومن ابتكرها، ولكن يرجح أنها آلة تركية الأصل، ومنهم من ينسبها إلى اليونان، وكثيرون يتفقون على أنها تواجدت في دول الشرق، مثل سوريا ولبنان والعراق، وعرفت فيها على أيدي الأكراد.

إن مصطلح "الساز"، يشير إلى عائلة من الآلات الوترية، العود طويل العنق، المستخدم في الموسيقى الكلاسيكية العثمانية، والموسيقى التركية الشعبية، والموسيقى الآذرية، والموسيقى الكردية والآشورية، والموسيقى الأرمنية ، وأجزاء من سوريا، والعراق، ودول البلقان.

إن الة "الساز"، هي آلة موسيقية وتريّة خشبية، تشبه العود، ذات عنق طويل، وجسم أصغر من العود، وتتشارك فيها مختلف الثقافات، في شرق البحر الأبيض المتوسط​​، والشرق الأدنى، ومنطقة آسيا الوسطى، ويشار إليها أحيانا باسم باغلاما، الساز (وتعني بالفارسي، طقم أو مجموعة).

وقد تم العثور على أدوات تشبه bağlama  باغلاما، او الساز، حديثًا في الحفريات الأثرية السومرية، والحثية، في منطقة الأناضول التركية، والتي يرجع تاريخها إلى ما قبل الوقت المعاصر، وبهذا يُشكك بعض النقاد والموسيقون بمصداقية المعلومة التي ذكرت، أن العثمانيين جاؤوا بها من آسيا الوسطى، بقولهم إنها "ليست دقيقة وصحيحة".

وتحتل الساز، مكانة أساسية لدى الأكراد، الذي يسكنون في مناطق مختلفة في تركيا، و"الســاز" كلمة كردية، تعني في اللغة الكردية (اللحن أو النغم)، ولا يخلو بيت كردي من وجود آلة السـاز، أو ما يسمونها (طنبور).

ورغم أن هذه الآلة انتشرت في الحضارات القديمة مثل الآشورية والفرعونية، لكن الأتراك أضافوا لها، وحافظوا عليها، وأصبحت تدرس هناك.

وأكثر ما يلفت الانتباه لها، هو شكلها المختلف، الذي يعطي عازفها شكلاً مميزًا، وملفتًا للإنتباه، وكما تمتاز هذه الآلة برقبتها الطويلة، التي تجعل العازف يستطيع أن يتنقل بيده على الوتر الواحد، وهو ما يعطي صوتها ميزة لا تتوفر للعود، كما أن صوتها أقوى، وهي خاصية تجعلها مطلوبة في كثير من الألحان.

وكانت هذا الآلة تتوفر في بعض البلدان العربية،  من تركيا، ومن مناطق سورية، على الحدود معها، ولكن الآن بسبب ظروف سوريا، تُعد تركيا هي المكان الوحيد لشرائها.

وكانت تسمى عند العرب، قديما باسم "الطنبور". أو آلة البزق، وهي تدخل ضمن آلات الموسيقى الكوردستانية، في سورية ولبنان، ومن أهم أعلامها، الموسيقار علي معلا الدركشلي، وأيضا العازف السوري يعرب جبيل.

ويعتبر باحثون في تاريخ الموسيقى وآلاتها، أن آلة البزق تنتمي لعائلة العود، ويعتبرونها مثل البغلاما والطنبور، من نفس العائلة، لأنها تتشابه في التصميم والشكل، وفي اعتمادها على الأوتار، كما يرجح بعض الفنانين، أنه يمكن اعتبارها إحدى الصناعات الناجمة عن تطوير آلة العود.

وانتشرت الساز في بعض من دول العالم، وفي بعض الدول العربية، لا سيما العراق، ومصر، ولبنان، وسوريا،، حيث يذكر كتاب الموسيقى السورية، أن هناك آلة موسيقية شبيهة بالعود، وهي قديمة جدا، وأيضاً شاع استعمالها عند السومريين، وبخاصة عند كثير من شعوب المشرق العربي، وكانت تسمى هذه الآلة "قنور"، ويشار بالوصف هنا الى الـة الساز .

وعند العرب، فإن الة الساز مشهورة ايضا، وتدعى في العربية "طنبور"، وهي "آلة البزق" الحالي، هي اللفظ المتداول في البلاد العربية، وتشكل ثنائيًا موسيقيًا، يجعل هناك تواصلاً، بين العود العربي، والساز التركي .

وفي وصف آلة الساز عند العرب

إن آلة "الطنبور"، هي قريبة من آلة العود، من حيث استخراج الأصوات، بواسطة النقر ولمس الأصابع، وشكل "الطنبور" من حيث صندوقه الذي يعتبر بيت الصوت، يكون صغيرًا بحجم الماندولين، وزنده يكون طويلًا، أقل من مسافة المتر بشيء قليل، ويوضع على زنده ربطات من الأوتار، تسمى الدساتين، ومهمة هذه الدساتين، تعيين أماكن النغمات.

و"الطنابير"، على نوعين، ميزاني، أو خراساني، وبغدادي، ولكل منهما خصائصه ومزاياه، فالطنبور البغدادي يحتوي زنده على ستة عشر دستانًا أي ربطة، ولذا نجده ضيق المسافات، إذ لا يؤدي إلا الموال البغدادي، والإبراهيمي، وبعض النغمات البسيطة.

بينما نجد الطنبور الميزاني، الذي يعتبرونه كاملاً، يحتوي على ثلاثين ربطة، فوق زنده، ويمكن لهذا الطنبور أن يؤدي سائر الألحان، وحتى باستطاعته مماشاة آلتي القانون والبيانو، ويوضع على صدر هذه الآلة وتران فقط، هما صول- دو، وبإستطاعة هذين الوترين، أن يؤديا سائر الألحان والنغمات .

وقد يوضع ثلاثة أوتار على الطنبور، في بعض الأحيان، ولهذه الآلة عازفون بارعون، اشتهروا في ميدانها، في الماضي والحاضر، ففي العصر العباسي، اشتهرت عبيده الطنبورية، وهي مغنية جميلة الوجه، وشاعرة مجيدة، ومحدثة لبقة، وعاصرت إسحاق الموصلي، وغنته، ولكنها لم تنل شهرتها اللائقة بها، وسميت بالطنبورية، لأنها اختصت بالعزف على "الطنبور" اي الساز، والغناء عليه.

وقد اشتهر غيرها من المغنيين بالطنبوريين، أيضا منهم أبو حشيشة، ومخارق، والمسدود، والزبيدي، وفي مطلع القرن العشرين، ظهر طنبوري معاصر مجيد، هو عازف الطنبور التركي، جميل بك الطنبوري، والذي ذاعت شهرته في العالمين التركي، والعربي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!