ترك برس

تقع بقالة "هبشن" في منطقة "يديكوله" الموجودة في المدينة القديمة المسورة التابعة لحي الفاتح وسط إسطنبول، والتي ولا زالت محافظة على ثقافتها من العهد البيزنطي والعثماني، وتساهم البقالة التي تقدم الخدمات لزبائنها منذ 60 عامًا في نقل ثقافة الحي من جيل إلى جيل.

تعد منطقة "يديكوله" من المناطق التي تعكس عراقة إسطنبول القديمة إلى وقتنا الحالي، بجوها وسكانها ولمساتها التاريخية، فأسوارها ومنازلها الرومية القديمة تعود إلى العهد البيزنطي، كما أن محطة القطار المتواجدة فيها نقلت العديد من المغادرين والقادمين خلال القرن الماضي، لذلك يعتبر هذا الحي متحفًا تاريخيًا في الهواء الطلق يستضيف ديانات وقيمًا مختلفة.

ورث إبراهيم أكن، الذي ولد في عام 1963، البقالة عن والده الذي افتتحها في عام 1958، وتمكن الابن من نقل ثقافة تلك الأيام بمواصلة فتح البقالة وإدارتها بنفس الطريقة إلى يومنا هذا، وقال عن ذلك: "أخبرني والدي بأن تاريخ البقالة يعود إلى ما قبل مئة عام، ما يعني أنها مهمة تاريخيا وثقافيا في هذا الحي التاريخي".

أشار أكن، إلى أن المال هو الشيء الوحيد الذي يهتم به صاحب الدكان في العادة عند دخول الزبون، فلا يمكنه أخذ شيء دون دفع ثمنه، لكن الوضع في بقالته مختلف: "عند قدوم الزبون لشراء حاجاته وهو لا يمتلك النقود أعطيه حاجته وأسجلها على دفتر الديون، كما أقوم بترك مفاتيح البقالة الاحتياطية للزبائن وهم من أهل الحي وأعرفهم ويعرفونني، ما يدل على أنني واثق من سكان الحي القادمين للشراء من البقالة".

أكد إبراهيم أكن، أن جميع أماكن العمل المحلية تكافح من أجل الصمود والبقاء مثل باقي الأعمال المحلية وبقالته واحدة منها، فقد توجه الجميع للأسواق الكبرى لأنها تبيع منتجاتها بسعر أرخص، فالجميع يسعى وراء لقمة العيش. وقال أكن: "بالرغم من وجود محلات السوبرماركت إلا أن أهالي الحي يفضلون الشراء من بقالتي ولا يستغنون عنها، فهي لا تزال محضنًا لثقافة الحي".

يؤكد أهالي الحي حاجتهم لبقالة "هبشن"، التي لا تزال تحافظ على ثقافة الحي، ويسعدهم صمودها وبقاء أبوابها مفتوحة، لتنقل ثقافة وتاريخ الحي إلى الأجيال القادمة في المستقبل.

يسعى إبراهيم أكن، جاهدا لمواصلة عمله في البقالة، وعلى الرغم من وجود ولدين لديه إلا أنه لا يمكن لأي أحد منهما تولي هذه المهمة عنه، ويقول: "أرغب بأن تبقى بقالتي مفتوحة في المستقبل أيضا، إلا أنني لا أستطيع أن أقول لابني الذي درس عشرة أعوام في الجامعة: (تعال وافتح البقالة)، ولن أطلب منهما ذلك أبدا،  ولن أطلب مثل هذا الشيء من أي أحد طالما أنني أستمتع بصحة جيدة، كما أعتقد بأن جميع الأعمال المحلية التاريخية ستواصل عملها أيضا".

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!