ترك برس 

تناول مقال نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى على موقعه الإلكتروني التطورات الأخيرة في ليبيا واصفا مذكرة الدفاع التي وقعتها تركيا مع حكومة الوفاق المعترف بها، بأنها ستساهم في ردع المزيد من التصعيد، خاصة وأن مصر لا ترغب في مواجهة عسكرية مع تركيا.

ويذكر المقال الذي شارك في إعداده الكاتب المتخصص في الشأن الليبي، بين فيشمان، أن التطورات الأخيرة وغيرها تعكس مكانة ليبيا المتنامية كنقطة جوهرية في السياسة الخارجية التركية التي تعتبر تلك البلاد على ما يبدو مسرحًا تستخدمه تركيا لمنافسة خصومها القدامى (اليونان) والجدد (مصر والإمارات العربية المتحدة) بواسطة وكلائها.

وأضاف أن حكومة الوفاق الوطني الليبية تعتمد بشكل متزايد على أنقرة لأسباب عسكرية، أي عدم وجود حلفاء آخرين على استعداد لتوفير أسلحة قادرة على مواجهة الطائرات بدون طيار المقدمة من الإمارات لـ "الجيش الوطني الليبي"، ووصول المرتزقة الروس الذين أضافوا تكنولوجيا جديدة ودقة في الحرب التي يشنها حفتر على طرابلس.

ووفقا للمقال، فإن دوافع تركيا للتجالف مع حكومة الوفاق يرجع إلى أنها وجدت نفسها أخيرا في مواجهة تحالف ناشئ من الخصوم القدامى والجدد عبر شرق البحر المتوسط​، وخاصة قبرص ومصر واليونان وإسرائيل. تشعر أنقرة بالقلق إزاء المعدل الذي اصطفت به تلك الدول في تعاون استراتيجي، تضمن مبادرات مشتركة في المجالات الدبلوماسية والعسكرية والطاقة.

وأوضح أن الاتفاق الموقع في 28 تشرين الثاني/نوفمبر رسم محورا بحريا افتراضيا بين دالامان الواقعة على الساحل الجنوبي الغربي لتركيا ودرنة الواقعة على الساحل الشمالي الشرقي لليبيا. ومن وجهة نظر أردوغان، يتيح له هذا الخط اعتراض التكتل البحري الناشئ بين قبرص ومصر واليونان وإسرائيل، والتصدي في الوقت نفسه للضغط المصري والإماراتي على "حكومة الوفاق الوطني".

وحول التداعيات المحتملة للاتفاق على الوضع في ليبيا، يذكر المقال أن السلطات في طرابلس شعرت بعدم وجود خيار آخر أمامها بعد ثمانية أشهر من القتال المتجدد. وزادت الخسائر العسكرية لقوات "حكومة الوفاق الوطني" بسبب الضربات الإماراتية بطائرات بدون طيار والقناصة الروس، في حين ساءت الأوضاع في العاصمة. 

وأضاف أنه نظرا لأن حفترلا يظهر اهتماما بالتسوية السياسية، وعدم بذل المجتمع الدولي الكثير للضغط على مؤيديه الأجانب، فيمكن لمذكرة الدفاع التركية - الليبية الجديدة أن تساعد في ردع المزيد من التصعيد - خاصة وأن مصر لا ترغب في مواجهة عسكرية مع تركيا.

وأردف أن حدوث المزيد من التصعيد في ليبيا قد يفتح المجال أمام أنقرة وروسيا للحلول محل الغرب والأمم المتحدة في المعركة الدائرة لتحديد مستقبل ليبيا. وعلى الرغم من أن أردوغان وبوتين يدعمان حاليًا طرفين متعارضين في الحرب الأهلية، فإن سجل عملياتهما في سوريا يكشف الكثير عن قدرتهما على التوصل إلى تفاهم في ليبيا.

وخلص إلى أن التردد الأمريكي فيما يتعلق بمعركة طرابلس قد سمح للروس باكتساب النفوذ في الجانب الجنوبي من حلف الناتو. كما أنه أثار نقطة احتكاك غير ضرورية مع تركيا، وكذلك بين أنقرة وحلفاء آخرين للولايات المتحدة في شرق المتوسط. وأصبح المجال ضيقا اليوم أمام واشنطن لمنع وقوع المزيد من أعمال العنف في ليبيا والحد من نفوذ موسكو هناك.

وأضاف أن على الإدارة الأمريكية أن تدعم بالكامل الجهود التي تقودها ألمانيا لإقناع جميع الأطراف الخارجية ذات الصلة - بما في ذلك تركيا وخصومها الإقليميون - بالالتزام بوقف إطلاق النار ووقف عمليات نقل الأسلحة. ويجب أن يهدد المسؤولون الأمريكيون أيضاً باستخدام صلاحيات العقوبات القائمة ضد منتهكي اتفاق وقف إطلاق النار بعد التوقيع عليه.

واعتبر أن الطريقة المثلى لكبح تدخل موسكو لا تتمثل في استمالة حفتر، بل في الضغط على الدول الأخرى الداعمة له، وخاصة الإمارات ومصر. إذ تسعى هذه الدول إلى إقامة علاقات إيجابية مع واشنطن، ويجب الاستفادة من هذه الرغبة كوسيلة ضغظ للحصول على دعمها لعملية برلين ووقف إطلاق النار الذي تمس الحاجة إليه.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!