ترك برس

سلّط هاقان قارشياقا، الخبير في تاريخ الفن، الضوء على ما تعرّضت له مساجد في مناطق غربي تركيا، على يد الاحتلال اليوناني، خلال انسحابهم منها، مطلع القرن العشرين.

وأضاف "قارشياقا" عضو الهيئة التدريسية بجامعة "شيخ أدابالي" في ولاية بيلاجيك، أن اليونان وخلال انسحابهم من المنطقة، دمروا العديد من المعالم الثقافية والتاريخية فيها، مبيناً أن بعض المساجد المدمرة كانت تعود إلى القرن الـ 14 الميلادي.

وحالياً، تضم ولاية بيلاجيك، شمال غربي تركيا، 5 مآذن ترتفع نحو السماء وحيدة دون مساجدها التي دمرت على يد اليونان، حيث تتوزع "المآذن اليتيمة" في مواقع متفرقة من "بيلاجيك" أحد المناطق التي وضع فيها حجر أساس الدولة العثمانية.

وتصنّف هذه المآذن، مواقع أثرية بالدرجة الأولى من قبل مديرية حماية الأصول الثقافية في ولاية "أسكي شهير" التركية، وهي بمثابة متحف مفتوح يرتاده عشاق التاريخ والتصوير من كل حدب وصوب.

وإبان الاحتلال اليوناني للمنطقة، هجّر سكان "بيلاجيك" المدينة التي سويت بالأرض خلال الاحتلال اليوناني ما بين أعوام 1921-1922، ثم عادوا إلى مدينتهم ليشيدوا مدينة جديدة قربها عرفت باسم "بيلجيك الجديدة".

وتشمخ تلك المآذن، التي باتت تمثل رمزًا للولاية التركية، في موقع كان مركزًا للمدينة القديمة، قبل أن يصبح حاليًا موقعًا تاريخيًا وأثريًا، بعد تدمير المدينة بالكامل على يد الاحتلال اليوناني.

أما سكان منطقة "يانيقلار" في "بيلاجيك"، فقد أطلقوا هذا الاسم على بلدتهم بعد بعد أن عادوا إليها وأسسوها من جديد، ويعني الاسم "المحروقة."

والمساجد الـ 5 التي دمرها اليونان في "بيلاجيك" هي: عثمان غازي، وأورخان غازي، وآق قالديرم، وأميرلر، وقره جه لر، ولم يبقَ من تلك المساجد سوى 5 مآذن تقف شاهدة على المدينة القديمة.

وخلال الفترة بين عامي 2013-2015، بدأت المديرية العامة للأوقاف في الولاية، بإجراء أعمال تنظيف وحفظ المنطقة الأثرية، وعثرت في الموقع أثناء العمل، على الكثير من المواد الخشبية المستخدمة في المساجد، التي احترقت بفعل قصف المدينة، وبقايا الرصاص المستخدم ضد السكان.

مئذنة مسجد أورخان غازي، التي شيّدت في القرن الرابع عشر الميلادي، ما تزال إلى يومنا هذا شامخة فوق صخرة وسط المدينة.

المئذنة التي بنيت قبل 700 عام، على بعد 30 مترًا عن المسجد لتوصل صوت الأذان إلى أكبر عدد من السكان، بقيت بعد الاحتلال اليوناني وحيدة لسنوات، إلى جانب شقيقاتها مآذن بيلجيك.

تلك المآذن التي باتت تسمى بـ "المآذن الحزينة" أو "اليتيمة"، باتت تشكل رمزًا لولاية بيلاجيك، وفي الوقت نفسه، مركز جذب للسياح القادمين إلى المنطقة.

وأشار المؤرّخ التركي "قارشياقا" إلى أن "بيلاجيك القديمة" كانت تقوم في قلب وادٍ، تتناثر البيوت والمساجد على جنباته.

وأضاف أن "مآذن المساجد في بيلاجيك بنيت بطول 30 مترًا، بما في ذلك مسجد "أورخان غازي" الذي بني ما بين أعوام 1331-1332.

وأردف: "حوَّل الاحتلال اليوناني هذا المسجد التاريخي إلى مستودع للأسلحة، وقد تعرض للكثير من الدمار. وجرى ترميمه بعد تحرير المدينة في العهد الجمهوري".

وأضاف: "أما مساجد عثمان غازي، وآق قالدريم، وأميرلر، وقره جه لر، فقد دمِّرت من قبل الاحتلال اليوناني بالكامل ولم يبقَ منها سوى مآذن فقدت مساجدها".

يُذكر أن القوات اليونانية، وبتشجيع ودعم من القوات الأوروبية، أطلقت في 15 مايو/ أيار 1919، أي بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918)، حملة لاحتلال منطقة الأناضول وإجلاء الأتراك منها بدءًا من مدينة إزمير المطلة على بحر إيجة غربي تركيا.

انتهت الحملة بعدة خسائر متتالية منيت بها القوات اليونانية على يد القوى الوطنية بقيادة مؤسس الجمهورية التركية لاحقًا، مصطفى كمال باشا، حيث تكبدت تلك القوات خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وتراجعت بعد خسارتها للمعارك في الأناضول، لتعلن انسحابها من مدينة إزمير في 9 سبتمبر/ أيلول 1922.

ويطلق المؤرخون الأتراك على تلك الحقبة اسم الاحتلال اليوناني للأناضول، فيما يطلق عليها المؤرخون اليونان اسم "نكبة آسيا الصغرى".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!