محرّم صاري كايا – صحيفة خبر ترك – ترجمة وتحرير ترك برس

كان هذا الخبر الأخير في نشرة الأخبار، بينما وجدته في أطراف الصحافة المكتوبة وفي صفحاتها الأخيرة، الخبر كان يقول التالي:

"قامت طائرات مروحية تابعة للولايات المتحدة الأمريكية بإسقاط حزم أسلحة وذخيرة لمقاتلي داعش، في محافظة صلاح الدين العراقية".

لم يكتفوا بذلك، بل إن القناة الإيرانية والناطقة باللغة الإنجليزية " Press TV"، أكملت تتمة الخبر بقولها "الطائرات المروحية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية، قامت بإسقاط حزم أسلحة وذخيرة لمقاتلي داعش في محافظة صلاح الدين العراقية، وتحديدا في قضاء يثرب وبلد".

وقد علّق قائد القوات الأمريكية المركزية على هذه الأخبار بقوله:"القيادة المركزية تؤكد جزئيا صحة هذه الأخبار، إلا أنّ إسقاط تلك الحزم من الأسلحة والمساعدات الطبية كان عن طريق الخطأ، وتم تدميرها".

ماذا تفيد هذه الحادثة والتي وقعت على بعد 70 كيلومترا من بغداد، قبل 4 أيام؟

هل تريد الولايات المتحدة الأمريكية بصورة حقيقية، أنْ تحارب داعش من جهة، وبنفس الوقت لا تريد القضاء عليه كليا، وإنما تساعد في بقائه؟

المحاربون الأجانب

سبب سؤالي هذا هو حديث عابر كان لي مع أحد الأكاديميين في أنقرة، حينما قال لي :"لو كنت انجليزيا، وتفكر كأمريكي، أيهما أخطر بالنسبة لك، داعش أم القاعدة؟".

وقبل أنْ يسمح لي بالإجابة تحدث لي عن تقرير لمركز أبحاث بريطاني، حيث يرى التقرير أنّ الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية "ترى القاعدة كعدو قريب، بينما داعش العدو البعيد".

 بعد ذلك أرسل بعض المعطيات من مراكز الأبحاث البريطانية والأمريكية، ومن هذه المعطيات، أنّ المقاتلين الذين توجهوا إلى سوريا ينحدرون من 190 دولة مختلفة.

وحسب بحث استمر لعام كامل، فإن ثلثي هؤلاء المحاربين الأجانب، انضموا إلى جبهة النصرة وإلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

مسافة الخطر

أكثر المعطيات مثيرة للانتباه هي تلك حول مقاتلي داعش، فتقريبا ثلث المقاتلين يُقتلون خلال الاشتباكات، والثلث الآخر يعود إلى بلاده بعد خوضه ليشرح مغامراته، وثلث فقط منهم من يبقى مع تنظيم "داعش".

ذلك يعني أنّ مقدار الخطر الذي من الممكن أنْ يشكله تنظيم القاعدة ككل، يساوي 3 أضعاف الخطر الذي من الممكن أنْ تقوم به داعش، وذلك من حيث أعداد المقاتلين.

وكذلك فإنّ داعش مستمرة بحربها الجغرافية، فهي تعتبر حربها "ضد الدول الغربية التي تفسد الإسلام والمسلمين في بلادها".

والأهم من كل ذلك، هو أنّ داعش، تمنع هؤلاء المقاتلين من الانضمام إلى تنظيم القاعدة، حيث تعمل على  امتصاص المحاربين الأجانب وضمهم إلى صفوفها.

وهذا يعني أنّ داعش تعمل "كمانعة صواعق" تحمي الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية.

ونحن نتحدث بتلك المعطيات، ندرك حقيقة أنّ أعداد المقاتلين الذين ينضمون إلى داعش في تناقص مستمر، بسبب الإجراءات المتخذة حاليا.

المعلومات مذهلة...

لكن هناك أمر آخر يجب أنْ لا ننساه، وهو أنّ تنظيم القاعدة لم يستطع شنّ أي هجمة على الدول الغربية منذ عام 2007 حتى اليوم، برغم من أنّ بداية انطلاقته كانت في عام 2001.

فتنظيم القاعدة يواجه صعوبات جمة في تفعيل خلاياه النائمة، بينما تنظيم داعش يزداد قوة أكثر فأكثر كل يوم، وأصبح يملك قوة ديناميكية جعلته يتقدم يوما بعد يوم ليهدد جميع دول المنطقة.

معطيات تلك الأبحاث، والأحداث التي تجري على الأرض، تجعلنا ندرك أننا أمام حقيقة مذهلة ومثيرة للانتباه، وأنّ ما يجري أكبر من المشهد الخارجي الذي نراه على شاشات التلفزة.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس