حقي أوجال - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

يحاول زعماء الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يتفوقوا على بعضهم بعضا في وصف قتل ميليشيا روسيا والنظام جنودا أتراك في إدلب. فقد وصفه وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بأنه عمل "وقح وحقير"، في حين ذهب الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، إلى وصف أكثر كلاسيكية: "قتل جنود حليفنا الكبير..." بينما وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، القتل بأنه من أكثر الحوادث إثارة للقلق في الحرب السورية. لم يذكر سفير روسيا في الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، ما حدث هناك: إنه ببساطة يريد من تركيا أن تغادر سوريا، متناسيا أن اتفاق سوتشي بين رؤساء تركيا وروسيا وإيران هو الذي يجعل وجود القوات التركية في إدلب ممكنًا.

حثت خمس دول أوربية بمجلس الأمن الدولي  تركيا على "وقف العمل العسكري الأحادي" كرد فعل على مقتل 33 جنديًا. أغرب لاعب في الصراع السوري هو ربما الولايات المتحدة التي صرحت مندوبتها في الأمم المتحدة، كيلي كرافت، للصحفيين بأن الولايات المتحدة حذرت تركيا من العواقب عندما واصلت قوات أنقرة هجومها على المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا يوم الخميس. لقد كانت كرافت ذكية بما يكفي للتأكيد على شرحها الموجز بأن تركيا كان يجب أن تعرف بشكل أفضل عندما قررت شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية. يعتقد مارك لوين، مراسل بي بي سي في روما، أن تركيا "توددت إلى موسكو" بشراء صواريخ روسية. إنهم يلمحون إلى أن تركيا تطلب الآن تضامن الغرب عندما يتعرض لهم الروس وحليفهم الأسد.

لا يبدو أن الدبلوماسي ولا معلم الشؤون الدولية يوليان اهتمامًا للحقائق المحيطة بالظروف عندما كان يجب على تركيا الدخول في عملية سياسية مع روسيا وإيران بشأن سوريا. بين عشية وضحاها تقريبا، كان على تركيا قبول 4 ملايين لاجئ من سوريا. لم يكن الأمر مجرد بؤس إنساني، ولكن كان له احتمالات كارثية لتغيير التكوين الديموغرافي في سوريا. إن التوازن السياسي والطائفي الدقيق في المنطقة، وكذلك السلامة الإقليمية لكثير من البلدان، يعتمد على الوضع في سوريا.

لم يستمع الأسد إلى تركيا منذ اليوم الأول من حملته للتطهير الطائفي، وكانت الطريقة الوحيدة الممكنة التي يمكن بها الوصول إليه هي عبر حليفه السياسي روسيا والاتحاد الديني الإيراني. وفي حين كان خُمس سكان البلاد تحت احتلال تنظيم البي كي كي وفروعه من الوكلاء الأمريكيين، هاجم الملالي الإيرانيون والأسد (بمساعدة من سلاح الجو الروسي) الـ 4 ملايين شخص الباقين في إدلب. وكما حذرت تركيا منذ اتفاق سوتشي بشأن إدلب، كان ينبغي التعامل مع الفصائل الإرهابية بين العناصر المناهضة للنظام في إدلب بكياسة؛ لأن عائلاتهم كانت تقيم معهم. وعدت روسيا بالمساعدة في نزع سلاح العناصر المناهضة للنظام بمجرد وجود هيكل ديمقراطي في سوريا، الأمر الذي يجعل الحفاظ على المقاومة المسلحة ضد الحكومة غير مناسب وغير ذي صلة قبل الانتخابات.

لكن الدوافع الروسية لزعزعة خطط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن سوريا تطابق الخطط الإيرانية / السورية لتطهير البلاد عرقياً ودينياً.

لو أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد رأيا خطط الأسد الشريرة منذ تسع سنوات وتقاسما مع تركيا عبء اللاجئين السوريين، لم تكن تركيا لتضطر إلى طلب الدعم من روسيا أو إيران.

كان ينبغي أن يتقاسم الأوروبيون منذ وقت طويل الحنظل المر المتمثل في دعم 4 ملايين شخص من البلد المجاور. لسوء الحظ، فإن شجاعة تركيا وثقتها التي لا أساس لها في وعد الأوروبيين بمساعدة تركيا على رعاية اللاجئين تزيد من حدة المشكلة.

بمساعدة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أو بدونها، لن تتراجع تركيا عن التزامها بإدلب. عند هذه النقطة، أخطأت روسيا في تقدير رد فعل تركيا. النقطة المهمة هي أن الروس لم يفهموا كيف قامت تركيا بحساب التوازن بين التكلفة الإنسانية للدفاع عن آخر معقل للسنة السوريين وتأثير التطهير العرقي والديني الذي مارسه الأسد والملالي الإيرانيون على المدى الطويل في سوريا.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس