ياسر سعد الدين - خاص ترك برس

بعد الغزو السوفياتي لأفغانستان كانون الأول/ ديسمبر 1979 أعلنت الولابات المتحدة كنوع من الاحتجاج مقاطعتها لدورة الالعاب الأولمبية المقامة في موسكو صيف 1980. وبطبيعة الحال حذت دول عربية وإسلامية حذو واشنطن وانضمت للمقاطعين احتجاجا على غزو أفغانستان.

الآن تقيم دول عربية وإسلامية احتفالات صاخبة بوصولها لكأس العالم المقام في روسيا هذا الصيف ويتسابق عرب والمسلمون على المشاركة جمهورا وإعلاما وصفقات تجارية بهذه المناسبة الكروية في وقت تقترف روسيا أبشع المجازر والجرائم الإنسانية في سوريا وبشكل متواصل ومستمر وبوقاحة وصفاقة فجتين!

ويتواصل مديح عربي رسمي للدور الروسي في صناعة سلام في سوريا عنوانه أشلاء الأطفال وحرق الأخضر واليابس. ويستقبل بوتين هدايا نفيسة وسيف دمشقي من حكام وتعقد مع موسكو عربيا صفقات تجارية واتفاقات وتفاهمات!

ما الذي تفعله روسيا في سوريا وما الذي تريده وتصبوا إليه؟ بعيدا عن التحليلات السياسية يمكن قراءة ذلك من خلال تصريحات روسية صريحة وواضحة وعلى مدار أعوام وشهور سبقت التدخل الروسي العسكري في أيلول/ سبتمبر 2015 وترافقت معه وأعقبته. بالنسبة لرأس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية فالحرب في سوريا حرب مقدسة، موقف سبقة تصريح لافروف في بدايات الثورة السورية وحينما كان سلمية حتى النخاع بقوله أن روسيا لن تسمح بقيام دولة سنية في سوريا!!

على مستويات عسكرية عالية تباهت موسكو بتجربة أعداد كبيرة من الأسلحة الروسية الحديثة في سوريا فيما أقرت تقارير روسية إعلامية عن استخدام الساحة السورية للتخلص من مخزونات الأسلحة الروسية القديمة والبالية، مما وفر تكاليف باهظة وتبعات بيئية سلبية. الروس يتحدثون عن مصالح لهم في سوريا وقد عقدوا مع الأسد -الذي يعاملونه باحتقار- اتفاقيات عدة تضمن وجودا عسكريا طويل الأمد. ولا يتردد الروس أو يتحرجون من الحديث عن المكاسب الإقتصادية الكبيرة في سوريا وعن احتكار الكثير من مواردها وثرواتها الطبيعية –تحت بند استرداد قروض أعطيت للأسد للتمكين لهم من الهيمنة والسيطرة على البلاد- وعقد صفقات تجارية ضخمة للتسويق لصناعاتهم الخاملة وعن الهيمنة على عقود إعمار ما دمروه في سوريا.

دوافع الحرب الروسية المدمرة في سوريا عقائدية واقتصادية وفيها سعي معلن لفرض النفوذ والهيمنة. بكل الأحوال لا يوجد أحمق يصدق أن الإرهاب الروسي الذي دمر غروزني فيما مضى ويستهدف حاليا مدن وقرى سوريا بسياسة الأرض المحروقة، يريد محاربة إرهاب مفبرك أو مزعوم. ويكفينا مدح روسيا بوتين لأوردغان ثم أتهامه بشكل فج بأنه يدعم الإرهاب عقب إسقاط الأتراك طائرة روسية ومن بعد المصالحة والتوافق معه ووصفه بأنه شريك مهم في الحرب على الإرهاب، لإثبات أن الحرب على الإرهاب المزعوم هي ذريعة لممارسة إرهاب حقيقي لاحتلال سوريا ونهب ثرواتها.

ما الذي يضمن للدول العربية السنية والغنية أن لا تستهدفها الاحقاد والمطامع الروسية كما تستهدف سوريا الآن، خصوصا إذا استتب الأمر لبوتين في سوريا؟؟

العرب لاهون عن مخاطر محدقة وحرائق متأججة ومنشغلون إما بمعارك جانبية أو بحسابات وهمية وأماني سرابية... إن سقط الحاجز السوري، فإن تبعات الطوفان القادم ستكون قاسية، ومدمرة وغير مسبوقة.

وقتها، لن يجدي ندم ولن تنفع حسرة... وحساب الآخرة أشد وأبقى!!

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس