ترك برس

تحدث سالم بن مبارك ال شافي، سفير دولة قطر لدى الجمهورية التركية، في حوار مع صحيفة تركية بارزة، عن الأسباب التي تدفع بلاده لزيادة استثماراتها في تركيا، والمزاعم التي تنشر المعارضة التركية بشأن "مصنع الدبابات".

وذكر السفير القطري حلال حواره مع صحيفة "حرييت"، بان تركيا تتوفر فيها جميع المكونات لجذب المستثمرين اليها، لاسيما في قطاع العقارات، البناء، السياحة، المنسوجات، الأغذية، الزراعة، المواشي، الصناعة، الصحة.

وأكّد على أنهم سيواصلون الاستثمار في تلك القطاعات. وأشار سعادته إلى أن استثمارات جهاز قطر للاستثمار على مستوى العالم تزيد عن 400 مليار دولار. وجاء في الجوار:

مع نهاية عام 2020م ، كيف تقيمون العلاقات القطرية – التركية؟  

علاقاتنا مع الجانب التركي استثنائية، دائمة وباقية، ليست لحظية ولا آنية، وقد أصبحت مثلاً يُحتذى به في العلاقات المبنية على أسس صلبة من الجانبين، بخلاف العلاقات الأخرى المبنية على مصالح مؤقتة متغيرة.

هذه العلاقات ليست وليدة اللحظة، بل هي تعود الى عصر الدولة العثمانية، والتاريخ يسرد لنا وقائع في عام 1916 تظهر التضامن بين حاكم دولة قطر الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني والعثمانيين آنذاك، واستمرت هذه العلاقات حتى يومنا هذا، بعد أن عززتها التحديات التي مرت بها الدولتان، والسياسات المتناغمة الى حد كبير تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية والمشاعر الأخوية بين شعبي البلدين.

رأينا جميعاً خلال السنوات الأخيرة مختلف أنواع التحالفات العالمية، رأينا تحالفات تزهر في الظلام ويقتلها الضوء، ورأينا تحالفات تنهار و تتمزق، لكن تحالفنا مع الجمهورية التركية صامد، لأنه مبني على الحق والوفاء والقيم المشتركة والانحياز الى العدالة والإنصاف، والإنصات الى الشعوب في مطالبها المحقة.

نحن لا ننسى وقفة تركيا التاريخية الى جانبنا أثناء الحصار الجائر، لا ننسى دعمها لدولة قطر ونصرتها للحق والعدالة بالرغم من كل شيء .

 وبدورها هبت دولة قطر لنصرة الشرعية إبان محاولة الانقلاب الفاشلة، وكان سمو الأمير "حفظه الله" أول زعيم يتصل بالرئيس التركي للتعبير عن تضامنه ووقوفه الى جانب الشرعية في موقف صريح وواضح، في الوقت الذي بدت فيه مواقف العديد من الدول رمادية وملتبسة.

كما لم تتوان دولة قطر يوماً عن مساندة تركيا، ومد يد العون لها في الاستحقاقات الكبرى التي تخوضها، ودعمت الاقتصاد التركي عام 2018م عقب الهجمة الشرسة التي تعرضت لها الليرة التركية من قبل بعض الجهات الخارجية .

وعلى الصعيد السياسي فإن هناك تناغماً كبيراً في السياسات الخارجية والاقليمية بين البلدين ، وتنسيقاً على أعلى المستويات ، كما أن دولة قطر  تعبر دائماً عن تضامنها مع تركيا في مطالبها المحقة العادلة ، وأذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر ، اعتراض دولة قطر وتحفظها على قرارات جامعة الدول العربية لإدانة الغارات التركية على مواقع حزب العمال الكردستاني شمال جمهورية العراق، وتحفظها واعتراضها على إدانة الجامعة العربية لـ العملية العسكرية التركية (نبع السلام)، إذ عبرت دولة قطر في الحالتين عن  تضامنها الكامل مع تركيا في ما تتخذه من إجراءات وتدابير لحماية حدودها وحفظ أمنها واستقرارها، كما تحفظت على قرار الجامعة العربية المدين للتدخل التركي في ليبيا ، وواجهت في سبيل ذلك اتهامات بشق وحدة الصف وبث الفرقة في الأمة ، وبالرغم من ذلك كله واصلت دعمها لتركيا والوقوف الى جانبها ، لأننا نعلم أن تركيا مُحقة و  الانحياز للحق مبدأ ثابت لدينا، ولأننا نعتبر الأتراك أخوة لنا.

ولا يقتصر التقارب والتعاون على الجوانب الاستراتيجية السياسية والاقتصادية والدفاعية، بل إنه يظهر جلياً في الشارعين القطري والتركي، ويمكن للمرء بسهولة أن يلمس المشاعر الأخوية الصادقة بين الشعبين واللهفة الحقيقية وغيرة كل منهما على مصالح الآخر ، في الآونة الأخيرة على سبيل المثال، انتشرت دعوات لمقاطعة المنتجات التركية في بعض الدول ،وعلى إثر ذلك هبت متاجر المواد الغذائية في دولة قطر لنصرة المنتجات التركية وقامت بمبادرات عفوية على المستوى الشعبي لدعم المنتجات التركية في قطر والترويج لها ، مما يعطيك فكرة عن العلاقة الأخوية والتقارب الكبير بين البلدين على المستوى الشعبي. تركيا أيضاً  تعد الوجهة المفضلة للسياح القطريين ، والذين لم يتوقفوا عن زيارتها حتى أثناء الجائحة ، يحبون أرضها وطبيعتها ومناخها وشعبها ، وسعى أكثرهم لامتلاك بيت فيها، كما أن قطر كانت من أوائل الدول التي استأنفت الرحلات الى الجمهورية التركية بعد ايقاف الرحلات على اثر التفشي العالمي لـ COVID-19.

ونظراً لأهمية هذا التقارب على المستوى الشعبي ، فقد سعى البلدان لتعزيز هذا التقارب وتجسيده في مشاريع ومبادرات حقيقة تمس حياة المواطنين من الجانبين بشكل مباشر ،  ولذا نولي اهتماماً كبيرا لدعم قطاع التعليم باعتباره من القطاعات التأسيسية التي تساعد الطلاب القطريين والأتراك على فهم بعضهم البعض بطريقة أفضل ، وتؤدي الى المزيد من التقارب والاندماج الثقافي الخلاق بين الجانبين مما يؤسس لعلاقات طويلة الأمد ، ولذا فإن هناك تركيزاً كبيراً على برامج تبادل الطلبة ، تعليم اللغة ، المنح الدراسية ...الخ ، كما أن هناك تعاوناً كبيراً وملموساً في مجالات الثقافة والرياضة والفنون ... والتي تجمع الناس على اختلاف مشاربهم وتقربهم وتزيد من أواصر المحبة بينهم.

وهناك آليات تعمل على تنظيم مختلف أوجه التعاون بين البلدين وتأطيرها قانونياً على غرار اللجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين، والتي تأسست عام 2014م وتنعقد اجتماعاتها سنوياً على مستوى القادة ، كان آخرها بتاريخ 26 نوفمبر 2020م هنا في تركيا ، وتُسفر هذه الاجتماعات عادة عن اتفاقيات جديدة تضفي زخماً على العلاقات الثنائية ، وتسهل التعاون بين البلدين وتنظمه، وقد تجاوز عدد الاتفاقيات التي تم توقيعها بين الجانبين 60 اتفاقية في مختلف القطاعات.

ماهي الاسباب التي تدعوكم الى الاستثمار في تركيا؟ ماذا يعني تواجدكم في تركيا على الصعيد السياسي والاقتصادي بالنسبة لبلدكم. 

السبب الرئيس هو العلاقة الأخوية التاريخية الاستراتيجية العميقة متعددة الأبعاد التي تربطنا بتركيا ، فضلاً عن كون تركيا أرضاً خصبة للاستثمار ، وشريك حالي ومستقبلي لدولة قطر كما أنها تزخر بالفرص الواعدة وتمتلك جميع المقومات التي تجذب المستثمرين .

ماهي نسبة الارباح لاستثماراتكم في تركيا، عند الاخذ بنظر الاعتبار استثماراتكم في بلدان العالم الاخرى؟

لا يسعنا تقييم الربح أو الخسارة لهذه الاستثمارات في هذه الفترة القصيرة لأنها استثمارات طويلة الأمد وسنجني ثمارها معاً مستقبلا بإذن الله، كما لا يمكننا مقارنتها مع استثماراتنا في الدول الأخرى نظراً لاختلاف الظروف في كل دولة، ولاشك أن الحصار الجائر زاد من اعتماد دولة قطر على الذات، وتنويع مصادر ووسائط وارداتها، ووسَّع من دائرة شركائها التجاريين والماليين، واستثماراتها الخارجية ماديًّا وجغرافيًّا وجيوسياسياً، ولعل ما يميز استثماراتنا في تركيا هو احتكامها إلى العلاقة الوطيدة والأخوية بين الجانبين ، وليس مفهوم الربح والخسارة فحسب ، وعليه فإن النظر الى هذه الاستثمارات لا يمكن أن يتم بمعزل عن السياق التاريخي والحالي للعلاقات المميزة التي تربط بين البلدين.

هل ستستمر استثماراتكم في تركيا؟ ماهي المجالات التي ترغبون الاستثمار فيها؟

بالتأكيد ، الاستثمارات تعد انعكاساً وامتداداً طبيعيا للعلاقات المميزة بين الجانبين ، وهناك العديد من القطاعات الواعدة في تركيا ، والتي نرغب بلا شك في الاستثمار بها أو توسيع نطاق استثماراتنا بها ، على غرار العقارات والانشاءات ، والسياحة والنسيج ، والأغذية والزراعة، والثروة الحيوانية، والصناعة ، قطاع الصحة ....الخ.

لدى مقارنة الاستثمارات القطرية في العالم مع الاستثمارات القطرية في تركيا، ما هي نسبة الاستثمارات القطرية في تركيا من مجموع استثماراتكم الخارجية ؟

على الرغم من الزخم الكبير الذي تشهده العلاقات السياسية بين الجانبين وحجم الاستثمارات الكبير في تركيا ، إلا أنها ماتزال دون المأمول فيما يتعلق بنسبتها الى الاستثمارات الخارجية لدولة قطر، وما يزال مستوى علاقاتنا الاقتصادية والتجارية منخفضاً مقارنة بالمستوى الذي بلغته العلاقات السياسية بين البلدين، ونحن نتطلع الى توطيد العلاقات الاقتصادية وتعزيزها بما يخدم البلدين وينعكس على شعبيهما بالنفع والفائدة.

هناك من يعلق على الاستثمارات القائمة بعبارة " يقومون بشراء تركيا". ما هو تقييمكم؟ ما هي الانعكاسات في دولة قطر حيال تردد اسم دولة قطر دائما في السياسة الداخلية التركية.

كنت أتمنى من مطلقي هذه الادعاءات أن يبحثوا قليلاً قبل اطلاق مثل هذه العبارات ، لأنهم يتحملون مسؤولية أخلاقية تجاه الشباب التركي الذين يتم التأثير عليهم وتضليلهم بمثل هذه الادعاءات ، ولا أعلم ماهي المصلحة من اظهار دولة قطر ( الصديقة والمحبة والداعمة )دائماً لتركيا وشعبها دون قيدٍ أو شرط بمظهر العدو ، او في افضل الأحوال بمظهر براغماتي صرف، على الرغم من ان الحقيقة تناقض ذلك تماماً.

والحقيقة أنني لا أجد هذه العبارات تليق ببلد كبير وعظيم مثل تركيا ، بلد تمكن من الوقوف بصلابة بالرغم من جميع العواصف التي تهب عليه من مختلف الجهات ، والدفاع عن مبادئه وحقوقه، فكيف يمكن لأحد أن يقوم بشرائه ؟

تركيا بلد محوري في المنطقة ، و طبيعة البلد وتركيبته تجذب الاستثمارات الدولية بشكل كبير ، تعلمون مثلاً أن هولندا تتصدر الاستثمارات المباشرة في تركيا خلال الآونة الأخيرة ، وتليها في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، تعلمون أن الايرانيين والعراقيين من أكثر المستثمرين في قطاع العقارات ، لكن أحداً لم يقل شيئاً عن ذلك ! ولا ينبغي أن يُقال لأن هذه كلها مؤشرات على ثقة المستثمر الأجنبي بتركيا وترجيحها على أي خيارات أخرى، لماذا اذن يتجه الامر للتخوين عندما يتعلق الأمر بدولة قطر ؟ لاشك أننا لسنا سعداء بتسييس استثماراتنا وتحميلها معانٍ لا تحتملها، واستخدامها لأغراض أخرى، وان كان لدى البعض أي تساؤلات تخص شفافية هذه الاستثمارات، عندها ينبغي عليهم مناقشة هذا الأمر مع الجهات المختصة و شرح استفساراتهم ومخاوفهم ، والحصول على الاجابات بدلاً من اطلاق الاتهامات جزافاً، لا يجب إقحام دولة قطر في السياسة الداخلية لتركيا واستغلالها من قبل البعض، الأمر يشبه ذر الرماد في العيون ولا يخدم أي طرف.

هناك موضوع اخر يتعلق بمصنع الدبابات " تانك باليت". هناك من يدعي بان مصنع الدبابات " تانك باليت" تم التفريط به وهبائه. كيف تقيمون هذه الادعاءات.

هذا الاتهام يقوض الصناعة الدفاعية المحلية في تركيا ويمس بها ، مشروع مصنع الدبابات أُحيل الى شركة BMC  التركية – القطرية لتشغيلها وفق الأصول القانونية المعمول بها في تركيا، وما قطر الا شريك في BMC  بنسبة 49%، والموضوع ليس عملية بيع أو شراء وإنما عملية استثمارية بحتة تعود بالنفع على الطرفين، وبالطبع لم يتم بيع المصنع ، ولم نقم بشرائه ، كما ان  الجانب التركي يمتلك 51% من هذا المشروع ، هذا استثمار على أرضٍ تركية ، بيدٍ عاملة تركية ، وإدارة المصنع تابعة بشكل كامل للجانب التركي ، نحن فقط شركاء في شركة BMC  التي تستثمر في العديد من المشاريع الاخرى.

لقد تم إخراج الموضوع بشكلٍ كامل عن سياقه، وتحريفه وتحميله ما لا يحتمل، BMC  استثمرت لصالح المصنع، وعلى الرغم من ذلك يتم مهاجمة دولة قطر واتهامها اتهامات عارية عن الصحة، هذا الاستثمار كان ليثير سعادة وغبطة الجميع في الأحوال العادية لأنه في صالح تطوير الصناعات الثقيلة في تركيا ، وما يخدم تركيا يخدم دولة قطر في المحصلة.

ما هي الاسباب التي دعت الى الدخول في بورصة اسطنبول؟ ما هو تقييمكم للانتقادات الموجهة من قبل المعارضة بشأن الموضوع؟

محبتنا للشعب التركي والعلاقة الأخوية التي تربطنا به هي الدافع الأساسي، دولة قطر تربطها بالجمهورية التركية علاقة تقوم على القيم والوفاء قبل المصالح، ولذا ينبغي النظر الى هذا الاستثمار من هذا الجانب، بالتأكيد هناك جانب تجاري للأمر، لكننا عندما نقوم بهذه الاستثمارات في تركيا تحديداً فإن الدافع الأساسي هو دعم الاقتصاد التركي ، أما من الناحية التجارية للأمر فإن هذا الاستثمار مربح بلا شك ، بالنظر الى الارباح التي حققتها البورصة خلال العام الماضي.

 أنا – مع احترامي لآراء الجميع – أجد هذه الانتقادات تفتقر الى الموضوعية والمنطق ، قطر لديها استثمارات في العالم بأكمله ، واستثمارات جهاز  قطر لوحدها تقدر بأكثر من 400 مليار دولار حول العالم، بينها ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة، كما يمتلك الجهاز نسبة تقارب 11% من بورصة لندن ، وقد قام الجهاز بشراء حصة البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية في بورصة إسطنبول والبالغة 10 بالمئة.

 كان هناك مجال للشراء فتقدمت دولة قطر بشراء الـ 10% ب 200 مليون دولار بحسب تقييم البورصة في حين أن البنك الأوروبي اشترى نفس الحصة بـ 125 مليون دولار!!  أليس هذا في صالح تركيا ، أليس السعر الذي اشترت به دولة قطر أفضل ؟ لماذا لم يتم الاعتراض على شراء البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية نفس الحصة في بورصة إسطنبول ؟

لماذا لم يتضايق أحد عندما قام البنك الأوروبي ببيع حصته ؟ لماذا تتم إثارة هذه الضجة عندما تقوم قطر بالاستثمار بالرغم من أنها دفعت سعراً أفضل ، لماذا هذه الازدواجية في المعايير ؟ ألا يثبت استثمار جهاز قطر في بورصة إسطنبول ثقته في هذه البورصة ورؤية تركيا واستشرافه أن بورصة إسطنبول ستكون أحد الفاعلين المهمين في مركز إسطنبول المالي؟ أعتقد أن مثل هذه الخطوة تسعد أي تركي غيور على وطنه ويرغب في نموه وازدهاره ، أليس من الأفضل تدفق رؤوس الأموال الأجنبية في مثل هذه الظروف الاستثنائية  أم استغلال البعض هذه الظروف للإضرار بتركيا وسحب رؤوس أموالهم منها في الظروف غير المواتية.

المعارضة تقوم بتوجيه الانتقادات الى استثماراتكم في الفترة الاخيرة. ويدعون بان الاتفاقيات غير شفافة. لا سيما المعارضة الرئيسية في تركيا. هل جرى لكم تماس او لقاء مع حزب الشعب الجمهوري؟ هل ترغب ان توضح لهم المواضيع التي ينتقدونها ؟

أحترم جميع الأحزاب التركية بما فيها المعارضة لكنني قطعاً لا أتفق مع الآراء التي تطال دولة قطر، وأجدها غريبة وملتبسة، هل ثمة من يكره مجئ استثماراتٍ لبلاده؟ هذه الاستثمارات تنعش السوق وتوفر فرص عمل وتساعد النمو الاقتصادي، ويدهشني تسييس الأمر واستغلاله وتوظيفه من قبل البعض في السياسة الداخلية، بعض هذه الاتهامات وصلت مرحلة متقدمة من الشَططِ والغُلوِ والمبالغة، بل وتجاوزتها إلى مرحلة الأوهام والخيالات ، نحن لايوجد لدينا أي أجندة خفية، واعتقد أن هذا الأمر في غاية الوضوح حتى لأولئك الذين يحاولون حجب هذه الحقائق وتضليل الرأي العام وتأليبه ضد دولة قطر.

نحن ملتزمون أخلاقياً بدعم الاقتصاد التركي، وفي الوقت الذي قامت فيه العديد من الدول بسحب استثماراتها من تركيا لدوافع سياسية، ظلت قطر ملتزمة بالاستثمار في تركيا لأننا لا نتخلى عن أصدقائنا أبدا، ولأننا نثق بالاقتصاد التركي ، ونعلم الامكانيات الهائلة التي ينطوي عليها.

جميع استثماراتنا في تركيا تحتكم الى اتفاقيات وضوابط قانونية، في موضوع ديجي تورك مثلاً هناك عدة نقاط:

الاتفاق يحكمه عقد قانوني تم توقيعه بموافقة الطرفين، وهو استثمار تجاري بحت، وعندما تم توقيع الاتفاق بين  ديجي تورك و اتحاد كرة القدم التركي في نوفمبر 2016 لنقل حقوق بث دوري كرة القدم حتى نهاية موسم 21-2022، كان سعر الصرف آنذاك 3.26 ليرة للدولار الواحد، وبحسب العقد تقوم ديجي تورك بتحصيل الأرباح بالليرة التركية وليس بالدولار ،في حين تم الاتفاق على دفع الالتزامات التعاقدية المترتبة على ديجي تورك بالدولار والليرة مناصفةً!  وبالطبع أدى تغير سعر الصرف أمام الليرة التركية إلى تأثر ديجي تورك سلباً مما اضطرها لدفع المزيد، وحتى عندما تم إجراء تعديل قانوني في العقد وإعادة التفاوض لمواكبة هذه التغيرات، تم تثبيت سعر الصرف على حد أعلى من سعر الصرف الحقيقي في حينها، لئلا يتضرر الجانب التركي، ودفعت ديجي تورك على هذا الأساس بسبب العقد، ومن حق أي مؤسسة تجارية ان تطالب في اعادة النظر في الالتزامات القانونية في حالة اختلاف الشروط والظروف وذلك من اجل المحافظة على مصلحة ومنفعة الاطراف المتعاقدة .

