غزوان المصري - خاص ترك برس

يمر العالم الآن بعدة أزمات مجتمعة قد لا يكون لها مثيل في تاريخ البشرية غير طوفان نوح عليه السلام، ويتعامل العالم معها من خلال أدوات واستراتيجيات استخدمت في معالجة أزمات من قبل ولكن اي من هذه الأزمات الحالية لم يكن لها مثيل في حجمها أو مدى تأثيرها على البشرية فكيف وقد جاءت مجتمعة. 

هذه سابقة تستدعي عدم ارتجال القرارات لأن نتائج القرار الخاطئ اليوم سيكون لها مضاعفات قد تزيد الأمر سوءًا أو تجعل من الصعب التصدي لهذه الأزمات مستقبلا، كما أن الإبطاء في اتخاذ القرارات يسمح لبعض من هذه الأزمات بأن تزداد حدة ويصبح التصدي لها أصعب وأكثر كلفة وثمنًا، وهذه متلازمة معقدة بعض الشيء.

الأزمات التي تواجه العالم الآن أعظمها ثلاث، أزمة صحية متمثلة بوباء شرس انتشر في محيط الكرة الأرضية، وأزمات اقتصادية متراكمة وتفاقمت بسبب الإجراءات التي اتخذت لمواجهة هذا الوباء المنتشر، تلك الإجراءات التي ستستمر لحين التمكن من الحد من انتشار الوباء (على أقل تقدير) أو القضاء عليه، ثم أزمة تدهور أسعار النفط والتي سببها اجتماع عاملين، الأول صراع القوى المنتجة للنفط على التحكم بأسواقه العالمية، والثاني هو الوباء المنتشر الذي أدى الى هبوط الطلب على النفط إلى مستويات غير مسبوقة، مما فرض عدم وضوح للرؤية المستقبلية للتعافي من هذه الأزمات. 

نظرة إلى الوضع الاقتصادي العالمي حتى نهاية عام 2019

حتى نهاية عام 2019، كان الوضع الاقتصادي العالمي أصلا يعاني من أزمات تتفاوت في حدتها بين دول العالم وخاصة الدول المؤثرة في اقتصاديات العالم أجمع، وكانت اقتصاديات الدول بين من يجتهد للتعافي باتخاذ إجراءات وبرامج تحفيز للاقتصاد، أو من كان يسير في طريقه للتعافي، وبين من كان مهددًا بتدهور حالته الاقتصادية إلى الأسوأ ويسعى لإيجاد أدوات أو إلى من يمد له يد العون وينجده.

في النصف الثاني من عام 2019 بدأت حرب اقتصادية معلنة بين أمريكا والصين، اصطفت فيها أوربا مع أمريكا، وبدأ عقد التفاهمات التجارية العالمية ينفرط، وبدأت الدول المتقدمة باتخاذ إجراءات حماية وغيرها من الإجراءات للحد من تقدم وتفوق الصين اقتصاديا، ذلك التقدم والتفوق في بعض النواحي أصبح يهدد التوازن الاقتصادي للدول الغربية، مما دعاها  للسعي لاستعادة بعض الصناعات ودعم القطاع الصناعي بغية خلق فرص عمل واحياء نشاطات صناعية وخدمية محلية باتخاذ إجراءات حماية متعددة ودعم لتلك النشاطات.

كانت بعض هذه الإجراءات والحمايات في مخالفة مباشرة لاتفاقيات منظمة التجارة الدولية، مما خلق تهديد مباشر لاتفاقيات المنظمة وسيسمح لاحقا لمن رغب من باقي الدول اتخاذ اجراءات حماية مماثلة كلما شعرت تلك الدول بحاجتها لحماية صناعاتها وأسواقها المحلية.  

لقد خلق هذا الصراع والسعي لفرض النفوذ الاقتصادي للدول الغربية (أمريكا والدول الأوربية) ظروف اقتصادية جديدة تتطلب استقطاب الدول النامية لقبول هذا الواقع وفرضه عليها سعيا بشتى الأشكال للحفاظ على ما بقي من نفوذها الاقتصادي في تلك البلدان ومحاولة ان امكن استرداد تلك الأسواق لتسويق منتجاتها وإزاحة منتجات الصين وباقي الدول النامية التي بدأت تشهد بعض النهوض الصناعي والاقتصادي. 

الحدث الاقتصادي الآخر الذي كان له وقعه على عام 2019 هو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، ذلك الخروج الذي استغرقت مفاوضاته أكثر من عامين ولم ينته إلى الآن حتى بعد اعلان انفصال بريطانيا رسميا عن الاتحاد الأوربي. 

هذا الانفصال سيكون له تأثيره على عمليات الاستقطاب الاقتصادية في العالم، من الملامح الرئيسية لهذا الانفصال هو توافق توجهات بريطانيا وأمريكا الاقتصادية واعلانهم على تشكيل تحالف مستقبلا، مما سيكون له تأثيره حتما على أوربا والعالم. 

من المهم معرفة أن بريطانيا بقيت مركز ثقل عالم المال في العالم، وأن خروج بريطانيا قد يكون من أهم أحد أسبابه هو دورها مستقبلا في النظام المالي العالمي الجديد الذي يتكلم عنه.  

كذلك من معالم عام 2019 قيام حروب ومقاطعات اقتصادية من قبل البلدان الغربية (امريكا والدول الأوربية) ضد بعض البلدان التي لا تضع لها عصا الطاعة والانصياع، مما أثقل كاهل هذه الدول المحاربة وأضعف اقتصادها رغم وجود مقومات وثروات تتيح لتلك الدول (لولا المحاربة المعلنة بشتى المبررات والحجج) أن تنهض باقتصادها وتطوير أنفسها. 

أضف إلى ذلك استمرار الحروب العسكرية المباشرة وبالوكالة في صراع على بسط النفوذ أو فرض اجندات تخدم القوى العظمى دون الالتفات إلى ما تسببه هذه الحروب من جرائم وتهجير ومآسي للبشر في تلك البلدان المتصارع عليها والمنكوبة. للأسف فقد اجتمع في تلك الحروب على تلك البلدان الضعيفة الغرب والشرق من البلدان ذات الأطماع والنفوذ.

لقد كان من نصيب من وقف مدافعا عن تلك البلدان الضعيفة المغلوبة على أمرها (على قلتهم الضئيلة) العداء من القوى العظمى الطامعة، بل ومحاربتهم بشتى الوسائل الاقتصادية كي تنصاع وتتوقف عن مساندة ودعم تلك الشعوب المنكوبة في عصر تدعي فيه تلك الدول الطاغية مناصرتها لحقوق الإنسان زورا وبهتانا.

واقع الاقتصاد العالمي مع بداية عام 2020

إذن لم يكن الإرث الاقتصادي من عام 2019 قويًا، وإن كان يشير في بعض البلدان الى تحسن نتيجة المبادرات والإجراءات التي اتخذت في تلك البلدان، بما في ذلك الدول المتقدمة المؤثرة في اقتصاديات العالم، إلا أنه لم يكن اقتصادًا متعافيًا.

استمرت الحرب الاقتصادية المعلنة بين الغرب (امريكا وأوربا) مع الصين إلى الآن، وظهر بشكل واضح قلق الدول الغربية من التقدم التقني والمعلوماتي للصين، ولم تتوقف هذه المواجهة أو تخف حدتها حتى في ظل الظروف الطارئة التي أصابت العالم بسبب الوباء، بل على العكس، استغلها الغرب للشروع ببدء حملة اقتصادية جديدة ضد الصين باتهامها انها هي منبع الوباء (بتخطيط مسبق منها او بخطأ أو لأي سبب آخر).

بعد مضي أربعة أشهر من هذا العام، لا يوجد مؤشر (عدى عن التوقعات) عن موعد انتهاء الأزمة الصحية العالمية وما ستخلفه من آثار اقتصادية على دول العالم وبالتالي من غير الممكن عمليا تحديد موعد لبدء التعافي الاقتصادي والإجراءات التي يجب أن تتخذ من قبل النظام العالمي ومن قبل كل دولة لمعالجة تلك الأزمات الاقتصادية. 

آثار الأزمة الصحية والاقتصادية العالمية المنظورة الآن:

1- لعل أبرز نتائج هذه الأزمة العالمية سيكون هو التسريع بانهيار النظام المالي العالمي الذي كان أصلا آيلا للانهيار لولا دعمه وتجميله من المستفيدين منه، يزيد من حتمية هذا الانهيار الحرب الاقتصادية التي ما زالت مستعرة وتنذر بأن تشتد بين الغرب (أمريكا مع أوربا) والصين، وتدهور أسعار البترول مع مؤشرات استغناء الولايات المتحدة عن نفط الخليج.

2- توقف عجلة الإنتاج لأكثر من 90% من النشاط الاقتصادي في جميع أوجهه لجميع بلدان العالم معا بآن واحد. 

3- توقف الإنتاج تبعه شلل للحركة التجارية بين بلدان العالم تقريبا.

4- توقف حركة البشر والتنقل ضمن البلد الواحد وبين بلدان العالم في جميع أشكاله. 

5- انكشاف دول العالم على متطلبات عاجلة يجب تأمينها فورا لمواجهة الوباء المنتشر تستلزم مخصصات مالية ضخمة ومعدات وإمكانيات غير متوفرة وبغض النظر عن كلفة تنفيذها. 

6- انتشار هائل للبطالة (المعلنة وغير المعلنة) وهذا ليس لعدم وجود عمل لهم بل بسبب الحجر الصحي المفروض وتوقف الفعاليات الاقتصادية في جميع بلدان العالم. 

7- تواجه الشركات والمؤسسات العامة والخاصة ظروف مالية غير مسبوقة ولم يكن من الممكن التحوط لها مسبقا تهدد وجود واستمرارية العديد منها.

8- اتخذت بعض الدول تباعا إجراءات بتخفيف الحجر الصحي وبدرجات متفاوتة في محاولة لوقف التدهور الاقتصادي في بلدانها، ولكن لا يعرف نتائج ذلك بعد، وإن كان التخوف من انعكاسات شديدة للوباء قائمة. 

9- انهيار التعاون الاقتصادي الدولي بل انهيار بعض التحالفات عندما تعارضت هذه التحالفات مع المصالح الوطنية لبعض البلدان. 

10- تدهور اقتصاديات الدول المنتجة للبترول بشكل كبير لتراكم الأزمات عليها، مما سيفرض عليها واقع جديد ويحدد مصير الكثير من أوجه الإنفاق التي كانت عليها ويحد منها. 

11- من غير الواضح ما هو حجم تأثير إجراءات الحجر الصحي المتخذة في معظم دول العالم على الشركات الصغيرة والمتوسطة، ولعل حظها أن تستطيع النهوض من جديد بتأمين الدعم المناسب لها من قبل حكومتها أفضل من الشركات الكبيرة التي أصبحت منكشفة على خسائر كبيرة جدا بسبب الإغلاق وعدم تحصيل أي موارد مع ارتفاع الكلف التشغيلية فيها.

12- أصبح موضوع الأمن الغذائي والدوائي لجميع الدول لا يقل أهمية عن الأمن الوطني، وقد لا يقل أهمية عن بناء القوة العسكرية. 

13- ظهور ممارسات لا أخلاقية من قبل بعض الدول للحصول على ما تحتاجه من أدوية او معدات أو تجهيزات طبية، وامتناع دول اخرى عن توريد ما كان يعتمد عليها بتوريده قبل انتشار الوباء من مكونات أساسية لإنتاج بعض الأدوية المهمة.

لقد أصبح الحلال هو ما تصله الأيدي مما هو محتاج له بغض النظر كيف الوصول إليه ولو كان بالسرقة.

14- غياب منظمات أممية وعالمية كمنظمة الأمم المتحدة أو منظمة التعاون الإسلامي أو الاتحاد الأوربي أو أي من مثل هذه المنظمات عن تقديم أي مساهمة أو دعم لمنتسبيها وللدول الضعيفة المنكوبة. حتى منظمة الصحة العالمية أصبحت تتعرض للطعن وتتهم بأدائها مع انسحاب أكبر داعم مالي لها منها مما سيكون له أثره البالغ اقتصاديا على الدول النامية. 

15- ازدياد نسبة الفقر في العالم بشكل كبير جدا وليس فقط في البلدان النامية، بل في البلدان المتقدمة بشكل كبير رغم أن الأزمة لم تنجلي بعد.

18- انكشاف أحوال أكثر من 20% من القوى العاملة في العالم من الذين كانوا يعملون بدخل يومي أو اسبوعي أو شهري أو يتقاضون مقابل لأعمال محددة دون عقود طويلة موجبة لأصحاب العمل لفترات. معظم (ان لم يكن جميع) هذه القوى العاملة ليس لها مدخرات لمواجهة مثل هذه الأزمات. 

19- توقف صرف الأجور أو انخفاضها بشكل عام لجميع القطاعات الاقتصادية بسبب توقف العمل أو تقليص العمل مع إلغاء العمل الإضافي والحوافز وغيرها مما كان يحقق دخل رديف لهذه القوى العاملة.

20- انكشاف العجز الصحي المجتمعي في غالبية بلدان العالم وحتى الدول المتقدمة والتي لم تكن مستعدة لاستقبال هذا العدد من المصابين في وقت واحد. 

