ترك برس

انتظر عشرات المزارعين الفلسطينيين في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، "المدينة الصناعية التركية"، وهم يعلقون آمالهم بأن تخدمهم بصفتهم مزارعين ومستثمرين.

على مقربة من أرضه في سهل مرج ابن عامر قرب جنين، يتابع المزارع عماد الصالح بعين ثاقبة تحركات جديدة في "المدينة الصناعية التركية"، والأمل يحدوه أن يُنجز المشروع الذي أسس له أن يكون قبل سنوات وتعثر بفعل إجراءات الاحتلال الإسرائيلي. وفق تقرير أعدته شبكة الجزيرة القطرية.

وفي لقاء قريب جمع وزير الاقتصاد الفلسطيني خالد العسيلي ورئيس مكتب الاستثمار في الرئاسة التركية آردا إيرموت على هامش مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي للاستثمار بمدينة إسطنبول التركية، بحث الاثنان التعاون المشترك وزيادة حجم التبادل التجاري وتشجيع الاستثمار وخاصة فيما يتعلق بالمنطقة الصناعية في مدينة جنين.

بفارغ الصبر انتظر الصالح وعشرات المزارعين أمثاله هذه المنطقة، وهم يعلقون آمالهم بأن تخدمهم بصفتهم مزارعين ومستثمرين عبر توفير منشآت صناعية تستوعب منتجاتهم وتعيد تصنيعها بشكل أو بآخر مثل مصانع الكبيس والتعليب وبما يدعم القطاع الزراعي الذي يوصف بأنه الاقتصاد "المنتج" الوحيد فلسطينيا.

بحسب تقرير الجزيرة، يزرع الصالح ما لا يقل عن أربعمئة دونم (الدونم ألف متر مربع) بينما تقدر مساحة الأراضي الزراعية المحيطة بالمنطقة الصناعية بنحو خمسة آلاف متر مربع.

ويقول إن أهمية هذه المدينة الصناعية وقوعها في منطقة حدودية مع الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، إذ يسهل ذلك عملية التوريد والتصدير كما أنها قريبة من مزارع الفلسطينيين.

تقدر مساحة المدينة الصناعية بنحو ألف دونم، وحسب الوزير العسيلي فإن اتفاقية بقيمة 18 مليون يورو وقعت بين فلسطين وشركة تركية توكل بموجبها مهمة التطوير للشركة التركية.

وهذه الاستثمارات بمختلف مجالاتها مهمة جدا ومرحب بها فلسطينيا، وفق عزمي عبد الرحمن مدير السياسات الاقتصادية بوزارة الاقتصاد الفلسطينية في ظل غياب الموارد الاقتصادية الفلسطينية "المحدودة" والواقعة أصلا في مناطق "سي" وتحت السيطرة الإسرائيلية.

يقول عبد الرحمن إن المدينة الصناعية تعثر إنشاؤها لأكثر من عشر سنوات بفعل إجراءات الاحتلال الإسرائيلي المتعلقة بالتراخيص التي وافق عليها أخيرا، وهي الآن بمرحلة الإعداد والبنى التحتية.

وهذه الاستثمارات حسب عبد الرحمن توقف احتكار إسرائيل للاقتصاد الفلسطيني والتحكم بموارده بكل المجالات وسعيه لإبقاء السوق الفلسطيني مستهلكا لا منتجا، وتجعله أيضا منافسا لنظيره الإسرائيلي.

وقال "هناك عجز في الميزان التجاري بنسبة 75% لصالح إسرائيل"، مشيرا إلى أن إسرائيل تحكم سيطرتها على السوق الفلسطيني والمعابر والحدود.

ورغم يقينه من سعي إسرائيل المتواصل لإعاقة أي تنمية اقتصادية فلسطينية، فإن وقوع المدينة الصناعية بمنطقة حدودية سيسهل الحركة التجارية ويدعم المواطن مباشرة ويوفر فرص العمل (من 10 إلى 15 ألف فرصة عمل مباشرة ومثلها غير مباشرة) والاستفادة من إنتاج المواطنين -خصوصا المحيطين- الزراعي والصناعي.

لا تتعدى نسبة المنتج الفلسطيني داخل السوق 20%، كما أن جُل سلعه المستهلكة "مستوردة" وأكثر من 60% منها من الاحتلال الإسرائيلي. أما العجز بالميزان التجاري الفلسطيني فهو لصالح إسرائيل ويفوق 4.5 مليارات دولار.

ويقول عبد الرحمن، إن أية استثمارات لصالح الفلسطينيين ستزيد نسبة وحصة منتجهم سيكون لها أولوية لدى الحكومة الفلسطينية، كونها ستخلق فرص عمل وتحد من الفقر والبطالة التي تتجاوز نسبتها 30%.

ويعمل الفلسطينيون -وبدعم واستثمار خارجي- لإنشاء خمس مدن صناعية أهمها مدينة أريحا الصناعية الزراعية ويجري العمل بمدن بيت لحم جنوب الضفة الغربية وجنين شمالها، بينما توضع مناطق ترقوميا وجمرورة في مدينة الخليل جنوب الضفة على قائمة الانتظار.

هذه المدن الصناعية على أهميتها وخلقها لآلاف فرص العمل إلا أنه لا تعلق عليها آمال كبيرة جدا برأي أستاذ الاقتصاد الفلسطيني نصر عبد الكريم، كونها ستكون محكومة بنهاية المطاف لإسرائيل وتتبع لها، ويقول "هي ليست حلا سحريا لأزماتنا الاقتصادية".

يوضح عبد الكريم أن "حدودية" بعض تلك المدن مثل جنين الصناعية، ربما يجعل من إسرائيل شريكة ومستثمرة بها، فلا أحد يعرف من يعمل بها أو يديرها! فضلا عن أن الاقتصاد الفلسطيني يعيش أزمة عميقة وتبعية مهولة لإسرائيل.

ويستبعد عبد الكريم استثمار الدولة التركية المباشر بمدينة جنين الصناعية وإن وجد بعض المستثمرين الأتراك بصناعاتهم المختلفة.

ويقول إن إسرائيل ستكون المستفيد الأول، لما ستحظى به منتجاتها من "مزايا تفضيلية" بأسواق العالم، كما ستجدها فرصة لتعزيز "ثقافة التطبيع" واختراق أسواق غير تقليدية، أما الفلسطينيون فهم "الحلقة الأضعف".

رغم آماله الكبيرة بأن تعوضه مدينة جنين الصناعية خسائر جمَّة يتكبدها سنويا هو والمزارعون الآخرون بفعل فائض المنتج وضعف فرص تسويقه، فإن توجسا ينتاب المزارع عماد الصالح من ألا تحقق المنطقة الصناعية طموحه باستيعاب منتجه الزراعي بشكل أو بآخر.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!