متين غورجان - المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس

في تشرين الأول/ أكتوبر 2014 كتبت مقالا بعنوان "هل عضوية حلف شمال الأطلسي تكبل تركيا" تناول النقاش الدائر في الرأي العام التركي عن الحلف. ويسأل مقال اليوم: هل يرى الحلف في عضوية تركيا عبئا عليه؟

هناك إحساس متزايد في تركيا بأن الناتو لم يكن مباليا في أعقاب محاولة الانقلاب في 15 يوليو/ تموز، ولم يظهر القلق المناسب الذي تستحقه دولة عضو في الحلف.

يتساءل الناس ما إذا كان صمت الناتو يعني التخلي عن تركيا. وعلى الرغم من رسائل الدعم المتأخرة والفاترة من قبل الناتو في الآونة الأخيرة، فإن قراءة وسائل الإعلام الأجنبية تظهر زيادة ملحوظة في التصريحات حول أن العلاقات بين تركيا وحلف شمال الأطلسي قد ضعفت، وخاصة منذ قمة التاسع من أغسطس/ آب بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومن ثم فهذه العلاقات تمر الآن بأزمة، حتى أن بعض التعليقات تقترح أن هذا هو الوقت المناسب لحلف الناتو لطرد تركيا.

هذه التعليقات تفسر عموما في تركيا على أن الناتو ينأى بنفسه عن تركيا.

الأزمة الأخيرة بين تركيا والناتو كانت بشأن نائب الأدميرال مصطفى زكي أوغرولو الذي أرسل في مهمة إلى مقر قيادة الحلف في نورفلك بولاية فيرجينيا، والذي أصدرت تركيا بحقه أمر اعتقال بتهمة الانتماء لتنظيم فتح الله غولن الإرهابي التي تسللت إلى الجيش التركي.

في الثاني عشر من يوليو وقبل ثلاثة أيام من محاولة الانقلاب، أصدرت تركيا مذكرة اعتقال بحق أوغرولو، وطلبت من الناتو إنهاء مهمته وإعادته إلى تركيا. لكن الناتو تجاهل طلب تركيا، ولم يعفه حتى من الخدمة الفعلية. وحصل أوغرولو على تقرير طبي من مستشفى نورفولك يقول إنه يعاني من الدوار، وسيتعرض للخطر في حال سفره بالطائرة.

وبعد المحاولة الانقلابية في الخامس عشر من يوليو أصدرت تركيا مذكرة اعتقال أخرى بحق أوغورلو بتهمة التورط في الانقلاب.وفي الثامن والعشرين من يوليو فصل أوغرلو رسميا من القوات المسلحة التركية. وفي خبر على موقع الناتو في ال28 من يوليو ظهر أوغرلو وهو يمثل تركيا في ندوة صناعية للناتو في يوم 26 يوليو. وأزيل الخبر والصورة في ال13 من أغسطس بعد أن اضطلعت عليها وسائل الإعلام التركية.

وقد تقدم أوغورلو بطلب الحصول على اللجوء إلى الولايات المتحدة، ويبدو أنه اختفى الآن عن الأنظار.

التصور السائد في أنقرة أن حلف شمال الأطلسي لم يأخذ قضية أوغرولو على محمل الجد. وتقول تركيا إن لدى أوغرولو معلومات بالغة الأهمية عن عمليات تنظيم غولن في تركيا. وهناك أيضا اعتقاد في تركيا أن الناتو متورط في محاولة الانقلاب بسبب الدور الفعال الذي لعبته وحدات عسكرية تشكل جزءا من فيلق الانتشار السريع التركي في الحلف.

وهناك معلومات أيضا بأن معظم ضباط الأركان في مجموعة الانقلاب على تطبيق الواتس أب خدموا لفترة طويلة في داخل الحلف.

ويدعم المزاعم حول تورط الناتو في الانقلاب أن الاتهامات الموجهة لمعظم الجنرالات في ليلة الخامس عشر من يوليو الذين قادوا الانقلاب أو على الأقل أداروه من مقر قيادة القوات في أنقرة، تم رصد عدد من المشاهد التي تثبت علاقتهم القوية مع الناتو.

وقد لعبت بعض وسائل الإعلام التركية ولاسيما المؤيدة لحزب العدالة والتنمية على مثل هذه الأفكار، ولا يمر يوم دون عناوين تروج لأن محاولة الانقلاب التي قام بها أتباع غولن كانت بعلم حلف الناتو، ولم تخل جعبة كتاب المقالات المؤيدين لحزب العدالة والتنمية بعد من الحديث عن المؤامرة.

وتتفق جميع المصادر التي تحدث معها المونيتور في أنقرة على أن الناتو لا يريد ببساطة أن يظهر أي اهتمام بما يحدث في تركيا.

وبحسب تقرير صادر في يوليو 2015 عن صندوق مارشال الألماني التابع للولايات المتحدة في أنقرة، عن رؤية الشعب التركي لحلف شمال الأطلسي، فإن المؤسسات الدولية الثلاثة الأكثر ثقة لدى الأتراك في ذلك الوقت هي المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان 44%، ومنظمة التعاون الإسلامي 39% والاتحاد الأوروبي 39%. ورأى نحو 35% من المشاركين أن تركيا لم تعد في حاجة إلى عضوية الناتو، بينما لم يكن لدى 27% من المشاركين رأي في ذلك، وقال 30% إنهم يثقون بالحلف.

لا توجد استطلاعات للرأي حول نظرة الأتراك لحلف الناتو منذ الخامس عشر من يوليو، لكن من المرجح أن أنه إذا أجري استطلاع، فإن النتيجة ستكون أسوأ بكثير مما قبل 15 يوليو.

ونظرا لرؤية الأتراك السلبية للحلف، اتخذ الناتو خطوات عاجلة وعلنية الدبلوماسية لرواية قصته، ولكن لا توجد حتى الآن أي استجابة جدية من تركيا. يسأل البعض ما إذا كان الناتو سيتوقف عن دعم تركيا، أو أنه بدا يشعر بالإرهاق من الأزمات المستمرة مع أنقرة.

أحدثت محاولة الانقلاب بالتأكيد صدعا وجوديا جديدا في العلاقات بين أنقرة وحلف الناتو، ما أحدث هزة في الأزمة السورية واللاجئين، والخرب على تنظيم الدولة الإسلامية وحزب العمال الكردستاني، وتوازن القوى في شرق البحر المتوسط والبحر الأسود. ويبدو أن حلف الناتو يرغب في تجنب لفت الأنظار إلى علاقته بتركيا، وبدورها تفسر أنقرة ذلك بعدم وجود دعم كاف، ومن ثم فليس من المستغرب أن الشعب التركي يتبنى موقف الدولة نفسه.

وعلى ذلك فإن السؤال هو هل تخلت تركيا عن حلف الناتو أم أن الناتو تخلى عن تركيا؟ أعتقد أن الشخص الأكثر فضولا لمعرفة الإجابة هو فلاديمير بوتين.

عن الكاتب

متين غورجان

محلل أمني وعسكري. عمل مستشارا عسكريا في السفارة التركية في كل من أفغانستان وكازخستان وقيرغزستان فيما بين 2002-2008


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس