ترك برس

انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السفير الأمريكي لدى أنقرة جون باس يوم الثلاثاء لدوره في تعليق خدمات إصدار تأشيرة السفر - من غير الهجرة - إلى الولايات المتحدة من سفارتها وقنصلياتها في تركيا، الأمر الذي أثار أزمة بين البلدين.

وقال أردوغان إنه لا يعُدّ باس ممثلًا للولايات المتحدة الأمريكية، وإن المسؤولين الأتراك وبينهم وزراء رفضوا زياراته الوداعية، مضيفًا: "باس لا يُعدّ ممثلًا للولايات المتحدة بعد الآن".

استنكر الرئيس التركي القرار الأمريكي قائلًا إنه إذا اتخذ سفير تركي نفس القرار في الولايات المتحدة فإن أنقرة ستسدعيه فورًا، مشيرًا إلى أنه يرى من الغرابة بمكان أن تتخذ الولايات المتحدة هذا القرار دون نقاش مع وزير الخارجية التركي.

وفي حديث بمؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الصربي ألكساندر فوتشيتش ببلغراد، انتقد أردوغان القرار الأمريكي لتجميد طلبات الفيزا للمواطنين الأتراك، وحثّ الولايات المتحدة على استدعاء سفيرها في أنقرة إذا كان قد تصرف من تلقاء نفسه في تعليق خدمات الفيزا بتركيا. وقال: "ليس هناك ما يُناقش مع الولايات المتحدة إذا كانت الإدارة قد بدأت تعليق الفيزا"، مضيفًا أنه في حال اتُّخِذ القرار من السفير نفسه فإنه ينبغي أن يُعفى من منصبه.

ووسط الأزمة الأخيرة، أظهرت كل من الحكومة والمعارضة التركية موقفًا مشتركًا تجاه تعليق خدمات إصدار التأشيرة من قبل البعثات الأمريكية في تركيا. واتّفقت الأحزاب السياسية على حقيقة أن ما فعلته الولايات المتحدة خاطئ ويناقض الحلف بين البلدين.

وفي هذا السياق قال أردوغان يوم الاثنين إن القرار الأمريكي لتجميد خدمات إصدار التأشيرة في بعثاتها بتركيا كان "مزعجًا جدًا". وإن التحرك جاء وسط نزاع دبلوماسي بدأ بسبب اعتقال موظف القنصلية الأمريكية على أرضية شبهة ارتباطه بمنظمة غولن التي تصفها الحكومة التركية بالإرهابية.

وقال أردوغان إن تركيا دولة يحكمها القانون وليست "دولة عشائرية". وأضاف أنه أبلغ مسؤولي وزارة الخارجية بأن على سفارة تركيا لدى واشنطن أن تصدر نفس البيان توافقًا مع مبدأ المعاملة بالمثل لوقف إصدار التأشيرات من البعثات التركية في الولايات المتحدة.

رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم قال يوم الثلاثاء إن تركيا لن تطلب الإذن من الولايات المتحدة لاعتقال أو محاكمة مشتبه به، منتقدًا أمريكا الحليفة في حلف شمال الأطلسي الناتو لاتخاذها قرار تعليق إصدار طلبات الفيزا بسبب اعتقال مشتبه بالإرهاب.

وفي كلمته الأسبوعية أمام الكتلة البرلمانية لحزبه يوم الثلاثاء، قال يلدرم إن السلوك الأمريكي بشأن اعتقال موظف في القنصلية لشبهة الارتباط بمنظمة غولن يناقض روح التحالف بين البلدين، مضيفًا أن "هناك حكم قانون في تركيا، وإذا ارتكب أحد موظفي بعثة دبلوماسية أمريكية جرمًا فإنه لن يتمتع بميزة (لتلافي العقاب)"، ومشيرًا إلى أن السلطات الأمريكية لم تطلب إذن تركيا عند اعتقالها نائب المدير العام لأحد البنوك الحكومية التركية، في إشارة إلى اعتقال نائب المدير العام لبنك "هالك" لشؤون الصيرفة الدولية ميهمت هاكان أتيلا في الولايات المتحدة.

وقال يلدرم إن "من المخزي للولايات المتحدة أن تعاقب مواطني دولة حليفة، وإن تركيا انتقمت بلطف على ذلك التصرف"، مضيفًا أن "المسألة بحاجة إلى الحل الفوري"، ومعربًا عن أن كل قنوات الاتصال مع تركيا مفتوحة لكل الدول.

وأشار يلدرم إلى أن "نحو 80 في المئة من المواطنين الأتراك غير راضين عن الولايات المتحدة التي فشلت في التعاون مع تركيا بعد محاولة الانقلاب المدعومة من منظمة غولن في العام الماضي". كما انتقد الدعم الأمريكي للفرع السوري لتنظيم بي كي كي المدرج على لائحة الإرهاب، حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية. وقال: "إذا أرادت الولايات المتحدة أن تدوم شراكتنا فإنها بحاجة إلى التخلي عن دعم وحدات الحماية الشعبية في سوريا، الذين هم أولاد عمومة إرهابيي تنظيم بي كي كي"، مضيفًا: "إنه لا يليق بشريك أن يتعاون مع الأعداء".

ومن جهته، قال زعيم حزب الحركة القومية المُعارض دولت بهتشلي إن الولايات المتحدة تخلق أزمة افتراضية من خلال تعليق خدمات الفيزا من بعثاتها الدبلوماسية في تركيا. وفي كلمته أمام كتلة حزبه البرلمانية قال بهتشلي إنه يوافق "على انتقام أنقرة بقرار تعليق إصدار خدمات الفيزا في الولايات المتحدة لضرورات أمنية". وقال: "لقد حاولت الولايات المتحدة التسبب بأزمة افتراضية لأسباب واهية".

وفي موقف مشابه، قال زعيم حزب الشعب الجمهوري المُعارض كمال كليجدار أوغلو إن ما فعلته الولايات المتحدة كان خطأً وهو لا يؤيده. وقال: "إننا بالتأكيد لا ندعم ما فعلته أمريكا. الآلاف من الطلاب والمرضى ورجال الأعمال يذهبون إلى الولايات المتحدة. وهذا القرار يمنعهم من ذلك. إنهم لا يعاقبون الحكومة، إنهم يعاقبون 80 مليون مواطن. ينبغي أن يسود المنطق السليم وأن يتم اتباع السياسات الواقعية. كلا البلدين ينبغي أن يتصرفا بعقلانية"، معربًا عن أمله في حل الأزمة بأسرع وقت ممكن.

من جهتها، صرحت السفارة الأمريكية يوم الأحد بأن إصدار كل التأشيرات - من غير الهجرة - في بعثاتها الدبلوماسية توقف بعد اعتقال أحد موظفيها لشبهة الارتباط بمنظمة غولن. وقالت السفارة في بيان لها: "لقد أجبرت الأحداث الأخيرة الحكومة الأمريكية على إعادة تقييم التزام الحكومة التركية بأمن منشآت البعثة الأمريكية وموظفيها". وأشار البيان إلى أن التعليق الذي يسري مفعوله فورًا يهدف إلى تقليل عدد الزوار إلى مباني القنصلية والسفارة.

وبعد ساعات من القرار، قالت أنقرة إنها أوقفت كذلك طلبات الفيزا من الولايات المتحدة. في خطوة تسري فورًا على التأشيرات الموجودة على الجوازات والتأشيرات الإلكترونية والتأشيرات على الحدود، حسبما أعلنت السفارة التركية لدى واشنطن إلكترونيًا.

ويُذكر أن متين طوبوز، موظف تركي يعمل لدى القنصلية الأمريكية منذ عام 1982، اعتُقِلَ بتهمة التجسس والارتباط بمنظمة غولن، التي تتهمها الحكومة التركية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الدموية الفاشلة في 15 تموز/ يوليو 2016، والتي راح ضحيتها 249 شخصًا.

ووفقًا للائحة اتهامه، فقد كان طوبوز على صلة بعدد من قيادات الشرطة في إسطنبول حيث كان يعمل، وكانت هذه القيادات كلها مرتبطة بمحاولة الانقلاب في عام 2013 وتملك عضوية لدى منظمة غولن. كما كان على صلة بأوكتاي أككايا، المُقدّم السابق الذي كان من بين مدبّري محاولة الانقلاب في 15 تموز 2016.

ونصت لائحة الاتهام كذلك على أن "المشتبه به كان صلة الوصل بين أعضاء منظمة غولن وزعيمهم فتح الله غولن الذي يعيش في ولاية بنسلفانيا (الأمريكية)"، مشيرة إلى وجود دليل قوي يبرر اعتقاله.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!