د. أحمد موفق زيدان - خاص ترك برس

الحركات الاستعراضية التي قامت بها مصفحات قوات سوريا الديمقراطية ظاهراً وحزب العمال الكردستاني الإرهابي باطناً، حول دوار النعيم بالرقة، ذكّر العالم كله بنفس الحركات الاستعراضية التي قامت بها قوات الدواعش عام 2014 ، يوم سلبوا الرقة من محرريها الحقيقيين ثوار الشام، وقد أحسن كثير من الناشطين الذين أعادوا لقطات تلك الفترة وقاربوها مع لقطات هذه الفترة، حتى خُيل لي أن سائق المصفحة هو واحد.

اليوم التفحيط بالدبابات إلى جانب التفحيط السياسي هو من فعل من رُفعت صورته ورايته وسط دوار النعيم، إنه زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان المنحدر كما قيل من الطائفة العلوية التي عززت كما قيل نفوذها بدعم إيراني وسط الحزب وقياداته على حساب القيادات السنية التاريخية التي جرى التخلص منها بظروف غامضة، ولعل ما جرى بالأمس في كركوك على يد الحشد الشيعي درس لمن تبقى من عقلاء إن كان ثمة عقلاء في هذه القوات..

قوات سوريا الديمقراطية، اسم لا علاقة له بمسماه، فلا هم يعترفون بسوريا ما داموا يدعون لكيانات انفصالية، ولا علاقة لهم بالديمقراطية قولا أوفعلا، بل هم ينسقون مع نظامها الاستبدادي الشمولي الديكتاتوري الذي سامهم سوء العذاب على مدى عقود..

كالعادة رمز التحرير لمثل هذه القوات التي ما كان لها لو جلست ألف عام أن تطأ أرض الرقة لولا القاذفات الأمريكية وصواريخ كاليبر الروسية، فدخلوا على دماء وأشلاء أعدائهم ممن تكفلت بها الأسلحة الجوية، رمزها المرأة التي اصطفت بشكل ملفت تحت صورة الرمز أوجلان، بالإضافة إلى توزيع السجائر غصباً على أسراهم كما شُوهدت السيجارة بفم الأسير الداعشي التي كانت ما تُسمى بقوات سوريا الديمقراطية تقوده ورفاقه ..

مرة أخرى يتيقن لكل من في عينه غبش أن التحالف الدولي أبعد ما يكون عن محاربة الإرهاب والإرهابيين، فها هو ينقلب على من وصمهم بالإرهابيين ولا يزال فيقف معهم ممثلاً بأوجلان وحزبه، ويسمح لهم بأن يرفعوا راياتهم في منطقة هو من استولى عليها فعلاً و واقعاً، وبالتأكيد لم يرفع هذه الرايات أشباح، وإنما رفعتها قوات وأشخاص من حزب أوجلان، وتحت سمع وبصر التحالف الدولي الذي قاتل لسنوات إلى جانب هذه القوات ضد من كان يُفترض حليفه بالأمس وهو تركيا ...

هل هناك إرهاب جيد وإرهاب سيء، وهل هناك إرهاب مفيد وإرهاب مضر، تبين أن هذا صحيح بمقياس الغرب والشرق، فالإرهاب عندهم المفيد هو الإرهاب الذي يخدم الاحتلال والاستبداد والثورات المضادة، والإرهاب المضر هو كل إرهاب يقف مع الربيع العربي ومع الحرية والديمقراطية والمساوة، ظهر ذلك بوصم كل من يقاتل الأسد بذلك، فمن نجح في انتخابات مصر ووصل الى السلطة كان إرهابياً لأنه تواصل مع منظمة يعتبرها إرهابية، وحين انقلب على عقبيه فتعامل هو معها كون ذلك يخدمه ويحقق أهدافه الشخصية، لم تعتبر الحركة إرهابية، بالتأكيد أتحدث هنا عن السيسي وكيف تعامل مع حماس وهو الذي يحتجز رئيساً منتخباً محمد مرسي بالتعامل معها.

لن يصدق أحدٌ بعد اليوم أن أحداً لم يُسيس الإرهاب ولم يجعله مسخرة، ولن يصدق أحدٌ بعد اليوم أن أحداً يعمل من أجل السلام والاستقرار، فالكل يخلط الأوراق مع الكل والكل ينتقم من الكل ولكن على أرضنا إن كان في أفغانستان أو في الشام والعراق واليمن، ولكن نقول لهم افعلوا ما شئتم ودمروا ما استطعتم ولكن بالقدر الذي تستطيعون يوماً نراه قريباً، أو تستطيع أجيالكم على مواجهة ردّ سيء صنيعكم هذا ..

التاريخ لن يرحم، وأحفاد بني أمية وبني العباس وبني عثمان سيأخذون بالثأر مهما طال الزمن أو قصر..

عن الكاتب

د. أحمد موفق زيدان

كاتب وصحفي سوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس