أمين بازارجي – صحيفة اكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

في سبعينات القرن الماضي تكوّنت النواة الأولى لما عُرف بعد ذلك بالقاعدة في أفغانستان، وفي ثمانينيات ذلك القرن قامت أمريكا بدعم تلك العناصر من أجل كسب المعركة، لم تكسب الولايات المتحدة الأمريكية معركة أفغانستان، وعلى نفس الطريقة لم تكسب أيضا معركة الصومال، ثم بعد ذلك بسنين جاءت إلى العراق وخلعت صدام لكنها في محصلة الحسابات خرجت من العراق ويديها فارغتان! على نفس اللحن ما زالت أمريكا ترقص في سوريا، وعلى نفس ذلك الدرب القديم ما زالت تتخبط ولا تعرف لنفسها هُدى أو طريقًا قويمًا، ومع نهاية فترة الرئيس أوباما ما زالت أمريكا غير واضحة الموقف والرؤية فيما يتعلق بالمشهد السوري.

ترى القيادة الأمريكية في القوات الأوروبية "يوروكوم" (EUROCOM) المشهد السوري بصورة مشابهة كثيرا لما تراه أنقرة، فهم يدعمون المنطقة الآمنة التي تريدها تركيا، ويدعمون أيضا تنفيذ الحظر الجوي في سوريا، كما يقدّرون موقف أنقرة من وحدات حماية الشعب الكردي ويشعرون بنفس حساسيتنا منهم. في المقابل فإن القيادة المركزية للقوات الأمريكية ترى عكس ذلك تماما، فهم قريبون جدا من وحدات حماية الشعب الكردي، ويدعمون الممر الكردي في الجنوب، ويتعاملون مع المشهد السوري على أساس واقعيّة تقسيمه.

تعيش التصريحات الأمريكية تناقضات مستمرة على كل الشاشات ووسائل الإعلام العالمية، فقبل أيام خرج الرئيس أوباما وصرح بان أمريكا لا تريد منطقة آمنة محظورة جوا، وقال إنه لا يرى أنها ستكون حلا للأزمة في سوريا، ثم بعد ذلك بأيام خرج وزير خارجيته كيري وأيّد المقترح التركي بإنشاء المنطقة الآمنة! ما كل هذه التناقضات؟ وكيف يوفقون بين حليفهم التركي الاستراتيجي ودعمهم للتنظيم الإرهابي وحدات حماية الشعب الكردي؟ ثم كيف يفسرون ضرب أمريكا بطائراتها قوات الأسد وتسليم مناطق سيطرته لتنظيم داعش؟ وما معنى التفاهم مع روسيا ثم نقض ذلك الاتفاق بعد فترة وجيزة؟ كل هذه الألعاب الطفولية لا يمكن تفسيرها إلا 1- بأنهم لا يعلمون ما يريدون وما تزال قلوبهم وعقولهم مضطربة 2-أنهم يقومون بكل هذه الألاعيب حتى يدفعوا المشهد السوري إلى مزيد من الفوضى والانقسام.

لا يمكن أن يوافق الموقف الأمريكي من تركيا وعدوها حزب العمال الكردستاني العقل ولو بمسافة شبر واحد، فكيف تعتقد أمريكا أنها ستستطيع التوفيق بين حليفها تركيا ودعمها بالأسلحة الاستراتيجية لوحدات حماية الشعب الكردي فرع حزب العمال الكردستاني في سوريا، ألا تعلم أمريكا أن أسلحتها هذه ستصل للعناصر الإرهابية في تركيا وستُستخدم ضد الجيش والشعب التركي؟ كيف ترى أمريكا أنها ستستطيع جمع الجيش التركي جنبا الى جنب مع الإرهابيين في معركة الرقة؟ انها وبكل تأكيد أحلام عصافير لا تمت بالواقع باي صلة ممكنة.

على نفس الضلال ما زالت أمريكا ترقص ولا تستجيب لأي منطق في ملف حزب فتح الله غولن الإرهابي، فهم يعلنون ويصرحون بأنهم مع تركيا وديمقراطيتها، لكنهم لا يريدون تسليم الإرهابي فتح الله غولن، كيف يُعقل هذا؟ هل يحسبون بأننا عُميان لا نرى؟ أم ماذا بالله عليكم...

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس