هاكان ألبيراق – صحيفة كرار - ترجمة وتحرير ترك برس

لم يُبصر الغرب كل تلك البطولة التي أظهرها الشعب التركي وهو يواجه الدبابات بصدوره العارية، فلم تكتب أقلامه الصماء عن كل ذلك الفداء والتفاني في الدفاع عن الديمقراطية والحرية، خرست أقلامهم وأصواتهم فلم ترَ التطبيق الفعلي العجيب للديمقراطية وهي معمية بجاهلية العصبية الطائفية ولسان حالهم يقول "ما لنا وهؤلاء المسلمين، يجب أن نسقط أردوغان هذه المرة".

لم يقفوا ولو موقفًا واحدًا ضد الانقلاب والانقلابين ولكنهم تزاحموا ليدافعوا ويبرروا لهم إجرامهم! دعاهم أردوغان للدفاع عن الديمقراطية فتساءلوا أي ديمقراطية يقصد؟ لم يريدوا أردوغان وحزبه الذي هو في منظورهم دكتاتور جديد يحكم البلد بالحزب الواحد، وإنما أرادوا ديمقراطية على قياسهم وتفصيلهم يُديرونها حيث شاؤوا...

لا يحفل الغرب بما اختاره الشعب التركي ولا يلقي له بالا، فهو ومن أجل مصالحه وأهدافه الخاصة يريد أن ينقلب على شرعية الديمقراطية في تركيا عبر دعم نظام العسكر الاستبدادي وتبرير أفعاله الإجرامية وإعطائه الشرعية المغتصبة، فهم يحولون الحقائق ويبّدلونها حتى تخدم أهدافهم الظلامية، فيلبّسون حقيقة دفاع أردوغان وحزب العدالة والتنمية عن الديمقراطية عبر سحرهم وسحرتهم على أنه هو وحزبه هم أعداء الديمقراطية في تركيا ومستبديها؛ الأمر الذي يوجب يعالجه بالتخلص منه وإنشاء ديمقراطية جديدة تكون على مقاسهم ومطلبهم.

كان يعتقد الغرب أن الشعب التركي لن يتحرك ومجرمو العسكر يغتصبون حريته وحكومته، كانوا يمنون النفس بانقلاب جديد يعيد أيام استعبادهم لنا عندما كانت حرماتنا تنتهك ليل نهار، كانت هذه أحلامهم التي سحقها علاج أردوغان الناجع، علاج أردوغان الذي بدأ منذ عام 2002، علاج أردوغان الذي استهدف إعادة كرامة الشعب التركي برفع أغلال العبودية عنه عن طريق تعزيز الحياة الكريمة الطيبة، علاج أردوغان الذي زرع فينا الأمل والحلم في الغد المشرق، علاج أردوغان الذي دفع الناس زرفات ووحدانًا يتدافعون إلى الموت مرخصين أرواحهم دفاعا عن كرامتهم وحريتهم.

قال مندريس من قبل "الكلمة للشعب" ثم عادت تلك المقولة من جديد بشكلها الآخر "الكلمة والقرار للشعب"، لم تكن إضافة كلمة "قرار" بلا فائدة، بل كانت المؤكد على أن الشعب هو صاحب السلطة العليا، وهو صحاب الوطن والدولة والحكومة ويستطيع بذلك إدارتها كما يحب ويرضى، فإن أراد تغييرها غيرها بأصواته، وإن أراد غير ذلك فعل ما أراد غصبا عن كل مستبد ومجرم. في تلك الليلة تجسدت كل هذه المعاني في دموع امرأة خرجت تقاوم الانقلابيين وهي تبكي وتندب الخمس عشرة سنة التي عاشتها بكرامة... نعم كانت وما تزال هذه الدموع هي ملخص كل الحكاية.

عن الكاتب

هاكان البيرق

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس