ترك برس

بعد مرور عام على محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، كيف تمكّنت تركيا من مواصلة مشاريعها الضخمة، ومواصلة نموها، رافضةً الاستسلام للآثار الاقتصادية التي خلّفتها المحاولة.

مع انطلاقة عام 2017م، أبدت مؤشرات الاقتصاد التركي أداءً إيجابياً، إذ حققت خلال الربع الأول من العام الجاري نمواً اقتصادياً بنحو 5 في المئة، وهو ما اعتُبِر تقدّماً ملحوظاً، بعد التوترات التي شهدتها تركيا خلال العام الماضي 2016م، إذ كانت التوقعات تُشير إلى أن معدل النمو لن يتجاوز 3.5 في المئة.

وفي صباح 18 يوليو/ تموز، عادت الأسواق لتفتح أبوابها وكأن شيئاً لم يحدث.

الليرة التركية تستعيد عافيتها

وفي حين وصل سعر صرف الدولار إلى نحو 3.9 ليرة تركية، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، وهو ما يُعد تراجعاً قوياً، عملت الحكومة التركية على إعادة الاستقرار للعملة، من خلال الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي، كتحريك سعر الفائدة بنسبة 0.5 في المئة، وبالإضافة إلى وقوف الشعب التركي بجانب هذا التحدي، من خلال تحويل ما لديهم من عملات أجنبية إلى الليرة التركية، والبورصة التركية التي اتخذت موقفاً مماثلاً، مما أدى إلى تحسين قيمة العملة من جديد، ليصل اليوم سعر صرف الدولار إلى نحو 3.5 ليرة تركية.

الصادرات تحقق ارتفاعاً ملحوظاً

من ناحية أخرى، فإن الصادرات التركية التي شهدت انخفاضاً خلال شهر يوليو/ تموز من عام 2016م، حيث وصلت إلى 9.8 مليار دولار، عادت للارتفاع خلال شهور، حيث سجّلت 12.7 مليار دولار لشهر ديسمبر/ كانون الأول، و13.6 مليار دولار لشهر مايو/ أيار، وهو ما يُمثّل ارتفاعاً ملحوظاً مقارنةً بالأشهر السابقة لمحاولة الانقلاب.

وحققت تركيا صادرات بقيمة 64.3 مليار دولار، خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري 2017م، أي بزيادة قدرها 10.1 في المئة، مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي 2016م.

تدفق الاستثمارات الأجنبية يعود بقوة

تمكّنت تركيا من جذب 12.3 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة عام 2016م، منها نحو 3.7 مليار دولار خلال الربع الأخير من عام 2016م، وخلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري 2017م، وصل حجم الاستثمارات الأجنبية إلى نحو 4.7 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 11 في المئة، مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي.

وفي حديث لصحيفة "ديلي صباح" قال "أردا إرموت" رئيس وكالة دعم وتشجيع الاستثمار في تركيا (ISPAT)، إن زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا تُثبت ثقة المستثمرين في البلاد، حيث أن الاستثمارات ما زالت مستمرة وبقوة، بعد عام على محاولة الانقلاب الفاشلة.

وأضاف إرموت: "أثبت العام الماضي، مرةً أخرى، أن الاقتصاد التركي مرن، وقادر على مواجهة التحديات المُحتملة."

وأشاد إرموت بالإصلاحات، والحوافز التي قدمتها الحكومة التركية، في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة، والتي أدت إلى دعم النشاط الاقتصادي في البلاد، وتحسين بيئة الاستثمار، مُشيراً إلى أنه اعتباراً من يونيو/حزيران 2017م، تم منح قروض بقيمة 180 مليار ليرة تركية، كان لها تأثيراً إيجابياً على تنشيط الاقتصاد التركي.

تركيا تواصل مشاريعها العملاقة

في صباح يوم 16 يوليو/ تموز عام 2016م، كان أكثر من 17 ألف عامل وموظف، في مطار إسطنبول الثالث، قد وصلوا إلى دوامهم تماماً مثل أي يوم آخر، حيث لم يتوقف العمل على أكبر مشروع في تاريخ الجمهورية التركية، رغم محاولة الانقلاب الفاشلة في الخامس عشر من يوليو، وفقاً لما ذكره مسؤولون في شركة "IGA" التي تدير بناء المطار الثالث لصحيفة "ديلي صباح".

وقال مسؤولون إداريون في الشركة، إن محاولة الانقلاب الفاشلة في الخامس عشر من يوليو/ تموز 2016م، لم تُعطّل أعمال البناء المستمر للمطار، إذ في صبيحة اليوم التالي لمحاولة الانقلاب، كان العمّال والموظفين البالغ عددهم نحو 17 ألف، قد بدأوا أعمالهم تماماً كأي يومِ آخر، وكأن شيئاً لم يحدث، وهو ما مثّل ردّاً قاسياً للمتآمرين في الانقلاب.

وأضاف المسؤولون: "لم تتوقف أعمال البناء أبداً، تأكيداً على أن تركيا ستبقى ثابتة في وجه الهجمات التي تستهدف الوحدة الوطنية، والتنمية الاقتصادية، ولن يتمكّن المتآمرون من التأثير على الاستقرار الاقتصادي للبلاد.

ويعتبر مطار إسطنبول الثالث، أكبر مشروع في تاريخ الجمهورية التركية، وسيوفر المطار بعد اكتماله، رحلات مباشرة إلى أكثر من 350 وجهة حول العالم، ما يجعله واحداً من أكبر مراكز النقل في العالم، وسيضم المطار مكاتب لقرابة 100 شركة طيران، وسيُسهِم المطار بشكل كبير في الاقتصاد التركي، أذ سيوفر نحو 225 ألف فرصة عمل جديدة، بحلول عام 2025م، وستتراوح مساهمته في  الدخل القومي ما بين 4.2 إلى 4.9 في المئة، وفقاً لتقرير "تحليل الأثر الاقتصادي لمطار إسطنبول الثالث"، الذي أعده مركز دراسات السياسة الاقتصادية والخارجية.

من جانبه قال البروفسور "كرم ألكين" في حديث لصحيفة "ديلي صباح" إن الأداء الهيكلي للاقتصاد التركي، وديناميته الكلية، تُعزى إلى الأساس المتين الذي تم بناؤه نتيجةً للإصلاحات العميقة التي بدأت منذ 15 سنة ماضية، مُضيفاً أنه على الرغم من المحاولة الانقلابية الفاشلة في الخامس عشر من يوليو، فإن جميع الأسواق التركية عادت لعملها بشكل طبيعي بحلول صباح يوم 18 يوليو/ تموز.

تركيا تفتتح أعرض جسر في العالم بعد شهر ونصف من محاولة الانقلاب

بعد شهر ونصف من محاولة الانقلاب الفاشل في العام الماضي، في 26 أغسطس/آب 2016م، افتتحت الحكومة التركية جسر "السلطان يافوز سليم"، الذي يعد أعرض جسر معلّق في العالم، وأطول جسر معلق في العالم يحوي سككًا حديدية، إذ يضم 10 ممرات، ويمتد على طول 2164 متراً، وقد بلغت تكلفة إنشائه نحو 3.5 مليار دولار، وعمل على إتمامه ما يزيد عن 6 آلاف و500 عامل ومهندس، ووفقاً للمعلومات التي قدّمتها وزارة النقل والشؤون البحرية والاتصالات، فإن الجسر سيوفّر على تركيا مبلغ 1.7 مليار دولار سنوياً، من خلال الحد من تلوث الهواء، والمشاكل البيئية الناجمة عن الازدحام المروري، فضلاً عن حفظ الساعات الضائعة في الازدحام.

افتتاح نفق "استقلال 15 يوليو"

في أواخر شهر كانون ثاني/ ديسمبر، افتتحت تركيا نفق "الاستقلال 15 يوليو"، الذي يُشكّل نقطة هامة على طول الممر الشمالي الجنوبي، حيث يربط المنطقة الوسطى من الأناضول، بمنطقة البحر الغربية، والبحر الأسود.

الانتهاء من نفق أوراسيا

أنجزت تركيا نفق أوراسيا، الذي يربط شطري مدينة إسطنبول الآسيوي، والأوروبي، أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول، باستثمار بلغت قيمته 1.3 مليار دولار.

ومن المتوقع أن يسمح النفق بمرور 120 ألف سيارة يومياً، ويوفّر 52 مليون ساعة من حركة المرور، بالإضافة إلى خفض انبعاثات مركبات أول أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكربون، وأكاسيد النيتروجين، بنحو 82 ألف طن سنوياً.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!