ترك برس 

نشر موقع "ذا ناشونال إنترست" مقالا لمحلل الشؤون الدفاعية "إينيا ديوزا" رأى فيه أن فرض عقوبات أمريكية على تركيا بسبب شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية إس 400 لن يحقق أي هدف سياسي، بل سييثير عداء تركيا ويدفعها إلى الانتقام من واشنطن، وربما تحولها إلى روسيا أو غيرها من خصوم الولايات المتحدة.

واستهل ديوزا مقاله بأن رفض تركيا إلغاء شراء إس 400 هو الأحدث في سلسلة طويلة من إخفاقات العقوبات الأمريكية. وإذا كان كثير من صناع السياسة ينظرون إلى العقوبات كحل شامل للنزاعات السياسية، فإن العقوبات نادرًا ما تنجح عندما تتعرض المصالح الوطنية الأساسية للهدف للخطر. وقد تفسد العقوبات العلاقات وتؤدي بالدول المستهدفة إلى مضاعفة تمردها.

وأشار إلى أن واشنطن مارست ضغوطًا مكثفة لإقناع تركيا بإلغاء الصفقة. وقد هددت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ في مقالة نادرة في صحيفة نيويورك تايمز، بفرض عقوبات من شأنها أن تضرب بشدة الاقتصاد التركي، وتهدد الأسواق الأجنبية المباشرة بتطبيق البنود الواردة في قانون جاستا. 

وأضاف أن للإدارة الأمريكية يمكنها أن تخفف الضربة الموجهة إلى تركيا عن طريق استهداف معظم الشركات ذات الصلة بالجيش، ولكن من المرجح أن تؤدي أي عقوبات إلى تخويف الأسواق والإضرار النمو.

أما بالنسبة إلى الأتراك، فإن صواريخ إس 400 تلبي العديد من الاحتياجات المهمة، علاوة على أنها أرخص بكثير من بطاريات باتريوت الأمريكية الصنع وتقدم دفاعًا جويًا أكثر شمولًا، يتفوق في استهداف الصواريخ والطائرات. وعلى عكس باتريوت، تم تصميم إس 400 أيضًا لمحاربة الطائرات الغربية.

ويقول الباحث إن التهديد بفرض العقوبات لم يثن تركيا عن الاستحواذ علي الصواريخ الروسية، على الرغم من مشاكل تركيا الاقتصادية. وهذا يناسب نمطًا من التحدي المشترك للدول التي تخضع للعقوبات بشأن ما تعتبره مصالح جوهرية.

ويوضح أن العقوبات الصارمة التي أضرت بالاقتصاد الروسي بعد الاستيلاء على القرم عام 2014 أخفقت في إعادة روسيا إلى شبه الجزيرة وإنهاء دعمها للانفصاليين في شرق أوكرانيا. وبالمثل، كانت إيران غير راغبة في تقديم تنازلات بشأن برنامجها الصاروخي أو دعم الوكلاء على الرغم من العقوبات الصارمة التي يتوقع أن تقلص ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 6 في المئة هذا العام.

ورأى أن ما تحققه العقوبات في كثير من الأحيان هو غضب الأمة المستهدفة وجعل القرار الدبلوماسي أكثر صعوبة.

ويضرب مثالا على ذلك بأن العقوبات التي فرضت على دول مثل كوريا الشمالية وكوبا والعراق لم تجعلها أكثر تصالحية، لكنها جمدت علاقتها مع الولايات المتحدة في حالة من العداء. وتسببت حدة  العقوبات على روسيا بسبب القرم في أطول فترة ركود في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا منذ الحرب الباردة. 

ووفقا للباحث، فإن استبعاد تركيا من برنامج F-35 هو الرد المناسب على شراء إس 400، لكن استهداف الاقتصاد التركي بشأن قرار الشراء العسكري أمر غير متناسب، وبالتأكيد ستنظر تركيا إليه بهذه الطريقة.

وأضاف أن من المحتمل أن يؤدي تطبيق العقوبات إلى إثارة العداء والانتقام، ويدفع تركيا إلى روسيا أو غيرها من خصوم الولايات المتحدة. وقد ألمحت تركيا إلى الرد الذي قد يشمل منع الولايات المتحدة من الوصول إلى قاعدة إنجرليك الجوية، أو شن هجوم على الميليشيات المتحالفة مع الولايات المتحدة في سوريا.

ولفت إلى الاقتراح الذي قدمه السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام ، بأن تتخلى واشنطن عن العقوبات، بشرط عدم تشغيل الصواريخ الروسية، مشيرا إلى أنه إذا فشلت هذه المبادرات، فمن المحتمل أن تكون العقوبات الأمريكية حتمية، وقد تلحق ضررا لا يمكن إصلاحه بعلاقة مشحونة بالفعل.

وختم الباحث مقاله بالقول: "إن على الولايات المتحدة تطبيق العقوبات على نحو مقتصد وبذكاء، لدعم استراتيجية دبلوماسية واضحة، وفقط في الحالات التي لا يكون فيها الهدف يدافع عن مصلحة جوهرية، ومن ثم تكون قادرة على التوصل إلى حل وسط. يجب أن يوفر النزاع مع تركيا حافزًا لإعادة التفكير وإصلاح نهجنا الحالي".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!