سعادت أوروتش - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

يدور الحديث اليوم عن البريكست، وهو مصطلح جديد يحتل مرتبة متقدمة على أجندات السياسة العالمية. هذا المصطلح المشتق من كلمتي بريطانيا و خروج (exit) يستخدم للتدليل على مساعي بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي الذي لم تنتمي له "كليا" في يوم من الأيام، قرار فك الارتباط عن الاتحاد الأوروبي سيكون موضوع الاستفتاء المرتقب في الثالث والعشرين من حزيران/ يونيو الجاري وبناء على نتائج هذا التصويت سيعطي البريطانيون قرارهم بالبقاء او الانسحاب ولكن على ما يبدو ان المرجحين للانفصال والخروج يفوقون عددا اولئك الراغبين في البقاء في الاتحاد. تركيا وانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي يشكل أحد مواضيع النقاش في هذا الاستفتاء، إذ يستخدمها الإنكليز لتخويف المواطنين ودفعهم لدعم الانسحاب تماما كما نفعل مع الطفل المشاغب إذ نقول له "الوحش قادم" ولهذا نرى مؤيدي الانسحاب أكثر من مؤيدي البقاء داخل الاتحاد.

مقتل أحد نواب البرلمان البريطاني على يد شخص يدعم  شعارات مثل "بريطانيا أولا" كان حادثة أليمة دعت إلى وقف الحملات المؤيدة أو المعارضة للاستفتاء. استطلاعات الرأي تشير كذلك إلى أن الراغبين في البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي لهم وزنهم وأن الحادثة كانت بمثابة ضجيج هذه الكتلة.

الكلمة الأخيرة ستكون للإنجليز...  على أي حال إذا ما اتخذوا قرار الخروج من الاتحاد فإن إجراءات الانفصال ستستغرق وقتًا، وبالتالي فإننا سنرى لندن تقوم بمهامها كعاصمة الاتحاد لستة الأشهر في العام القادم، بمعنى أن الانفصال لن يكون آنيا سريعا...

لا بد من ملاحظة أن الاتحاد الأوروبي سيحظى بخسارة فادحة جديدة فيما لو قرر الإنجليز الانفصال. فبريطانيا ورغم عدم قبولها باليورو كعملة رسمية لها كما أنها رفضت الدخول ضمن حدود الشنغن إلا أن خروجها سيكون ضربة اقتصادية سياسية دفاعية قوية توجهها للاتحاد وقد تكون فترة انسحاب بريطانيا مقدمة لسعي فرنسا للانسحاب، لتليها دول أوروبية أخرى تناقش فكرة البقاء في الاتحاد... وقد نشهد في العام القادم مناقشة مصطلح فرانسيكست أو ألمانيكست... قد يكون نوعا من التنجيم لكن من يعلم!

أوروبا التي تواجه أزمة اللاجئين وجها لوجه تخلخلت أركانها وأساساتها بسبب هذه الأزمة فهي تعيش الآن أسوأ أيامها وأقوى أزمة تمر عليها بعد الحرب العالمية الثانية، فبداية الأزمة المالية عام 2008م ومن ثم  موجة الأعمال الإرهابية التي اتخذت من الإسلاموفوبيا وعداء الأجانب ذريعة لها وأخيرا أزمة اللاجئين. الإنسان ذو القيم العالية المتينة وصاحب الوجدان العميق يمكنه تخطي كل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، لكن وكما ترون فإن هذه الأزمات أدت إلى انهيار دول الاتحاد الأوروبي الأقوى... فجسد الطفل أيلان الذي قذفه البحر قد هز أساسات الاتحاد الأوروبي... يُفضّل أن نُشاهد عن بعد وأن نحمد الله أننا لم نكن يومًا جزءًا من هذا الاتحاد الرذيل.

عن الكاتب

سعادت أوروتش

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس