ترك برس

عندما يتجول الزائر في مدينة إسطنبول لأول مرة، وقبل أن يبدي إعجابه بمساجدها العتيقة وقصورها العثمانية، لا بد أن يبدي دهشته من الرعاية والاهتمام الكبيرين اللذين تحظى بهم حيوانات الشوارع في جميع أنحاء المدينة العريقة، فهي تحتل أفضل مكان في المقاهي والمطاعم، دون أن ينهرها أحد أو يطردها.

ويقول تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية إن كثيرا من سكان إسطنبول يسعون لمساعد قطط وكلاب الشوارع، فيقدمون لها أطباق الطعام، أو يهيئون  لها مأوى بجوار منازلهم، بينما تكثف سلطات المدينة جهودها لضمان صحة الحيوانات، ومن ثم صحة الأشخاص الذين يتعاملون معها.

ويضيف التقرير أن من بين أوجه الاهتمام بحيوانات الشوارع في المدينة ما يطلق عليها الحافلة البيطرية "Vetbus" أو العيادات المتنقلة التي تتمركز كل بضعة أيام في حي من أحياء المدينة.

في إحدى العيادات البيطرية المتنقلة التي تديرها بلدية إسطنبول أحضرت مافلوت قطة سوداء كانت تجوب الحرم الجامعي حيث تعمل. شعرت السيدة التركية بالقلق على سلامة القطة بعد أن لاحظت أن إحدى عينيها كانت مغلقة لعدة أيام. وقالت: "كثيرا ما نتصل بالبلدية عندما نرى حيوانات بحاجة إلى علاج".

وحول سبب اهتمام سكان إسطنبول برعاية حيوانات الشوارع تشير ميين يلدريم، باحثة الدكتوراة في المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية في نيويورك، إلى أن ذلك يرجع في جانب منه إلى تعاليم الدين الإسلامي ثم إلى بنية الفضاء العام خلال عهد الإمبراطورية العثمانية. فخلال ذلك العصر كان الناس يتنقلون بين بين المنزل والمسجد والسوق. وكانت الشوارع ساحة يعيش فيها الكلاب والقطط.

وتضيف يلدريم أنه مع بداية القرن العشرين ، بدأت سياسة قتل حيوانات الشوارع مثلما حدث في الغرب .واستمرت هذه السياسة حتى تسعينيات الفرن الماضي، حيث اعتادت البلديات نشر السم في الشوارع لقتل الحيوانات. لكن قانون حماية الحيوانات الذي أقر في عام 2004 أجبر البلديات على الاعتناء بتلك الحيوانات.

تدير بلدية إسطنبول ستة مراكز صحية في الشوارع، تشمل العيادة المتنقلة، وتهدف إلى تطعيم وتعقيم وعلاج قرابة 130.000 كلب و165000 قط تعيش في الشوارع، وفقا للبلدية. وتزود الحيوانات بشريحة إلكترونية، ثم تعاد إلى المكان الذي وجدت فيه باستثناء تلك التي يتطوع بعض المواطنين برعايتها.

ونتيجة لتطور هذه الخدمات عالجت المراكز الصحية البيطرية في المدينة 73.608 حيوانات خلال عام 2018 مقارنة بـ2470 فقط في عام 2004. ووفقا لبيانات البلدية التي توظف مئة طبيب وفني بيطري، لم تشهد المدينة منذ عام 2016 حالة واحدة لداء الكلب.

وإذا كانت حيوانات الشوارع تجد طعامها بسهولة، فإن الحيوانات التي تعيش على أطراف الغابات لا تجد من يقدم لها الطعام. ولذلك تسير بلديات المدينة شاحنات صغيرة يوميا تحمل ما يصل إلى طن من الأغذية الجافة. ويتم توزيع الطعام على الكلاب التي تتجمع بعد سماع صفارات الإنذار.

ووفقاً لتوغتشا ديميرليك، كبيرة الأطباء البيطريين في المركز الصحي في حي سلطان غازي، فإن التغذية الجيدة للحيوانات والاعتناء بها، يضمن التزامها بالهدوء ويحد من أي سلوك عدواني.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!