
ترك برس
رأى الخبير في العلاقات الروسية الشرق أوسطية "ديميتار بيشيف"، الزميل المشارك في منتدى الشرق، أن "حرب الكلمات بين الرئيس التركي رجب طيب أروغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، أبعد ماتكون عن النهاية، وربما تندلع من جديد"، مشيرًا أن ذلك يعتمد على كيفية تطور الوضع في سوريا.
وأوضح بيشيف في تدوينة له نشرت عبر "منتدى الشرق"، وترجمته "هافينغتون بوست" إلى اللغة العربية، تحت عنوان "العلاقات الروسية التركية في أزمة"، أن "تركيا وروسيا تمر بمرحلة صعبة في علاقتهما، ولكن شهدت هاتان الدولتان القويتان علاقة عمرها قرون مرت بالكثير من التقلُّبات. ما توضحه الأزمة الأخيرة هو أن الحديث عن اصطفاف استراتيجي في الأيام الخوالي، عندما كان يبدو أن كل شيء يسير بسلاسةٍ، كان مبكراً جداً. وبنفس المنطق، لا يجب المبالغة في حدة منافستهما. لدى كل من روسيا وتركيا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والقوة الأوروبية الغربية الكبرى، دوافع للإبقاء على التوترات بعيدةً".
ولفت الخبير إلى أن "سقوط القاذفة الروسية "سو 24 إم" في 24 من نوفمبر/تشرين الثاني 2015، أدى إلى تحول في العلاقات بين موسكو وأنقرة، كان الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان قد اتفقا سابقاً على ألَّا يتَّفقا بشأن سوريا، وركَّزا على الروابط التجارية المزدهرة بين الدولتين. رفضت تركيا في ربيع 2014 الانضمام إلى نظام العقوبات الغربي المفروض على روسيا بسبب ضمّ القرم والحرب على شرق أوكرانيا، وكانت متشوقة لزيادة صادراتها إلى روسيا وتحديث الروابط الخاصة بالطاقة، في الوقت الذي كانت فيه شركة "غازبروم" تتعرض لهجوم من المفوضية الأوروبية".
وأشار بيشيف إلى أن "الاضطراب في الشرق الأوسط دفع العلاقات بين موسكو وأنقرة إلى أدنى حد لها منذ نهاية الحرب الباردة، إن لم يكن من قبلها. ولكن كما أنَّه كان من غير الدقيق اعتقاد أن روسيا وتركيا كانتا حليفتين قبل حادث القاذفة الروسية، فليس علينا التسرُّع في استنتاج أنَّهما الآن عدوتان لدودتان، فعلاقتهما أكثر تعقيداً من ذلك".
وتابع بيشيف قائلًا:
"لم يكن ينبغي أن يُفاجِئ الصدام الكلامي بين بوتين وأردوغان بسبب حادث القاذفة الروسية، أي شخص على دراية بالزعيمين. اتهم الرئيس الروسي صديقه السابق بأخذ حصة من صادرات الدولة الإسلامية (كما تطلق على نفسها) المحظورة، من النفط، متألماً من "الطعنة في الظهر التي جاءت من الشركاء الإرهابيين"، وصوَّره بأنَّه عميل للولايات المتحدة، مستخدماً مصطلحات غير دبلوماسية قائلاً: "حاول شخص ما في الحكومة التركية لعق الأميركيين من مكانٍ ما، ولا أعلم إذا ما كان الأميركيون بحاجةٍ إلى ذلك". حلَّت تركيا عملياً محل الغرب المتدهور في كونه بعبع روسيا المفضَّل. وفي وقت يسعى بوتين وراء قادة الغرب من أجل التوحد في جبهة مشتركة ضد التطرُّف، أعاد توجيه سخطه لينصب على هدف جديد وأكثر ملاءمة.
كان رد تركيا أكثر صمتاً، فوفقاً لأردوغان ورئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو، لم تكن تركيا تنشد المواجهة، ولكنها ستدافع على أي حال عن مجالها الجوي. ولكن اندفع أردوغان لاحقاً مهاجماً بوتين، نافياً ادعاءه المتعلق بالدولة الإسلامية معتبره اتهاماً تشهيريًّا ومطالباً إياه بالتنحي. ووبَّخ قائد الكرملين قائلاً: "ما الذي تفعله في سوريا؟ إنَّك محتل في الأساس".
وانضم الإعلام التركي المؤيد للحكومة سريعاً إلى المعركة، وقُدِّمت شكوى جنائية ضد بوتين إلى مكتب النائب العام في أنقرة لطعنه في القائد التركي.
لقد سمَّمت هذه الاندفاعات الكلامية العلاقات بينهما، وتلقَّت الروابط الاقتصادية ضربةً قوية، وانتشرت المخاوف من المزيد من الصدامات المسلحة، سواء كانت مباشرة أو بالوكالة. أشارت تركيا يوم 29 من يناير/كانون الثاني 2016 إلى المزيد من حالات انتهاك المجال الجوي، التي أكَّد حدوثها أيضاً كلٌّ من الناتو ووزارة الخارجية الأميركية. ولكن سيكون من الصعب إلغاء الروابط الممتدة التي تربط بين موسكو وأنقرة أو تجميدها جميعاً بسبب الضغينة بين البلدين".
تجدر الإشارة إلى أن مقاتلتان تركيتان من طراز "إف-16"، أسقطتا طائرة حربية روسية من طراز "سوخوي-24"، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لدى انتهاك الأخيرة المجال الجوي التركي عند الحدود مع سوريا بولاية هطاي (جنوبا)، وقد وجّهت المقاتلتان 10 تحذيرات للطائرة الروسية خلال 5 دقائق، بموجب قواعد الاشتباك المعتمدة دوليًا، قبل أن تسقطها، فيما أكد حلف شمال الأطلسي (الناتو)، صحة المعلومات التي نشرتها تركيا حول حادثة انتهاك الطائرة لمجالها الجوي.
وعلى خلفية حادث إسقاط الطائرة شهدت العلاقات بين البلدين أزمة دبلوماسية حيث أعلنت رئاسة هيئة الأركان الروسية، قطع موسكو علاقاتها العسكرية مع أنقرة، إلى جانب فرض قيود على البضائع التركية المصدرة إلى روسيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!