محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

مرت عملية السلام والمصالحة الوطنية مع الأكراد، بنقطة تحول حادة، حينما حصلت احتجاجات عين العرب "كوباني" في السادس والسابع من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وقد أظهر حزب العمال الكردستاني قوته في التأثير على الشارع، من خلال حرقه للأزقة وللممتلكات، لكنه أيضا توصل إلى حقيقة هامة، مفادها أنّ المجتمع الكردي لا يريد العنف، وأنه يريد تحقيق سلام دائم من خلال عملية المصالحة، لهذا أجرى الساسة الأكراد العديد من اللقاءات مع زعيمهم في إمرالي بعد تلك الأحداث.

في اللقاءات الأخيرة، مثّل حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي أسماء أكثر "عقلانية"، مثل "خطيب دجلة" و"ليلى زانا"، وهذا يعني حدوث تغيرات هامة في رؤية الحزبين، ويعني بدء مرحلة جديدة.

وهذا ما كنا نحتاجه، لأن الفترة الماضية شهدت حدوث العديد من الهفوات ما بين تركيا وبين الساسة الأكراد، خصوصا أولائك الذين ينظرون إلى عملية السلام والمصالحة الوطنية بصورة مختلفة، ولا يسعون جديا إلى تحقيقها، لكن عبد الله أوجلان يدرك جيدا ما يدور حوله، ولا شك أنّ المقابلة الأخيرة مع أوجلان وما نتج عنها يعطينا المزيد من الأمل.

لم تصدر تصريحات حتى الآن عن حزب الشعوب الديمقراطي، بعد لقائه الأخير بعبد الله أوجلان، لكن سمعنا بعض التسريبات التي مفادها، أنّ الأشهر القادمة (4-5 أشهر)، أو بصورة أخرى، حتى عيد النوروز القادم، يحضرون أنفسهم إلى ربيع مختلف تماما. ولكي لا يتحول هذا الربيع مجددا إلى خريف، على الحكومة التركية وكذلك على حزب العمال الكردستاني اتخاذ بعض الخطوات الجريئة من أجل تحقيق عملية السلام.

ما زالت الحكومة التركية تُصرّ على نقطتين، إيقاف كل الأحداث التي من الممكن أنْ تؤثر على الشعب، وإنهاء سياسة "الحرب" المتخذة ضد تركيا من قبل حزب العمال الكردستاني. وكما قال أحد المسئولين الأتراك:"ما زالت المنظمة الكردية تحاول ممارسة تطهير عرقي، وما زالت تجبر الأكراد على الهجرة إلى الجبال، فمتى تغيرت سياستهم هذه، لن يتبقى أي مشكلة بدون حل".

وبالانتقال إلى محور حزب العمال الكردستاني-حزب الشعوب الديمقراطي، نلاحظ تمسكهم بعدة مطالب، منها ما هو قريب من التحقيق كحقهم في الحصول على التعليم بلغتهم الأم، لكن أصل مطالبهم يتمثل في تقوية العلاقة بين حزب العمال الكردستاني وبين أوجلان، وكذلك قضية الأسرى المرضى منهم، ويسعون إلى الحصول على ضمان قانوني يضمن لهم العودة إلى بيوتهم بصورة آمنة.

وهنا يضيف المسئول التركي:"يتحدث أصدقائنا في حزب الشعوب الديمقراطي عن 58 أسير مريض، وحسب معلوماتي فإنّ العدد لا يتجاوز 40 أسيرا، هذه قضية يمكن حلها، لكن الأهم، هو أنْ لا ترى منظمة الأكراد تركيا كعدو لها، فهذه رؤية يجب أنْ تتغير...".

وباختصار، فإنّ الحكومة التركية تريد من حزب العمال الكردستاني، سحب قواته المسلحة من تركيا حتى آذار/مارس القادم، وما يريده حزب العمال الكردستاني من تركيا، هو أنْ يستطيع الأول تكوين علاقة قوية مع أوجلان بكل أريحية ودون معيقات، وكذلك إزالة اسم الحزب من المنظمات الإرهابية، وضمان قانوني لعودة آمنة لهم.

هذه الأمور ليست صعبة ولا مستحيلة على الطرفين، وبهذا الخصوص سمعنا بعض الأقاويل التي تتحدث عن أنّ حزب العمال الكردستاني سيعقد مؤتمرا بداية العام المقبل، من أجل الإعلان عن هذه القرارات، فهذه الخطوات يجب اتخاذها بكل شجاعة، وبعد ذلك سيبقى الأمر بيد "السياسة"، وسيكون الأمر أسهل لتحقيق عملية سلام ومصالحة وطنية يتوق لها الجميع.

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس