ترك برس

دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نظام الأسد إلى الانسحاب إلى خلف نقاط المراقبة التركية شمال غربي سوريا خلال شباط / فبراير الجاري، "لأن تركيا ستضطر لإجباره على ذلك إذا لم ينسحب في هذه الفترة الزمنية المحددة".

وقال أردوغان خلال تصريحات في العاصمة أنقرة: "أولًا، وقبل كل شيء نريد أن من النظام أن يتراجع فورًا من إدلب إلى الحدود المتفق عليها وفق اتفاق سوتشي. بمعنى آخر، أن يتراجع إلى ما وراء نقاط مراقبتنا".

وتابع "سنرد بالمثل على كل هجوم جوي أو بري يستهدف جنودنا أو العناصر الصديقة التي نتعاون معها، وذلك بغض النظر عن مصدر الهجوم ودون سابق إنذار. بما أنه لا يمكن ضمان أمن جنودنا في منطقة إدلب، فلا يمكن لأحد الاعتراض على ممارستنا لحقنا في القيام بذلك شخصيًا".

ولا تزال أصداء التوتر تتصاعد بعد قتل النظام السوري لعدد من الجنود التابعين للقوات التركية المتواجدة في إدلب، ما دفع أردوغان لرفع نبرة التهديد ضد النظام قائلا: "سنجعلكم تدفعون ثمن فعلتكم، وسنرد بكل حزم، سواء من البر أو الجو".

وتزامنا مع ذلك، أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن قواته المسلحة ردت على مقتل 8 أتراك بإدلب، بقصف 54 هدفا تابعة للنظام السوري، "وجرى تحييد 76 جنديا من قوات النظام، وفق معلومات حصلنا عليها من مصادر متعددة"، وفق قوله.

لكن التصعيد الميداني قابله حراك دبلوماسي، تمثل باتصالات روسية-تركية بين وزيري خارجية البلدين، وذكرت مصادر دبلوماسية تركية أن "الجانبين تناولا التطورات الأخيرة في سوريا"، دون الكشف عن تفاصيل أخرى. وفق تقرير نشرته صحيفة "عربي21".

المحلل السياسي التركي بكير أتاجان، أرجع ما جرى إلى وجود اتفاق "خفي" بين واشنطن من طرف، وروسيا ونظام الأسد من طرف آخر، موضحا أنه "بعد السيطرة على حقول النفط في شرق الفرات، فإن هناك توجها لفتح الطريق الدولي، لبيع النفط من جهة، وفتح الطريق أمام تحسين اقتصاد سوريا من جهة أخرى".

وأكد أتاجان، وفي "عربي21"، أن أنقرة رأت في السيطرة على مدينة سراقب خطا أحمر، لذلك فإنها أرسلت تعزيزات لنقاط المراقبة الخاصة بها، مشددا على أنها "مصرة على عدم التخلي عن هذه المنطقة مهما كانت الأسباب، لأهميتها في عدم سقوط محافظة إدلب".

ورأى أتاجان أنه رغم التطورات الميدانية الكبيرة في إدلب، فإنه "ليس من السهولة أن تتخلى روسيا عن تركيا، لوجود مصالح اقتصادية وتجارية وسياسية مهمة"، متوقعا أن "تشهد الأيام المقبلة حوارا جديدا بين الطرفين وربما اتفاقات جديدة بشأن إدلب، تضمن بقاء المنطقة تابعة لتركيا على غرار مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام".

ولفت إلى أن استهداف النظام السوري للجنود الأتراك في إدلب، تم بغطاء روسي، مشيرا إلى أن أنقرة ردت على هذا التطور "الخطير" بقصف مواقع الأسد بشكل مباشر، وأعطى الهجوم القوة لتركيا في البقاء على مواقفها في هذه المنطقة.

ورجح أتاجان أن "لا يستمر القصف التركي بهذه الشدة"، مشددا على أن "روسيا مجبرة على الجلوس مع أنقرة، رغم التحريض الأمريكي الأوروبي لإعلان الحرب من أنقرة ضد موسكو (..)، لكن من المعروف أن واشنطن ودول أوروبا لا تثق فيهم تركيا ولا بصداقتهم، لأنهم يضرون بها أكثر من روسيا"، بحسب تقديره.

وبحسب المحلل التركي، فإننا ربما نشهد حراكا دبلوماسيا وسياسيا مكثفا بين روسيا وتركيا لاحتواء هذا التصعيد "الخطير"، مع وجود صدامات مباشرة "غير مستمرة".

في المقابل، أكد الكاتب التركي سادات أرقين أن التوتر في الشمال السوري يتراكم "خطوة بخطوة منذ فترة طويلة"، موضحا أنه بدأ بشكل فعلي، فور اختراق قوات الأسد وروسيا اتفاق وقف إطلاق النار بإدلب، ما تسبب بموجة تشريد جديد تجاه الحدود التركية.

ورأى أرقين في مقال نشرته صحيفة "حرييت" أن حادثة استهداف الجنود الأتراك، تعبر عن توتر العلاقات التركية-الروسية، مضيفا أن "روسيا مسؤولة مثل النظام، لكن أنقرة فضلت أن ترى فقط جزء الأسد من الصورة، من أجل تجنب أزمة مع موسكو".

وأشار أرقين إلى أن سيطرة النظام على بلدة معرة النعمان بدعم روسي، قلب "المعادلة الاستراتيجية" في إدلب، مبينا أنه "تم التغلب على واحدة من أهم العقبات التي تحول دون ربط مدينة حلب بمناطق النظام في دمشق، بواسطة الطريق الدولي أم-5، وكذلك إلى اللاذقية بواسطة طريق أم-4".

ونوه إلى أن معرة النعمان تقع على بعد 25 كيلومترا فقط من مدينة سراقب الواقعة عند مفترق الطريقين الدوليين، مؤكدا أن "استخواذ النظام على سراقب، سيشكل أكبر إنجاز عسكري لاستعادة السيطرة على الطريقين الرئيسيين (M5 وM4)".

وذكر الكاتب التركي أن قوات النظام السوري باتت قريبة من سراقب، بهدف تطويق المدينة من الغرب، للسيطرة على الطريق السريع "أم-4". بحسب "عربي21".

وأشار أرقين إلى أن الحشود العسكرية التركية في الأيام الأخيرة، تهدف لصد هذه الخطط، وتأمين طريق الإمداد لنقاط المراقبة العسكرية في شرقي وجنوبي الطريق الدولي، معتبرا أن استهداف الجنود الأتراك قرب مدينة سراقب، يدفع بتوتر جديد في المنطقة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!