أسعد مصطفى - خاص ترك برس

سيادة الرئيس

 تابعنا باهتمام وتفاؤل التوجه الفرنسي الواسع لاختياركم رئيسا للجمهورية ، و كان ذلك مصدر أمل لنا نحن السوريين، لقناعتنا أن القادة الحقيقيين  يقفون مع حركة التاريخ و نزوعها الحتمي نحو حرية الشعوب و الانعتاق من الظلم و الدكتاتورية ، و قد فوجئنا بتصريحاتكم الأخيرة ان مجرم الحرب بشار الاسد ليس عدوا لفرنسا و التي تركت جرحا عميقا في قلوب أكثر من عشرين مليون سوري ينشدون الحرية و الديموقراطية و الدولة العصرية التي كانوا قد بنوها فعلا خلال الفترة 1947 -1963  بين نهاية مرحلة الاستعمار ووصول الحكم العسكري الطائفي إلى سوريا الذي رسخه آل الأسد.

 وقد شكلت تلك التصريحات صدمة كبيرة للسوريين والسوريات لأنها  جاءت من رئيس فرنسا التي حملت ارث الحرية على مدى قرون ، فليست هذه  فرنسا  جان جاك روسو و فولتير و ديغول وشيراك وميتيران و دوفيلبان و آلان جوبيه .

ولأن قيم العدالة والحرية التي يحملها القادة التاريخيون لها وجه واحد في الداخل و الخارج، لم نصدق ان زعيم دولة كفرنسا يقول بالفم الملآن أن بشار الأسد مجرم بحق الشعب السوري و لكنه ليس مجرما بحق فرنسا، في عصر أقام فيه العالم مجلسا للأمن و مجلسا لحقوق الإنسان و محاكم دولية لمجرمي الحرب،  و قد أناط هذه المسؤولية بخمس دول دائمة العضوية  تقع فرنسا في قلبها.

سيادة الرئيس،

إذا كنتم حريصين على حرمة الدماء الزكية و البريئة للضحايا الفرنسيين الذين سقطوا ضحية الإرهاب الأسود فمن الواجب تحديد مصادر الارهاب ورعاته و أدواته، هذا الإرهاب الذي تقوده مؤسسات إقليمية معروفة تنشر جرائمها عبر العالم محورها النظام السوري، و أنتم  أكثر من يعرف تاريخ هذا النظام الارهابي، فهو مؤسس مدرسة الاغتيالات والسيارات المفخخة مع شريكيه إيران و حزب الله، وتعلمون ان حافظ الأٍسد هو مرتكب مذبحة ثلاثمائة وخمسين من جنود المارينز الفرنسيين و الأمريكيين في بيروت عام 1982 وحرق اجسادهم بتفجير إرهابي كبيربالتنسيق مع شركائه في لبنان، ألا تعتبرون هذا المجرم عدوا للشعب الفرنسي

 وأنتم تذكرون ان نظام الأسد اغتال رئيس وزراء سوريا اليساري صلاح البيطار في قلب باريس في ثمانينات القرن الماضي و هو مؤسس حزب البعث و  ويبشربالثقافة الفرنسية، أليس هذا عدوان على القانون والشعب الفرنسي، و أنتم تعلمون ايضا ان نظام الأٍسد الاب والابن هو الذي نفذ حملة اغتيالات رهيبة على مدى عشرين عاما لتصفية رجالات لبنان الأحرار من نقيب الصحفيين كامل مروة بعد حرق و قطع أصابعه ، و اغتيال الزعيم كمال جنبلاط و الرئيس رينيه معوض و الرئيس رفيق الحريري و المفتي حسن خالد و رئيس الحزب الشيوعي جورج حاوي و الصحفيين الكبيرين جبران تويني و سمير قصير والوزير بيير جميل و عشرات من القادة والسياسيين الكبار، وهم  جميعا يشربون من لبن فرنسا الأم ،و عجزت الدول الكبرى ومنها فرنسا أو صمتت عن سوق أي واحد من القتلة الى محاكم العدالة الدولية،وقد انهار لبنان باريس الشرق ولم تقم له قائمة حتى الان ، أليس الاسد الاب والابن مرتكبي كل هذه الجرائم عدوين للشعب الفرنسي؟، وهل تسقط جرائم الطغاة بالتقادم ليمنحوا فرصة لجرائم أكبر لم تعرفها البشرية كما يفعلون بالشعب السوري امام سمع وبصر العالم

