ترك برس

انعكست التغيرات التي شهدتها تركيا مؤخراً، فيما يخص تغيير مسؤولين اقتصاديين، على سعر صرف الليرة التي تدهورت هذا العام لتخسر أكثر من 30% من قيمتها.

بداية التغييرات هذه تمثلت في إقالة محافظ البنك المركزي مراد أويصال، بمرسوم رئاسي، وتعيين وزير المالية الأسبق، ناجي آغبال، بدلاً منه. فيما أعلن وزير الخزانة والمالية، براءات ألبيراق، مساء الأحد، استقالته من منصبه لما إنه "لأسباب صحية"، ليتم تعيين بدلاً أحد الوزراء السابقين، لطفي ألوان.

وعلى إثر التغييرات المذكورة وعقب تصريحات أدلى بها المحافظ الجديد للبنك المركزي التركي، بدأت الليرة بالتحسن، لتفتتح أمس الإثنين على 8.228، متحسنة بنسبة 0.2836% عن إقفال الأحد وتستمر في التحسن لتقترب من 8.097 ليرات للدولار الواحد مرتفعة بنسبة 1.6916%.

ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة ماردين التركية، عبد الناصر الجاسم، بضرورة إقدام الإدارة الجديدة للمركزي التركي، على رفع سعر الفائدة مع إجراءات نقدية وحتى مالية أخرى، لبث الطمأنة في الأسواق وكسر تهاوي الليرة.

وأشار إلى ضرورة "التناغم بين رفع سعر الفائدة وضخ كتل دولارية في السوق، سواء عبر المركزي أو حلفاء تركيا أو حتى المصارف الخاصة، فليس من مخاطر- برأيه- على الاحتياطي الأجنبي بالمصرف المركزي، وإن تراجع بنسبة 30% هذا العام.

وأضاف أن الخيارات أمام محافظ المصرف المركزي الجديد محدودة إن لم يستخدم أداة سعر الفائدة، مبرراً أن 10.25% هو سعر مرتفع بشكل عام، لكن تركيا تعيش، كما العالم، ارتدادات أزمة كورونا وتراجع الإنتاج والتصدير والسياحة، وفقاً لما نقلته صحيفة "العربي الجديد."

ويتوقع الجاسم أن تتحسن جميع المعطيات، بعد زوال آثار وباء كورونا، إذ تأثرت أهم مولدات القطع الأجنبي في تركيا، وهي السياحة والصادرات، وزاد خلل الميزان التجاري وتراكمت استحقاقات الديون الخارجية، ولكن بعد زوال نتائج الوباء، ستعود الصادرات التركية والسياحة، وبالتالي ستتحسن الليرة. فالقضية وبمنتهى الاختصار، عرض وطلب وتزيد الأسباب الاقتصادية والتوترات السياسية من الطلب على العملات الأجنبية.

من جانبه قال الباحث الاقتصادي أحمد مصبح، إن إدارة الملف الاقتصادي في تركيا كانت تسير بشكل جيد إلى حد كبير قبل كورونا، معتبرا أن الإشكالية الحالية داخل إدارة الملف الاقتصادي التركي ليست بسبب وجود أشخاص بعينها في مواقع المسؤولية، وإنما لتداعيات المتغير الجديد الذي أثر بشكل كبير على مجمل أداء الاقتصاد العالمي وليس الاقتصاد التركي فقط.

وأشار إلى جائحة كورونا "تسببت في استنزاف الاحتياطي النقدي، بعدما اضطر البنك المركزي ضخ مليارات الدولارات كدعم، حتى يتجنب قرار رفع سعر الفائدة تماشيا مع توجهات الرئاسة، كما تسببت الجائحة أيضا في استنزاف احتياطات وزارة المالية التي وجهتها لدعم وتمويل قطاعات عدة أبرزها قطاع الصحة".

وتترقب الأسواق للقرارات التي ستصدرها لجنة السياسة النقدية في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

وحول ما يمكن أن يستخدمه محافظ المركزي الجديد من أدوات نقدية أو قرارات خلال الاجتماع المرتقب في 19 الجاري، ويتوقع خبراء اقتصاديون أن تقدم الإدارة الجديدة على طرح سندات وسيكون عليها إقبال إن استمر تحسّن سعر الصرف، أو ربما يقرر التشدد في منح القروض بعد التسهيلات التي رأيناها خلال ذروة كورونا والتي زادت من معروض الليرة في الأسواق.

وبحسب مراقبين، فإنه توجد طرق كثيرة لدى تركيا لرفع سعر الليرة. منها التنسيق مع المصارف وتقديم طمأنة وضمانات، لتستثمر أموالها بالقطع الأجنبي في السوق التركية، ومعروف أن بعضها يستثمر في الخارج، وقت ذاك ستنتعش الليرة كثيراً.

وكان محافظ المصرف المركزي التركي الجديد، ناجي آغبال، قد أكد خلال أول بيان له "على مواصلة استخدام جميع أدوات السياسة النقدية تماشياً مع الهدف الرئيسي لاستقرار الأسعار"، مبيناً أمس "إن الأهداف الرئيسية للبنك المركزي هي ضمان والحفاظ على استقرار الأسعار، وتماشيا مع الهدف الرئيسي سنستخدم جميع أدوات السياسة بشكل حاسم"، مؤكداً في الوقت نفسه على "تعزيز الاتصال في السياسة النقدية، في إطار مبادئ الشفافية والمساءلة والقدرة على التنبؤ".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!