كما تعلمون الموسم الماضي لم يكن اعتيادياً، والموسم الحالي كذلك بسبب جائحة كورونا و التبعات الاقتصادية التي تسببت بها ، كما توقف دوري كرة القدم بين شهري مارس و يونيو 2020، والموسم الماضي لم ينتهي في الوقت المحدد له كما أن الموسم الحالي لم يبدأ في الوقت المحدد لذلك، وبالرغم من ذلك قامت ديجي تورك بالدفع للموسم السابق كاملاً  دون أي خصومات ، لكن الاتحاد يطلب من ديجي تورك الدفع (مقدماً) للموسم الحالي 20-21 ؟ كيف يمكن لـ ديجي تورك الدفع لهذا الموسم في حين أن موسم 2019-2020 لم ينتهي بعد ؟ ولذا طلبت ديجي تورك من الاتحاد اعادة جدولة الدفعات، والجانبان يعملان بشكل مشترك على إيجاد حل توافقي، وسيتم حل هذا الموضوع قريباً والاتفاق على صيغة مشتركة ودفع المستحقات الباقية.

بالطبع لا يمكنني الخوض في تفاصيل أكثر لأن هذا من حق الجهات المتعاقدة، لكن دعني أؤكد لك أن التحديات المالية الناجمة عن الجائحة وتغير سعر الصرف أثرت سلباً على الجانبين.
بي ان سبورت لديها استثمارات في آسيا واستراليا واوروبا وامريكا والباسيفيك وأكثر من ثلاثين قناة، وجميع استثماراتها الدولية ناجحة وليس لديها أي مشاكل تذكر، ولذا فإن الظروف الحالية القاهرة وما تسببت به من خسائر اقتصادية للجانبين تحتم على الطرفين التحلي بالمرونة لتجاوز هذه الفترة الاستثنائية.

دولة قطر تتبع سياسية متوازية مع السياسات الخارجية التركية في الفترة الاخير، على عكس جاراتها. هل هناك مخاطر في تأثير الجدال والنقاش في السياسة الداخلية على العلاقات بين البلدين؟

كما ذكرت سابقاً ، نحن نحب تركيا وشعبها و نحترم الأحزاب التركية جميعها وحريتها في التعبير، لكننا ننأى بأنفسنا عن التدخل في السياسة الداخلية لتركيا ، ونرفض أن يتم إقحامنا فيها أو استخدامنا لأغراض حزبية ومكاسب آنية ، ونحن نراهن على وعي الشعب التركي بكل أطيافه وقدرته على تمييز الحقائق ، وعلاقتنا بالشعب التركي أكبر وأعمق من أن تتأثر بهذا الجدل، خاصة أن هذه العلاقات الأخوية  قد صمدت في وجه تحديات و استقطابات كبرى .

وفي هذا الصدد أرغب في التأكيد على أننا أصدقاء للشعب التركي وتاريخنا ومواقفنا تشهد لنا بذلك، وإنني أدعو الجميع إلى التفكير والتساؤل ، لماذا هذه الهجمة الشرسة تطال دولة قطر دون غيرها بالرغم من أنها لم تظهر للأتراك يوماً سوى كل محبة ودعم وأخوة ؟ ماهي الأغراض التي تخدمها هذه الهجمة ؟ نحن كنا ومازلنا ندعم تركيا في مواقفها العادلة والمحقة برغم جميع الضغوط التي نتعرض لها في سبيل ذلك ، وموقفنا لم يتغير ، ولم ننسحب أو نسيس علاقتنا ، ولم نتراجع  في الوقت الذي يتبدل فيه كل شيء ، لتبقى علاقتنا بتركيا الثابت الوحيد في عالم التحالفات المتغيرة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!