ونظام الاسد هو الذي رعى اوجلان ومنظمة " بي كي كي " الارهابية في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وانشأ له معسكرات في غوطة دمشق وسهل البقاع في لبنان لتنفيذ عمليات التفجير والقتل في مدن تركيا بهدف اشعال فتنه بين مكونات الشعب التركي وقد ذهب ضحية العمليات الارهابية عشرات آلاف الضحايا المدنيين الأبرياء في شوارع تركيا وبتنسيق ودعم مباشر وباشراف اللواء عدنان بدر حسن رئيس الامن السياسي واللواء محمد منصوره رئيس المخابرات العسكرية في الحسكه آنذاك

سيادة الرئيس،

إن تأسيس شبكات الإرهاب بأسمائها الإسلامية و القومية تعود إلى نظام الأسد و مخابراته فهو الذي نفذ في ثمانينات القرن الماضي أول عمليتيين إنتحاريتيين عرفتهما المنطقة  في جنوب لبنان نفذتهما  سناء محيدلي وحميده الطاهر العضوتين في تنظيم الشبيبة الأسدي  اللتين فجرتا نفسيهما وبإشراف اللواء محمد الشعار ضابط المخابرات السوري حينذاك ووزير داخلية النظام السوري حاليا، وبشارالأسد كما تذكرون هو من أرسل عشرات آلالاف لدعم تنظيم القاعدة  بقيادة ابو مصعب الزرقاوي ، والذين كانوايتوافدون على المطارات السورية وترسلهم المخابرات السورية الى العراق بعد عام 2003 و قد قتلوا من الجنود الأمريكيين و حلفائهم أكثر من 4200 جندي بإعتراف الولايات المتحدة الأمريكية وأعلن النظام السوري يومها أنه لا يستطيع حماية حدوده مع العراق لأن أمريكا لا تستطيع حماية حدودها مع البرازيل، فالذي يدعم تنظيم القاعدة بالرجال والمال وهو الاب لتنظيم داعش ، أليس هذا عدو للشعب الفرنسي ايضا؟

ألم تشاهدوا صور اثنتي عشرة ألف ضحيه من أصل خمسة وخمسون ألف  قتلت جوعا وتعذيباً في سجون الأسد وثقها الضابط المسيحي الحر سيزر الذي إنشق عن نظام الأسد وعرضها أمام الكونغرس الأمريكي ، أولم تتابعوا صور عشرات آلاف الضحايا في محرقة سجن صيدنايا الذي سمته الأمم المتحدة المسلخ البشري الحي ، الأمم المتحدة التي تشكلون مع أربع دول اخرى رئاستها  وتملكون قرارها أيضا.

وليتكم تريثتم  لتسألوا مؤسسات دولتكم و مخابراتكم الذين كانوا أول من أعلن بأمانة وموضوعية نالت احترام وتقدير الشعب السوري وكل شرفاء العالم،  بأن بشار الأسد هو من استخدم السلاح الكيماوي لقتل الأطفال و النساء في غوطة دمشق و خان شيخون و في عدة مواقع سورية أخرى،وأنها تملك وثائق دامغة لذلك ، هذا فوق براميل الموت  و النابالم الحارق التي تجاهلتم وتجاهلها العالم إذ لامانع أن يموت السوريون بهذه الأسلحة الرحيمة جدا ويدفنون تحت ركام منازلهم أحياء مع أطفالهم ونساءهم.

ألم تتابعوا سيادة الرئيس بالأمس القريب إعترافات الوزير ميشيل سماحة المستشار السياسي لبشار الأسد أمام القضاء اللبناني بأن المتفجرات التي ضبطت في سيارته حملها ليفجر كنائس في لبنان ويقتل البطريرك ويشعل حرباً طائفية تخصص بها نظام الاسد، واعترف ان ذلك قد تم بتعليمات من  اللواء علي مملوك مستشار الأمن القومي في سوريا حاليا والمطلوب للقضاء اللبناني ، وتم ذلك ايضا بالتنسيق مع بثينة شعبان مستشارة بشار الأسد، أليس هذا اعتداء على الشعب الفرنسي الذي يعتبر حماية لبنان عموما و المسيحيين خصوصا مسؤولية وطنيه واخلاقيه فرنسية؟

 وليتكم سألتم اصدقاءكم الشهداء الأحياء وقادة لبنان الكبار الزعيم وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع والوزيرمروان حماده عن سجل الأسد الأب والابن الارهابي.

إن كل الدول الكبرى و منها فرنسا تعرف العلاقة بين المخابرات السورية و تنظيم داعش الذي لم يحاربه نظام الأسد  مرة واحدة ونظام الأسد هو الذي سلم الرقة الى داعش في يوم واحد ، و تنظيم داعش موجود في مخيم اليرموك في قلب دمشق و في تدمر و في دير الزور  و النظام السوري تركه حرا وترك له الأسلحة , والتنظيم يجوب البادية السورية بين الرقة وتدمر بينما تفرغ الأسد لقتل مليون سوري و شوه مليون و نصف و هجر 15 مليون داخل و خارج  سوريا و دمر ثلاث ارباع مدن وقرى سوريا الداخلية فوق اهلها

إن تصريحات رئيس فرنسا  تمثل ضوءا أخضر لطاغية دمشق ليقوم بمزيد من جرائم الإبادة للسوريين ولم يعد هناك اي معنى لخطوطكم الحمراء حول استخدام  السلاح الكيماوي حيث سيقوم بشار الأسد وحلفاؤه بقتل السوريين بالصواريخ و الراجمات و النابالم وبراميل الديناميت والحاويات البحرية ، وسوف تكونون من حيث تدرون او لا تدرون شركاء في ابادة وتهجير السوريين، وتفريغ سوريا من اهلها واستيراد مرتزقه بديلا عنهم فهل تقبلون بذلك؟

سيادة الرئيس

اننا ندعوكم من خلال مسؤوليتكم كدولة عضو في مجلس الامن ، وكدولة فاعله ضمن مجموعة اصدقاء الشعب السوري وقفت مع الثورة السوريه منذ انطلاقتها، و باسم عائلات أكثر من مليون قتيل وأكثر من مليون معاق ومشوه وأربعمائة ألف أرملة  وأكثر من ستمائة ألف يتيم وأكثر من أربعين ألف مغتصبة بالإضافة إلى خمسة عشر مليون لاجئ و مشرد طردوا من بيوتهم التي دمرت وحرقت  يجوبون  أصقاع العالم وبحاره،وباسم كل ذوي الضحايا الذين قتلهم نظام الأسد الأب والابن على مدى خمسين عاما في سوريا ولبنان والعراق وتركيا والأردن وعلى امتداد العالم ندعوكم الى العودة عن تصريحاتكم التي تتناقض مع مسؤوليات فرنسا القانونية والأخلاقية كعضو في مجلس الامن وكدولة تدعم قيم الحرية والديمقراطيه وحقوق الانسان وتحارب الارهاب والطائفية ، وستشكل تلك التصريحات غطاء لنظام الاسد  وحلفائه الارهابيين ، لمزيد من القتل والتدمير وهو مافهمه النظام ويمارسه كل يوم . و ستقضي على أي أمل في عملية سلام حقيقية وغير خادعه تحقق انتقال سياسي كامل للسلطه الى حكومه جديده تمثل الشعب السوري ولا وجود لمجرم الحرب بشار الأسد وزمرته فيها وفقا لنص بيان جنيف 1 وقرار مجلس الامن 2118 .

ما زال الشعب السوري ياسيادة الرئيس يأمل ان تقف فرنسا  وبصحوة ضميرمع حق الشعب السوري في الحرية والديمقراطيه وبناء الدولة المدنيه،  لترد للسوريين بعض الجميل عن ربع قرن من  الاستعمار،  وتكفر عن ما يحدث في سوريا الآن من جرائم و الذي هو بعض من نتائج و مفاعيل فترة الاستعمارالفرنسي تلك

   والشعب السوري بالرغم من عدوان دول كبرى إقليمية وعالمية وفي طليعتها روسيا وايران وأكثر من ستين مليشيا ارهابيه طائفية ،  ووقوفه وحيدا على مدى سبع سنوات ولم يسعفه احد بما يمكنه من الدفاع عن نفسه ، سينتصرحتما على الدكتاتورية والطائفية والإرهاب،

وسيكون مصيربشار الأسد مهما تم الترويج له كمصير شاوشيسكو و القذافي و مجرم كمبوديا و مجرمي النازية و ميلوزوفيتش و أمثالهم من اعداء الانسانية ولم يحدث ان انتصر  طاغية على شعبه

واذا كنتم  تهتمون بمشاعر مواطنيكم الفرنسيين وأعدائهم فقط، فهل راعيتم مشاعر ملايين الفرنسيين من أصول سورية و عربية و مسلمة الذين انتخبوكم و هم يقفون مع الشعب السوري الجريح ويرفضون نظام بشار الأسد وكل الأنظمة العسكرية الدكتاتورية التي تنتمي الى زمن تجاوزه العالم .

لقد وقف ديغول في نهاية الحرب العالمية الثانية  والانتصار على النازية على أطلال باريس  و قال كلمته التاريخية: باريس الحبيبة، باريس المدمرة، ولكنها باريس الحرة.

وسوريا التي تعب النظام و المجرمون الغزاة حتى من حراستها  ومهما اصابها من دمار ونزفت من دماء سوف تعود  سوريا الحرة . 

عن الكاتب

أسعد مصطفى

وزيرالدفاع السابق في الحكومة السورية المؤقتة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس