جلال سلمي - خاص ترك برس

ارتكزت السياسة الخارجية التركية تجاه سورية على عدة مبادئ أهمها؛ مبدأ الباب المفتوح أمام اللاجئين والثوار، مبدأ الثقة بسقوط نظام الأسد في فترة أقصر بكثير من الفترات التي استغرقتها الثورات العربية الأخرى، مبدأ التحرك الأمريكي والدولي المشترك لإيجاد حل جذري في سورية، يعتمد على نقطة إقامة منطقة أمنية عازلة، وقد بان هذا المبدأ عقب تأزم الثورة السورية وتحولها إلى ساحة حرب إقليمية دولية، على حد وصف الخبير في السياسة الخارجية التركية "أحمد مالك".

وجاء ذلك في مقال له نُشر عبر صحيفة "وحدت"، بتاريخ 19 شباط/ فبراير 2016، حيث أوضح أن السياسة غير المرتكزة على مبدأ واقعية استراتيجية تبوء بالفشل لا محالة، وهذا ما يمكن مشاهدته بوضوح في بعض نقاط السياسة الخارجية التركية المتبعة لحل الأزمة السورية وفقًا للمصالح التركية ومصالح المنطقة ككل، مبينًا أن النقاط الصحيحة يمكن سردها على النحو الآتي:

ـ سياسة الباب المفتوح: سياسة إنسانية تشكل موقفًا تاريخيًا تتناقله الأجيال القادمة. انتهجت تركيا هذه السياسة بشكل إنساني، ولكن مردودها الاستراتيجي سيفوق الخيال، وأول بوادره إعادة إحياء المفاوضات الأوروبية التركية المُجمدة منذ 11 عامًا.

ـ فتح باب الدعم اللوجستي للثوار: سياسة صائبة اتبعتها تركيا لترسيخ علاقتها مع الشعب السوري لمدى طويل.

أما على صعيد الأخطاء، فيرى مالك أن النقاط الخاطئة في السياسة الخارجية التركية تجاه سورية فاقت بشكل كبير النقاط الصحيحة، مشيرًا إلى أن أبرز الأخطاء التي ارتكبتها تركيا في تحركها تجاه سورية هي كالآتي:

ـ الثقة العمياء بدعم الغرب لإسقاط الأسد: نظرت تركيا من منظور إنساني أكثر من نظرتها من منظور دبلوماسي استراتيجي تجاه القضية السورية، حيث أيقنت أن الغرب والولايات الأمريكية المُتحدة ستدعمها بشكل أو بآخر لإسقاط نظام الأسد، ولم تعي إطلاقًا الأهداف الحقيقية للغرب الذي يهدف إلى استنزاف القوى في سورية وتقسيمها لإضعاف آخر قلعة معارضة للغرب في منطقة الشرق الأوسط، كان على تركيا الارتكاز إلى بصيرتها الاستراتيجية بشكل أكبر ومستقل عن الغرب، والتحرك بشكل عقلاني أكبر دون الانزلاق إلى الأحلام المثالية.

ـ ثقة تركيا بقضية سقوط الأسد دون وضع خطط واقعية سديدة لعملية إسقاطه: إذا كان هناك عنصر يريد إسقاط عنصر آخر، فلا بد من العمل الجاد لإعداد خطط تمهد لإسقاطه، ولكن الثقة والتأمل بسقوط ذلك العنصر، دون إعداد الخطط الجادة، أمر يشكل أحلام واهية، فضلًا عن أن تركيا اعتمدت في هذه النقطة على خطط أجنبية وليس خطط صادرة من لدن مؤسساتها السياسية والعسكرية، وهذا ما جعلها تُصاب بخيبة الأمل نتيجة تعرقلها بعدة عراقيل غربية متناقضة مع خططها تجاه سورية.

ـ قطع تركيا لعلاقتها مع الأسد بشكل كامل: كان يجب على تركيا إبقاء خيط تواصل بينها وبين نظام الأسد، لكي تتمكن من مراجعة حسابتها في حين انقلبت النتائج لصالح الأسد، ولكن اليوم فات الأوان، حيث انقلبت النتائج بالفعل لصالح الأسد، وأصبح بوسع الجميع لقائه ولكن تركيا لا تستطيع إجراء أي سياسة تحاورية معه.

ـ عدم إعلان حزب الاتحاد الديمقراطي كمنظمة إرهابية بشكل صارخ منذ عام 2012، حيث بدأ حزب الاتحاد الديمقراطي بإعلان خططه الانفصالية في ذلك العام، ولكن تركيا لم تحرك ساكنًا في ذلك الوقت، ولم تعلن حزب الاتحاد الديمقراطي منظمة إرهابية يشكل خطر على مصالحها، لا سيما في ذلك الوقت الذي لم تتأزم به القضية السورية إلى هذا الحد، ولكن اليوم بعد خروج القطار عن سكة السيطرة التركية، أصبحت تركيا عاجزة عن التحرك الحر في المنطقة، وإلى اليوم لم تشمل حزب الاتحاد الديمقراطي في القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية الخاصة بها، ولا يُعرف أين يكمن السبب الرئيس الذي جعل تركيا تتأخر إلى اليوم في إعلان حزب الاتحاد الديمقراطي كحزب إرهابي.

ـ عدم توجيه قوات المعارضة التي تدعمها تركيا، بخبرة تخطيط تجعل تحركها أكثر نجاعة، الأمر الذي أطال كثيرًا من عمر الثورة.

ومن جانبه، انتقد الباحث السياسي المُقرب من حزب العدالة والتنمية "يوسف قابلان"، في لقاء تلفازي على قناة "تي أر تي" أجراه في 19 فبراير 2016، السياسة الخارجية التركية تجاه سورية، مبررًا ذلك بعدم اعتمادها على دعائم واقعية قوية، ومبينًا أنه في حين لم تتبع تركيا سياسة أكثر واقعية وأكثر حزمًا فإن تطورات الأزمة السورية ستسبب لها العديد من النتائج العكسية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!