21- ظهور مناشدات في بعض دول العالم بالرجوع للقيم والأخلاق والتكاتف الاجتماعي في مواجهة جائحة عامة، مع بقاء للأسف العديد من الممارسات اللاأخلاقية او اللاإنسانية بالتعامل بين بعض الدول وفي ضمن مجتمع الدولة الواحدة عندما يكون الأمر متعلق بأمر مالي أو اقتصادي، وظهور آفات اجتماعية ونفسية دفينة ظهرت بعد فرض الحجر الصحي ستترك آثارها السلبية على المجتمعات. 

22- ظهور مناشدات وترابط وفعاليات اقتصادية ومالية مشهودة في المجتمعات المسلمة على انتشارها في أصقاع الأرض في ظاهرة عامة لم تكن ظاهرة من قبل. 

23- تأثر سلسلة الإمداد في العالم بشكل كبير، وتعثر العديد من الصناعات المهمة (الغذائية والدوائية بشكل أساسي) في العديد من البلدان التي تعتمد صناعاتها واقتصاداتها على مواد أولية مستوردة بعد امتناع أو حجب الدول المصدرة للتوريد لبعض هذه المواد الأساسية لتلك البلدان ولأجل غير معلن مما أصبح يهدد الأمن الغذائي والدوائي لتلك البلدان.

24- إعلان بعض البلدان المنتجة لمواد غذائية أساسية والتي تعد مصدر أساسي عالميا لهذه المواد عن توقف تصدير هذه المواد لأجل غير معلوم. 

25- دخول اقتصاديات العالم جميعها تحت بند "الظروف القاهرة" وما قد ينجم عن ذلك من اجراءات قد تتخذها العديد من الدول والشركات في العالم استنادا لهذه الظروف القاهرة والتي قد تسبب خسائر هائلة غير محسوبة للممولين والموردين في جميع أنحاء العالم. 

26- تسبب توقف حركة الطيران حول العالم إلى إعلان من الآن العديد من خطوط الطيران افلاسها في موقف قد يكون استغلالي للظروف الراهنة التي تضعها تحت بند الظروف القاهرة. كذلك قامت العديد من خطوط الطيران بإلغاء عدد من عقود الشراء أو استئجار لطائرات مبرمة مع الشركات المصنعة للطائرات مما سيعرض الشركات المصنعة للطائرات لخسائر هائلة. قد يدل لجوء بعض شركات الطيران إلى إعلان إفلاسها أو إلغاء تعاقداتها لشراء أو استئجار طيارات جديدة على توقعات بأن يكون حظر الطيران طويل الأمد. 

29- ظهور فوائد الاعتماد على التقنيات الرقمية الحديثة في مواجهة هذه الأزمات وخاصة في رصد انتشار الوباء والمصابين فيه وفي تشغيل العديد من الفعاليات الاقتصادية عن بعد، وفي اقامة الاجتماعات والتواصل عن بعد. 

30- قد لا يكون استخدام التقنيات الرقمية الحديثة وتطبيقاتها مفيدا أو ملائما لبعض المهام او الأعمال، ولكنه حتما استطاع تشغيل العديد من القطاعات الاقتصادية في ظل الأزمة بفعالية كبيرة، وسوف يكون ذلك ممتدا إلى حد بعيد بعد انتهاء الأزمة الصحية. 

31- نشط استخدام التقنية الرقمية في قطاع الخدمات وسلاسل الإمداد، وأصبح منها التسوق عن بعد واقع قائم وتتنافس في تقديم الخدمة العديد من الشركات.

32- ظهور نظام وقاية من الأمراض جديد يتطلب وضع قوانين وميزانيات مخصصة له في القطاعين العام والخاص، وهذا لم يكن له أي حساب سابقا في ميزانيات والكلف التشغيلية لكليهما مما سيتطلب عبئًا ماليًَا وتحوطات مالية إضافية. 

33- توقف فجأة الإرهاب والحديث عنه، وكأن صانعيه قد شغلوا عنه. فتكشف بذلك الدور في خلقه وتغذيته واستغلاله، وبما يشير إلى توقف الدعم المالي من الجهات التي كانت تغذيه في العقدين الماضيين. 

الإجراءات الاقتصادية المتخذة إلى الآن والمتوقع اتخاذها من قبل الحكومات في العالم:

1- سارعت الدول المتقدمة (وتبعها في ذلك العديد من الدول النامية) إلى تخفيض سعر الفائدة المفروضة على البنوك من قبل البنوك المركزية في محاولة لتفعيل وتنشيط عجلة الاقتصاد حتى وصل سعر الفائدة في العديد منها إلى الصفر أو حوله تماما ايجابا أو سلبا.

2- سارعت معظم الدول التي تحرص على نمو اقتصاداتها بتبني حزم دعم للفعاليات الاقتصادية (بشكل متفاوت) وذلك استباقا لما ستخلفه الأزمة الاقتصادية لاحقا.

3- سارعت العديد من الدول بتقديم حزم دعم اجتماعية (بشكل متفاوت) لمواجهة انقطاع الدخل او انخفاضه بشكل كبير على شريحة واسعة في المجتمع، من ذلك تقديم دعم مالي مباشر للأفراد أو الأسر. 

4- سارعت العديد من الدول باتخاذ إجراءات وتوجيه البنوك المركزية والتجارية والصناديق والمؤسسات التمويلية في بلدانها إلى المشاركة في دعم الفعاليات الاقتصادية وتحمل مسؤولياتها من خلال تمديد استحقاقات القروض (بأشكال ولشرائح عامة أو محددة) لفترات تتراوح بين ثلاث إلى ستة شهور (بحسب التوقعات المبدئية لزمن الأزمة) مع تحمل أعباء هذا التمديد أو مشاركة العبء مع البنوك المركزية. 

5- تدرس العديد من الدول إعادة النظر بالاتفاقيات التجارية والاستثمارية المتبادلة المبرمة مع غيرها من الدول في ظل هذه الأزمة الاقتصادية، بل إن هناك من بادر بتعليق هذه الاتفاقيات مبدئيا. 

6- اتخذت بعض الشركات حول العالم بعض الإجراءات الخاصة لدعم استمراريتها اعتمدت بشكل رئيسي على تخفيض النفقات بأشكال وطرق متفاوتة. 

خلاصة

1- لقد تعرضت في طرحي هذا إلى ما هو بظني النظرة الواقعية للأزمة لكي يكون البحث عن آليات لمعالجتها مبني على تصور واقعي للأزمة كي لا ينتج عن تلك الآليات حلول فاشلة أو قاصرة عن مواجهة الأزمة.

2- قد لا يكون من الممكن البحث عن آليات لموجهة هذه الأزمات على المستوى الفردي أو أن يقوم بذلك القطاع الخاص في أي بلد فذلك قد يكون من المستحيل. إن مواجهة هذه الأزمات تتطلب تدخل الحكومات على المستوى الوطني والأممي لإيجاد آليات مساعدة متعاونة للخروج منها، ولا يتوقع أن يكون ذلك في فترة زمنية بسيطة.

3- التغير القادم في النظام المالي العالمي سيتبعه الكثير من التغير في أسلوب وآليات عمل القطاعات الاقتصادية. الاقتصاد العالمي الآن بجملته مبني على اقتصاد الدين، وهو يدعم انفاق الحكومات والشركات والمؤسسات والتوسع والتطور بما لا تملكه من مال من خلال الاقتراض، وذلك النظام ممتد لجميع العلاقات والفعاليات الاقتصادية التي هي قائمة على التمويل الربوي.  

4- سينتج عن انهيار النظام العالمي القائم سعي القائمين عليه إلى اعادة استنساخه بنظام مالي جديد يضمن استمرار نموهم الاقتصادي (بشكل متفاوت) وللأسف على حساب استغلال موارد الدول النامية والحد من نموها الاقتصادي.

5- إن اتخاذ الدول أي إجراءات دعم اقتصادية الآن هي لمواجهة حاجة ملحة طارئة وتحسبية وقائية لما يتصور أن يكون عليه وضع الاقتصاد في المستقبل القريب، والحقيقة أن حجم هذه الأزمات الغير محدد حجما وإلى متى سيكون زمنيا قد لا يكون من الممكن تقديره الآن (مالم يتم تحجيم الوباء أو السيطرة عليه)، ويجعل من الصعب وضع خطط مستقبلية للخروج من هذه الأزمات.

أسأل الله تعالى ان يفرج عن الأمم ما ألم بها، وأن يلهم قادة المسلمين في بلادهم رشدهم والطريق للنجاة من هذه الأزمات ومن كل شر.

عن الكاتب

غزوان المصري

خبير بالشؤون التركية، مهتم بالاقتصاد والسياسة والأعمال وبالتواصل العربي التركي ونائب رئيس منتدى الأعمال الدولي IBF


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس