هاشمت بابا أوغلو – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

لا تلتفتوا إلى الجدل الدائر حول سؤال "هل هناك مشكلة وجود بالنسبة لتركيا أم لا؟"، بين أشخاص أمضوا عشرات السنين كصحفيين لكن لم يكن همهم سوى تطبيق أوامر كبار المسؤولين أو حماية مصالح أرباب عملهم!

لا طائل تحت محاولة إفهام بعض الأمور لأشخاص شهدوا حتى المحاولة الانقلابية في 15 يوليو، ولا يريدون الاستيعاب..

لكن أود القول إن النقص يشوب ربط "مشكلة الوجود" فقط بالظرف السياسي الراهن وبعض الاستراتيجيات العدائية من بعض القوى تجاه تركيا. 

علينا أن نرى بأن مصدر المشكلة عميق جدًّا، وأنها تشبه مرضًا انتشر في خلايا مجتمعنا. 

***

سأحاول شرح ما أريد قوله..

قبل أيام نشر موقع "دوتش ويله" (المعروف أيضًا في السابق باسم صوت ألمانيا) خبرًا من إعداده، ووضع رابط الخبر على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي. 

الخبر كان عن تأسيس تركيا قاعدة علمية في قارة أنتاركتيكا. أحد الأصدقاء نبهني إلى التعليقات الواردة أسفل الخبر، وعندما قرأتها خجلت وغضبت، لكنني صحوت مرة أخرى أمام الحقيقة المرة. 

بينما يصفق الأجانب لهذا الحدث، نجد أن مواطنينا يسخرون منه، بل ويتحدثون عنه بأسلوب يصل حد الكراهية. 

فالبعض كتب: "ليأخذوا معهم إلى هناك طماطم وباذنجان من النوع الرخيص"..

وآخرون قالوا: "سيملؤون المنطقة بالعبوات الفارغة، يجب أن تمنعهم إحدى المنظمات الدولية"..

وهناك من كتب "العلم؟"، وأرفق فيديو لشخص يتلوى من الضحك.

كل ذلك أسفل الخبر.

***

لا تكتفوا بالقول إن هؤلاء من عناصر تنظيم غولن.. 

هل أنتم واثقون من أن أحد أبنائنا المراهقين الذين يمضون اليوم أمام شاشة الحاسوب، أو أحد زملائنا الذين نمضي معهم يومنا في العمل ليسوا بين كتاب هذه التعليقات؟ 

هناك تربية ذهنية وثقافية جثمت على صدورنا وأثرت علينا على مدى الأعوام، لتخلف هذه الأضرار وراءها. 

سياسي في حزب الشعب الجمهوري خبير في القانون، أعلن أنه سيقف إلى جانب الأسد في حال اندلاع حرب بين تركيا وسوريا، كان من أكبر أخطائنا أننا اعتقدنا بأن هذا الإعلان نوع من المعارضة. 

بيد أن هذه التصريحات والسلوكيات هي نماذج عن حقيقة "الهويات الضائعة" والأخطار المتجذرة في أعماقنا. 

فهل تتحدثون عن مشكلة وجود بالنسبة لتركيا؟

نعم، المشكلة موجودة، وفي مرحلة خطيرة!

عن الكاتب

هاشمت بابا أوغلو

كاتب في صحيفة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس