إبراهيم كيراس – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

تشكل نسبة الحسم في الانتخابات التركية والبالغة 10% نسبة مرتفعة، وتشكل عنصرا يخدش الديمقراطية، وكما تعلمون قد عانت العديد من الأحزاب السياسية من هذه النسبة، وكذلك الأحزاب ممثلة الأكراد التي لم يسبق لها وان دخلت الانتخابات كحزب وإنما كمرشحين مستقلين، وبذلك كانوا مجبورين على القبول بعدد أقل من ممثليهم في مجلس الأمة التركي.

لكن اليوم يسعى حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) ممثل الأكراد إلى دخول الانتخابات كحزب وليس كمستقلين، وقد حصل حزب صلاح الدين دمرطاش على نسبة 9.8% في انتخابات رئاسة الجمهورية، وهذا يعني أنّ إدارة الحزب تشجعت من أجل اتخاذ هذا القرار الهام، ويُقال أنّ عبد الله أوجلان يدعم هذا التوجه أيضا.

تحدثنا كثيرا فيما سبق عن إمكانية حصول حزب الشعوب الديمقراطي على نسبة الحسم أم لا، لكننا اليوم نريد الحديث عن الانعكاسات الكبيرة لحصول الحزب على نسبة الحسم أم لا، لأن ذلك سيؤثر بصورة مباشرة على المشهد السياسي في الدولة التركية.

لنبدأ الحديث من السيناريو الأكثر إيجابية بالنسبة لهم: إذا تجاوز حزب الشعوب الديمقراطي نسبة الحسم، كيف سيكون المشهد السياسي؟

سيعني ذلك زيادة نسبة النواب في البرلمان التركي الممثلين للأكراد، وهذا يعني بانخفاض نسبة التصويت للأحزاب الأخرى، وأهم ما في الموضوع، سيصبح من الصعوبة بمكان حصول حزب العدالة والتنمية على 330 مقعد أو أكثر في البرلمان.

إذا لم يستطع حزب العدالة والتنمية الحصول على 330 مقعد فهذا يعني صعوبة قيامه بتغيير الدستور، ويعني ذلك استحالة قدرته على الانتقال بالدولة التركية إلى النظام الرئاسي، لأن تلك النسبة تعني أيضا أنّ عليه التحالف مع أحد الأحزاب، ومواقف حزبي المعارضة، حزب الشعب الجمهوري، وحزب الحركة القومية معروفان، وسيبقى أمام العدالة والتنمية حزب الشعوب الديمقراطي، والأخير لن يستطيع بسهولة القبول بذلك التحالف.

ولو تحالف حزب العدالة والتنمية مع ممثل الأكراد حزب الشعوب الديمقراطي، لتغيير الدستور، إلا أنّ ذلك سيؤثر بلا شك على نسبة المصوتين على استفتاء تغيير الدستور، لأن المعارضة ستبدأ بحملة ضخمة تشير إلى أنّ حزب العدالة والتنمية يتحالف مع من أراد تقسيم البلاد، وهذا سيؤثر بنسبة معينة على آراء الجمهور والشعب. (بمعنى لو حصل تحالف بين العدالة والتنمية والشعوب الديمقراطي وتجاوزوا 367 مقعد، إلا أنّ تغيير الدستور لن يكون أمرا محسوما وسهلا، ونتائج التصويت عليه لن تكون مضمونة).

لهذا إذا دخل حزب الشعوب الديمقراطي الانتخابات المقبلة كحزب، وإذا نجح في تجاوز نسبة الحسم، لن يكون من السهل لحزب العدالة والتنمية أنْ يحقق ما يريد وينتقل بالنظام السياسي إلى النظام الرئاسي، وربما لن يستطيع ذلك.

في المقابل، كيف سيكون المشهد السياسي إذا لم يتجاوز الحزب نسبة الحسم؟

في هذه الحالة ستزيد قوة تمثيل حزب العدالة والتنمية في البرلمان، وسيصل بسهولة إلى الرقم 330، وهذا يعني تسهيل طريقه إلى تغيير الدستور، وذلك سيناريو إيجابي بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، لكن عدم وجود ممثلين للحركة الكردية تحت قبة البرلمان قد يخلق العديد من المشاكل، وهكذا سيخرج سيناريو عدم الحصول على نسبة الحسم عن كونه إيجابيا للحزب الحاكم.

ربما سيكون انعكاس هذا السيناريو على الحركة الكردية بزيادة نسبة التشدد في صفوفهم، وسيصبح من الصعب التحكم بالحركة الشعبية الجماهيرية الكردية، وربما هذا يعني أنْ تصبح عملية السلام والمصالحة الوطنية في خطر حقيقي، خصوصا وأنها معلقة بخيط رفيع، وإذا ما خرجت عن معادلتها الصحيحة ربما تنهار فورا، وانهيارها يعني أننا سنصبح أمام المواجهات المسلحة والحل العسكري مجددا، ولهذا أنا أراه سيناريو سيء.

عن الكاتب

إبراهيم كيراس

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس