حسناء جوخدار - ترك برس

تواجه تركيا في الأعوام الأخيرة هجمات حادة بسبب مواقفها الصارمة والصريحة تجاه القضايا الدولية والإقليمية، وخاصة تلك التي تتعلق بحقوق المسلمين والمظلومين حول العالم، فضلًا عن رفضها الشديد لانتهاك المقدسات الإسلامية، مثل المسجد الأقصى بفلسطين.

ولا يخفى على أحد أن تركيا تعدّ من أهم اللاعبين الأساسيين في مسرح الدبلوماسية الإنسانية، نظراً للجهود الكبيرة التي تبذلها في مجال تقديم المساعدات الإنسانية، ولدعواتِها المتكررة بضرورة إحلال العدالة الدولية من أجل إرساء الأمن والاستقرار في أنحاء العالم.

ويتواصل ذلك منذ عهد الدولة العثمانية التي اتخذت من الدين الإسلامي غطاء لتوجهاتِها السياسية لدرجة يمكن معها القول إن تاريخ آل عثمان، بما فيه من حسنات وسيئات، يعد في الواقع إحدى الحلقات الهامّة من تاريخ المسلمين.

وكان المسلمون في شتى البلدان يعتبرون السلطان العثماني خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، والأب الروحي للمسلمين الذي يجب عليهم طاعته، ويرون المحافظة على الدولة العثمانية ثالث العقائد بعد الإيمان بالله ورسوله.

العالم الإسلامي نظر ومازال ينظر إلى أعمال العثمانيين على أنها مفخرة للإسلام والمسلمين، وأن زعامتهم للعالم الإسلامي أدّت إلى إعلاء شأن الشريعة الإسلامية وإعلاء شأن المسلمين.

وقد تكالب على الدولة العثمانية القاصي والداني، وحاربها الأعداء لينزعُوا عزة الإسلام ويسرقوا المسلمين وينهَبوا ثرواتِهم.

اليوم، وبعد سنوات من الضعف والهوان، بدأت تركيا تستعيد قوتها ومجدها في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان، وسط مساع دولية حثيثة لمنع ذلك.

الأزمات الإنسانية التي تشهدها دول الجوار خلال الأعوام الأخيرة، أظهرت الجوانب الإنسانية في السياسة الخارجية التركية، وخير مثال على ذلك حجم المساعدات الإنسانية الضخمة التي قدمتها تركيا للمتضررين من الحرب الدائرة في سوريا منذ قرابة 7 أعوام.

وإلى جانب المساعدات المقدمة للسوريين في الداخل، فتحت تركيا أبوابها لأكثر من 3 ملايين لاجئ سوري، اضطروا لدخول الأراضي التركية هرباً من آلة القتل التي تسفك الدماء في بلادهم، وقدّمت لهم كافة مستلزماتهم ومتطلباتهم المعيشية.

وتمكنت وكالة التعاون والتنسيق التابعة لرئاسة الوزراء التركية من الوصول إلى عشرات الدول من خلال مكاتب لتنسيق البرامج الخاصة بتقديم المساعدات التنموية، حيث تصب هذه الوكالة اهتمامها في منطقة الشرق الأوسط، تتبعها مناطق القوقاز وافريقيا والبلقان وشرق أوروبا والشرق الأقصى.

وعلى غرار وكالة التعاون والتنسيق، تقوم إدارة الطوارئ والكوارث بمد يد العون للمتضررين من الكوارث الطبيعية في دول مختلفة، وإضافة إلى ذلك تتولى مهمة تنسيق وترتيب شؤون اللاجئين السوريين في المخيمات التركية.

وبالنسبة للهلال الأحمر فإنّ هذه المؤسسة غير الحكومية تعدّ من أقدم وأعرق المؤسسات الخدمية ولديها قرابة 700 فرع في الداخل والخارج التركي، بحسب تقرير لوكالة الأناضول الرسمية.

ويقدّم الهلال الأحمر مساعدات إنسانية في كل من باكستان وتشَاد وهايتي وليبيا والصومال وميانمار وفلسطين وموريتانيا وعدد من الدول الأخرى.

وبحسب تقرير المساعدات الإنسانية العالمية لعام 2015، فإنّ تركيا احتلت المركز الثاني في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية بتقديمها مساعدات رسمية بقيمة 3.2 مليار دولار، وخصصت 0.37 بالمئة من دخلها القومي لهذه المساعدات.

عن الكاتب

حسناء جوخدار

صحفية تركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس