ترك برس

رأى سياسيون وعسكريون عرب أن تركيا ستصبح قدوة للدول الإسلامية الأخرى حال فوز الحزب الحاكم في الاستفتاء الدستوري المرتقب، حيث سيعطي النظام الرئاسي فرصة أكبر لإجراء إصلاحات ضخمة ووضع البلد في مصاف الدول الكبرى.

وفي 21 يناير/كانون ثان الماضي، أقر البرلمان التركي مشروع التعديلات الدستورية، الذي تقدم به حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، ويتضمن الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي.

كما تشمل التعديلات المقترحة على زيادة عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600 نائب، وخفض سن الترشح للانتخابات العامة من 25 إلى 18 عامًا.

ولإقرار التعديلات الدستورية، ينبغي أن يكون عدد المصوتين في الاستفتاء الشعبي المقرر إجراؤه يوم 16 أبريل/نيسان الجاري، بـ""نعم" أكثر من 50% من الأصوات (50+1).

المؤرخ الأردني "علي محافظة"، قال إن تصويت الناخبين الأتراك لصالح التعديلات الدستورية المقترحة "سيحول تركيا إلى نموذج عالمي تتطلع إليه الدول الإسلامية الأخرى السّاعية إلى الحرية والديمقراطية".

وأوضح محافظة، خلال تصريحات لوكالة الأناضول التركية للأنباء، أن فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الاستفتاء على التعديلات الدستورية سيحوّل نظام الحكم في تركيا من ديمقراطي برلماني إلى رئاسي يتمتع فيه الرئيس بصلاحيات واسعة.

ومشيدا بالتعديلات المقترحة، مضى صاحب كتاب “تركيا بين الكمالية والأردوغانية" قائلا إنها "ستعطي سلطات أوسع للحزب الحاكم، بما يشبه إلى حد بعيد النظام الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية".

وشدد المؤرخ الأردني على أن "الشعب التركي بطبيعته مسلم ويتقيّد بتعاليم الإسلام السمحة، ولم يتخل يوما عن الدين الإسلامي، وبناء عليه ستصبح تركيا حال فوز حزب العدالة والتنمية في الاستفتاء القادم نموذجا ومثالا للحرية والديمقراطية تتطلع الدول الإسلامية الأخرى إلى الاقتداء به".

وزاد بأنه من شأن تبني هذه التعديلات الدستورية أن "يحول تركيا إلى دولة ديموقراطية أقرب إلى مفاهيم الإسلام التقليدية، مثل الخلفاء والسلاطين، مع الفارق الكبير بوجود دستور يحدد صلاحيات رئيس الجمهورية".

وذهب "محافظة"، وهو أستاذ للتاريخ في جامعات أردنية عديدة، إلى أن "نجاح الاستفتاء على التعديلات سيقلل إلى حد كبير من النزعة العلمانية القوية في تركيا، والتي هيمنت على الساحة السياسية من عام 1923 وحتى 2008 تقريبا".

عادل سليمان، اللواء المتقاعد في الجيش ورئيس منتدى الحوار الاستراتيجي لدراسات الدفاع والعلاقات المدنية العسكرية (غير حكومي/ مقره القاهرة)، قال إنه "من الأفضل أن يتحول النظام التركي من البرلماني الصِرف إلى الرئاسي، حيث أن رئيس الدولة حاليا ليس له سلطة، بل مجرد رمز للدولة".

وأضاف سليمان للأناضول أن "التعديلات الدستورية ستعطي فرصة أكبر للإدارة التركية للتعامل مع ملفاتها بدرجة أعلى من المرونة، وقدرة أكثر على الحسم".

وتابع موضحاً أن النظام البرلماني "أكثر سوءا على الوضع التركي الحالي؛ فالنظم البرلمانية، مع تعدد الأحزاب والاتجاهات الكثيرة، تدفع إلى تشكيل حكومة ائتلافية دائما ما تكون ضعيفة، بينما النظام الرئاسي أكثر حسما في قضايا كثيرة".

واستنكر الخبير العسكري المصري الهجوم الأوروبي على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منذ الإعلان، الشهر الماضي، عن الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية المقترحة في بلاده.

واعتبر سليمان أن "أوروبا دائماً لا ترى في صعود القوى الجديدة أمر مناسب لها، وهو ما يتمثل حالياً في تركيا التي تصعد بسرعة كبيرة عبر تطوير نظامها السياسي والاقتصادي وموازنة علاقاتها الدولية والإقليمية بشكل كبير، وسعيها للتحول إلى دولة صناعية كبيرة".

وشدد على أن "النظام الرئاسي سيجعل تركيا في تنافس مع الدول الغربية الأخرى، خاصة في ظل ظروف الاتحاد الأوروبي الحالية"، في إشارة إلى خطر التفكك الذي يعانيه الاتحاد بعد بدء بريطانيا إجراءات الخروج منه.

وربط سليمان بين توقيت الهجوم الغربي على أردوغان والاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا، قائلا إن "التعديلات ستعطي سلطات أعلى للرئيس وحزبه (العدالة والتنمية) وقدرة أكبر على الإصلاحات المطلوبة للمضي بخطوات أكثر حسماً، وهو ما يتخوف منه الغرب".

ونصح الخبير العسكري المصري الإدارة التركية بـ"التعامل مع الهجوم الغربي بطريقة إيجابية، وبالتحرك السريع وتوسيع قاعدة علاقاتها بشكل أكبر"، وختم بأن "تركيا حالياً تقريباً بلا مشاكل مع أية قوى إقليمية، وتقوي علاقاتها الدولية".

فيما رأى الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء متقاعد محمد علي بلال، قائد القوات المصرية في حرب الخليج عام 1991، أن "الرئيس التركي يتطلع (عبر التحول إلى النظام الرئاسي) إلى إلى أن تكون له صلاحيات تعطيه الفرصة الأكبر لعمل إصلاحات ضخمة داخل الدولة".

وأكد بلال، في حديث مع الأناضول، أن "هذه التعديلات مهمة جداً بالنسبة لتركيا، نظراً لكونها دولة كبيرة ولها دور فعَّال في الشرق الأوسط.. هذه التعديلات تدفع إلى إحياء هذا البلد ووضعه في مصاف الدول الكبرى".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!