بريل ديدي أوغلو - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

يعود توقيت محاولة الانقلاب الفاشلة بشكل عام إلى التطورات الداخلية الحاصلة في البلاد، وبما أنه يوجد دعم خارجي لمحاولة الانقلاب هذه فهذا يعني وجود علاقة بين محاولة الانقلاب والتطورات الإقليمية في المنطقة، فبعض القطاعات الأمريكية كان لديها علم بمحاولة الانقلاب بل وكانت تدعمها والدلائل على ذلك موجودة، أضف إلى ذلك أن أمريكا يهمها النظام الداخلي في تركيا لأنه متعلق بالاستراتيجيات الإقليمية في المنطقة.

قبل أحداث 15 تموز/ يوليو كانت تركيا متّجهة للتدخل في الأزمة السورية للضغط على نظام الأسد والمطالبة بسقوطه وباستخدام الجيش السوري الحر عسكريا وبدعم الحكومة المؤقتة السورية سياسيا لتحل محل نظام الأسد، وفي تلك الفترة أعلنت تركيا دعمها  لمشروع الربيع العربي بصوت عالي، لكن لعب تنظيم داعش دورا كبيرا في تغيير هذا المشروع وتأزييم المشكلة أكثر وأكثر.

وقد كان هدف الجيش السوري الحر هو الحرب ضد نظام الأسد، لكن الأخير كان يحارب داعش وتنظيم بي ي دي يدعم نظام الأسد في محاربته، فدعم تركيا للجيش الحر يهدف إلى تبديل نظام الأسد وتنظيم بي ي دي بالجيش الحر ليحل محلهما في قتال داعش، لكن أدت هذه الفوضى إلى ترك خطة التحالف ضد داعش.

ضرورة التدخل

وُضِعت الخطة الأولى جانبًا، ولكن لم يتم التخلي عن استراتيجية إبعاد تركيا عن دخول سورية، بل كان هناك مخطط لاقتراح خطة جديدة وهي دخول تركيا لسورية لمحاربة داعش إلى صف الجماعات الكردية المسلحة، لكن تنظيم بي كي كي لم يوافق على هذا الاقتراح.

وبعد تدهور العلاقات الروسية التركية بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية لم تعد تركيا بحاجة لروسيا للدخول إلى سورية، واعتقد البعض أن تركيا ستدخل سوريا رغم أنف روسيا، صمدت تركيا رغم هذا وكان بديل هذا الصمود هو محاولة انقلاب 15 تموز.

كانت تركيا ستصبح رئيسة التحالف ضد تنظيم داعش في ظل تدهور العلاقات مع روسيا المتأهبة، وكان هذا سيؤدي إلى احتمال اصطدامها بروسيا، لكن بحربها مع داعش سوف تحطم تأثير روسيا من جهة و سوف يسمح ذلك لنظام الأسد باستعادة قوته وأيضا باستعادة قوة الكانتونات الكردية، فقط بطريق واحد هو إلحاق الضرر بداعش.

إعطاء الموافقة للتدخل

لقد تغيرت الظروف والشروط بعد إفشال محاولة إنقلاب 15 تموز، واختارت تركيا الجيش الحر للدخول إلى سورية لمنع إنشاء الأكراد لكوريدور كردي، ونسقت مع روسيا وأمريكا في عملية الدخول حتى أنها أقنعتهم بإنشاء منطقة آمنة، لكن بالمقابل على تركيا القضاء على تنظيم داعش والقبول بتمديد فترة حكم الأسد.

في الحقيقة إن أحداث دخول تركيا إلى سورية قد جعلت أمريكا تختار بين احتمالين قبل تحديد موقفها واتخاذ قرارها وهذان الاحتمالان هما: "هل دخلت تركيا بموافقة روسيا، أم غصبا عن روسيا؟". واليوم يبدو أن قرار أمريكا يستند إلى "موافقة روسيا"، لكن هذا لا يعكس رأي كل السياسيين الأمريكيين وحلفائهم.

إن لم يستطِع تنظيم "بي ي دي" القيام بأعمال تظهر فشل تركيا في هذا الدخول فإن أمريكا ستفهم أن جبهة "تركيا- روسيا" قد نجحت، وسوف يتم إخراج التنظيمات الكردية من اللعبة، لكن علينا أن لا ننسى أن تنظيمي بي كي كي- بي ي دي من الممكن ألا يقبلا بأن يزاحا من اللعبة وسوف يتقربان من حلفاء أمريكا أكثر وإن استمرار هذا سيسبب خطرا كبيرا على تركيا.

عن الكاتب

بريل ديدي أوغلو

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس