محمد اوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

لم يكن انقلاب 15 تموز الحالي انقلابا عابرا، بل كان يحيطه الكثير من الملابسات والايادي الخفية التي تحرك الاحداث من خلف الستائر، الامر الذي دفع سيادة الرئيس اردوغان حتى يتكلم ويؤكد أكثر من مرة على "قوات الاحتلال" و"الايدي الخفية" و"العقل المدبر". نحن نعلم بان كثير من قياديي الانقلاب هم عناصر في التنظيم الإرهابي جماعة فتح الله غولن، ولم يقتصر فعل الانقلاب عليهم، بل شاركهم مجرمون اخرون من أطياف معارضة اردوغان. لا نعلم تفاصيل الامر الى هذه الحظة لكن وبكل تأكيد ستظهر الحقيقة وتبين الخبيئة ولو بعد حين، ام المهم في هذه اللحظات في رأيي هو: هل كان هنالك دعم خارجي للانقلابيين؟

في الأيام القادمة سيكون البحث عن الدعم الخارجي للانقلاب هو السؤال الرئيسي الذي سيتصدر الاجندات السياسية والاعلامية، ففي الانقلابات الماضية كان منفذوها من أصحاب قلة يسارية محاربة للإمبريالية، اما اليوم فالأمر يبدو وكما أكد رئيس الجمهورية على غير ذلك! في نفس السياق وفي اليوم التالي للانقلاب عبر غاضبا ومزمجرا الوزير سليمان إثر قدومه من الخارج وقال " لو كنا تحت التراب ما استطعنا ان نقول هذه الكلمات، لو نجح الانقلاب لكنا كلنا اليوم اموات. ولو كنت ميتا الان لكنت اصرخ من غير توقف بان وراء الانقلاب أمريكا، أمريكا مدبرة الانقلاب، أمريكا من خطط للانقلاب، أمريكا هي من حرك الانقلابيين".

بعد تلك الصرخات الغاضبة أكمل حديثه وقال "من اين اتى هؤلاء الانقلابيين بكل هذه الشجاعة حتى يستخدموا الطائرات في انقلابيهم؟ من كان يتكلم ويخطط للانقلاب خلال الشهر الماضي؟ لم تكن كل هذه الاحداث مجرد اقدار وصدف عابرة ونحن نعلم من خطط ودبر لهذا الانقلاب". اتبع الوزير سليمان حديثه في أمريكا التي تدير المعركة في سوريا والعراق وقال " انا لا اقبل ان يبقى المريض نفسيا فتح الله غولن في أمريكا مكرما معززا. نحن لم نقدم لأمريكا الا الصداقة الحقيقية، ونريد في المقابل صداقة حقيقية من أمريكا".

حدث الكثير من الانقلابات العسكرية في كل العالم خلال القرن الماضي، كان وراء معظم هذه الانقلابات الولايات المتحدة الامريكية، واخر مثال على ذلك الانقلاب في مصر. اما اكثرها دهشة هو الانقلاب في التشيلي الذي حصل في 1973 على اليندي الاشتراكي الذي تم اختاره بانتخابات حرة نزيهة، لكن ولان دين أمريكا وديدنها هو الانقلاب على كل حكم لا ترضى به، قامت بتحريك الجيش الشيلي ونفذت الانقلاب، اما العجيب في الحكاية هو ما كان يروج له الجيش كسبب في انقلابه، حيث قال "اليندي سيقضي على القانون العام. اليندي سيؤسس للدكتاتورية". قام الفاشي القائد العام للجيش بينوشيت في أيلول من عام 1973 بتنفيذ الانقلاب، وبعد شهر من ذلك اتصل ممثل واشنطن برئيس الانقلاب نيكسون وقال له " لقد علمنا بالانقلاب ونهنؤكم عليه، كما وسنعمل على توفير الظروف المناسبة لكم".

فيا تراه كيف كان الحديث بين أوباما ووزير خارجيته كيري في يوم الانقلاب؟ وهل تعلمت أمريكا ان اردوغان لن يكون اليندي؟ وهل معلومات وكيليكس التي سيتم نشرها هي نتيجة الدرس الذي تعلمته أمريكا؟

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس