شرف أوغوز – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

نشاهد التلفاز 6 ساعات في اليوم، و3 ساعات نتجول خلالها في عالم الانترنت، لتخرج أمامنا حقيقة وهي أننا نقرأ الكتب لمدة 6 ساعات في السنة، فكيف لنا أنْ نحتل مكانة بين الأمم ونحن كذلك؟ ألسنا من يؤمن بأن أول أمر نزل هو "اقرأ"؟

سأجيب، لن نحتل أي مكانة بين الأمم، وسنبقى واقعين في فخ المحافظة على الدخل السنوي فقط، فالعقلية التي تهمّش العلم، لن ترى أي بوادر لاختراع أو ابتكار أو اكتشاف، وحينها لن نكون من الدول المصنعة، وسنبقى كما نحن عاجزين، مستهلكين فقط.

لكن هناك خبر جديد، وهو أنّ هذا الأمر يتحسن بمرور الوقت، فحسب آخر تقرير نشرته اليونسكو (مؤسسة العلم والثقافة التابعة للأمم المتحدة)، فإن تركيا أصبحت تحتل المرتبة 85 عالميا من حيث القراءة.

وحسب نفس التقرير، في أوروبا تصل نسبة القراءة المعتادة والمنتظمة، أي القراءة التي أصبحت بصورة روتينية لدى المجتمع، تصل نسبتها إلى 21% من سكان الاتحاد الأوروبي، بينما في تركيا، تتناقص هذه النسبة لتصل إلى 0.01% من عدد سكان تركيا يقرؤون بصورة روتينية.

ماذا تعني هذه النسبة؟ تعني أنه في تركيا شخص واحد فقط من كل 10 آلاف شخص، يقرأ الكتب بصورة منتظمة وروتينية، وهذا يعني أنه علينا تغيير هذه النسبة، لأننا مجبرون على ذلك، كي نلحق بركب الأمم، نريد أن نصبح من الدول العشر الأولى على هذا الصعيد.

إذا كنا لا نتجاوز في عادة القراءة، سوى دول مثل غامبيا وساحل العاج، فهذا يعني أنّ علينا إيجاد الحلول لهذه المشكلة، وخصوصا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن معظم الكتب التي نقرأها أصلا هي كتب الفكاهة والدعابة، وعلينا أنْ ندرك أنه حان الوقت لتخصيص جزء من وقتنا ومالنا المهدر معظمه على أجهزة هواتفنا الذكية، من أجل القراءة.

خصوصا إذا أدركنا حقيقة تشير إلى أنّ معدل المال الذي ينفقه المواطن التركي على هاتفه النقال يبلغ 213 ليرة شهريا، أي 2556 ليرة تركية سنويا، فيما المبلغ المخصص لقراءة الكتب سنويا هو 6.5 ليرة فقط.

قد تكون العناكب نسجت خيوطها في مكتباتنا، لكن هواتفنا الذكية اليوم هي عبارة عن مكتبة كاملة، ولو حاولنا على الأقل التعوّد على القراءة من خلال محتوى الويب، لغيرنا قليلا تلك النسبة المنخفضة جدا التي حصلت عليها تركيا.

وعند الحديث بلغة الأرقام، نجد أنّ هناك مليون شخص مشترك في مكتبات تركيا، في المقابل هناك 71 مليون مواطن مشترك بشركات الهاتف النقال، ويستفيد حوالي 18 مليون شخص في العام، معظمهم من الطلبة، من 1118 مكتبة موجودة في تركيا، بينما في الولايات المتحدة الأمريكية يوجد 16 ألف مكتبة، لكن يستفيد منها 1.4 مليار شخص سنويا.

يقول رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية للتعليم والديمقراطية، السيد "غوركان أفجي"، أن على المعلمين أنْ يوصوا طلبتهم بقراءة الكتب التي قرؤوها هم، ليكون بذلك قدوة لطلبتهم، وعلى وزارة التربية والتعليم أن تعمل على تشكيل سياسة، تعزز قراءة الكتب لدى الطلبة.

عندما أشاهد محلات بيع الكتب بدأت تفتح مؤخرا في التجمعات التجارية، كشيء جديد، وكفكرة وصلنا إليها اليوم، أتذكر دوما أننا الأمة التي أول أمر نزل عليها هو "اقرأ"، لكننا ربما سمعنا به أوسنطبقه بصورة متأخرة جدا. 

عن الكاتب

شرف أوغوز

كاتب في صحيفة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس