حمزة تكين - الجزيرة نت

إن المسألة في سوريا، من وجهة نظر تركيا، ليست مسألة أكراد أو عرب أو تركمان، وليست مسألة توسع ونفوذ، وليست مسألة ثروات ونفط وغاز، وليست إظهار عضلات، بل مسألة حرية ووحدة أراضي سوريا. 

خلق كيانات وتنظيمات مشبوهة

منذ اندلاع شرارة الثورة السورية حاولت العديد من الجهات الشرق أوسطية والغربية خلق كيانات وتنظيمات مشبوهة ونسبها للثورة، بهدف واحد لا ثاني له وهو وأد هذه الهبة الشعبية وإظهارها على أنها خطر يهدد العالم ..

 وبالتالي حققت تلك الجهات أهدافها بالمحافظة على عروش الديكتاتوريين ونهب ثروات وخيرات الأرض السورية التي أصبحت مهددة بوحدتها.
 
أبرز التنظيمات التي دُعمت من تلك الجهات: تنظيم "داعش" وحزبا العمال الكردساني المحظور، والاتحاد الديمقراطي"PYD/PKK" الإرهابيين، إذ إن هذين التنظيمين سعيا وبشكل علني لتمزيق وحدة الأراضي السورية، إلا أن التدخل التركي السريع وأد هذا المشروع في مهده، والطريق ما زال مستمرا لنسف هذا المهد وطفله غير الشرعي.
 
العمليات العسكرية التي تقوم بها تركيا بالتعاون مع الجيش الوطني السوري آتت أكلها وقضت على أحلام التنظيمات الإرهابية ببناء دويلات على الخاصرة التركية، دويلات تفتقد أصلا لمقومات الدول، ولا يصب بناؤها إلا في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي إذ إنها ستشرعن وجود "دولة يهودية" لو أقيمت دولة لكل مذهب وعرق وقومية على الأرض السورية.

لا أطماع لتركيا في أراضي الغير

المتتبع للمواقف التركية الرسمية وخاصة تلك التي تصدر على لسان الرئيس رجب طيب أردوغان يدرك أن تركيا هي الدولة الوحيدة اليوم التي تنادي ـ بشكل جدي ـ بوحدة الأراضي السورية، إذ إنه لا أطماع لتركيا في أراضي الغير؛ وإلا لكانت دعمت مشاريع التقسيم وأخذت حصتها منها، وهذا لم ولن يحصل.
 
أما من يتحجج بالوجود العسكري التركي في سوريا للقول إن "تركيا طامعة في الأراضي السورية" فهو لا يدرك أن هذا الوجود مؤقت لحين تأمين الحماية الكاملة لوحدة الأراضي السورية، وإنهاء كل التنظيمات الإرهابية وحماية المدنيين السوريين والأتراك وحماية الأمن القومي التركي.
 
إن تنظيم PYD/PKK أعلن مرات ومرات وبشكل علني أنه يريد تقسيم سوريا حاليا، ثم تقسيم تركيا فالعراق فإيران، وذلك بهدف بناء دويلته القائمة على أسس عرقية عصبية لا تخدم إلا مشروع "الدولة اليهودية الصهيونية" كما ذكرنا، ولذلك رأينا الدعم الأمريكي والغربي والشرق أوسطي لهذا المشروع.

 دعم وحدة الأراضي السورية

دعم كان مهولا من الناحية العسكرية والإعلامية والمالية واللوجستية، إلا أنه لم يخف تركيا ولم يمنعها من ممارسة ضغط دبلوماسي كبير على بعض حلفائها الذين استجابوا لبعض ما تريده، بالتوازي مع تحركات وعمليات عسكرية كانت ناجحة في تحقيق أهدافها، والمتوقع أن يكون هذا النجاح حليف الجيشين التركي والوطني السوري في أي عمليات جديدة.
 
وإلى جانب محاربة التنظيمات الإرهابية، لم تتقاعس تركيا عن دورها السياسي في دعم وحدة الأراضي السورية فكانت مشاركتها الفاعلة في إطلاق عملية وضع دستور جديد وإنشاء لجنة دستورية في سوريا، الأمر الذي من شأنه أن يحقق ما خرج لأجله الشعب السوري، فتركيا هي الدولة الوحيدة المدافعة عن مطالب الشعب السوري في المحافل الإقليمية والدولية.
 
إن لتركيا 3 أولويات في سوريا بعيدا عن مفاهيم الاحتلال أو التقسيم أو بسط النفوذ، الأولوية الأولى: محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي الذي عاث بأرض سوريا والعراق وتركيا فسادا وقتلا وتفجيرا.
الأولوية الثانية: محاربة تنظيم PYD/PKK صاحب الأفكار التقسيمية والمهدد لأمن واستقرار تركيا وسوريا والعراق.
 
الأولوية الثالثة: دعم الشعب السوري ومطالبه المحقة، وقد كان ذلك منذ أول مظاهرة شعبية سلمية نظمها السوريون في بلادهم في آذار/مارس 2011، ولم يتغير الموقف التركي في هذه النقطة حتى يومنا هذا.
 
باختصار إن المسألة في سوريا، من وجهة نظر تركيا، ليست مسألة أكراد أو عرب أو تركمان، وليست مسألة توسع ونفوذ، وليست مسألة ثروات ونفط وغاز، وليست مسألة إظهار عضلات، بل مسألة حرية ووحدة أراضي هذا البلد.

عن الكاتب

حمزة تكين

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس