ترك برس

تباينت آراء الخبراء والمراقبين حول التصريحات المتبادلة بين تركيا ومصر في الآونة الأخيرة بغية تحسين العلاقات و"فتح صفحة جديدة" وتعزيز التعاون بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط على الرغم من الخلافات العالقة.

وازداد الحديث في الأيام الأخيرة عن عودة العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا في ظل السياسة الأميركية الجديدة بالمنطقة، ومدى قدرتيهما على تجاوز الخلافات المتراكمة على امتداد السنوات الأخيرة.

وأعلن وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، قبل يومين، بدء الاتصالات الدبلوماسية بين تركيا ومصر من أجل إعادة العلاقات إلى طبيعتها، وعدم طرح البلدين أي شروط مسبقة من أجل ذلك.

وقال تشاووش أوغلو لوكالة الأناضول إنه "لا يوجد أي شرط مسبق سواء من قبل المصريين أو من قبلنا حاليا، لكن ليس من السهل التحرك وكأن شيئا لم يكن بين ليلة وضحاها، في ظل انقطاع العلاقات لأعوام طويلة".

في السياق، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال تصريحات للصحفيين، إن "تعاوننا الاقتصادي والدبلوماسي والاستخباراتي مع مصر متواصل، ولا يوجد أي مشكلة في هذا".

الكاتب والباحث في الشأن التركي سعيد الحاج، رأى أن فكرة فتح صفحة جديدة في العلاقات بين تركيا ومصر، قد اتخذ سابقًا في أنقرة، فوزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، تحدث في وقت سابق عن لقاءات مع نظيره المصري سامح شكر، وكنت هناك دائمًا دعوة تركية لمصر من أجل ترسيم الحدود البحرية.

وقال الحاج إن هناك تصلب يظهر في التصريحات المصرية لكن على مستوى الفعل ثمة مؤشرات عديدة تقول إن القاهرة أيضًا تدرك أن معيقات العلاقة مع تركيا تراجعت كثيرًا خلال السنوات الماضية وأن مصالح جوهرية حقيقية تجمع بين الطرفين.

ولفت خلال مشاركته في برنامج حواري على قناة التلفزيون العربي إلى التوافق الضمني الذي حصل في ليبيا، ومراعاة مصر لحقوق تركيا في المناقصات المتعلقة بشرقي البحر الأبيض المتوسط.

واعتبر الحاج أن التصلب المصري مرتبط إلى حد كبير بما تريده أنقرة من أنقرة بأن يكون هناك ما شبه اعترافًا صريحًا بالنظام القائم، وبالنسبة لأنقرة هناك فكرة محاولة خلخلة التحالف الإقليمي المواجه لها شرقي المتوسط.

بدورها قالت الدبلوماسية منى عمر، مساعدة وزير الخارجية المصري السابق، إن هناك مصالح تركية-مصرية ممتدة عبر التاريخ، وعلاقات الشعبين لم توقف للحظة.
وتحدثت الدبلوماسية المصرية عن العلاقات التجارية التي ازدادت في الفترة الأخيرة وارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين.

وأشارت إلى أن المشكلة تمكن في الأنظمة السياسية القائمة وأن الشعب المصري لا يقبل أن يتم الهجوم على رئيسه ولا على نظامه فضلًا عن إيواء شخصيات معارضة تهاجم الجانب المصري، وأن التغيير يجب أن يكون في هذا الموضوع.

وشدّدت على أن السياسة تتغير وفقًا للمصالح ولاعتبارات كثيرة جدًا، وبالتالي إذا كانت هناك مصالح مشتركة مع تركيا فإن مصر ستقدم على التصالح وتسوية الأمور بين البلدين لن تكون صعبة لكن هناك ما يتطلب الكثير من الحديث بين الجانبين حول التطورات الإقليمية.

في السياق، تساءل الباحث علي باكر عن دوافع المساعي الدبلوماسية الجديدة بين تركيا ومصر، قائلا إن القاهرة ربما تتطلع لتحقيق مكاسب باستخدام أنقرة لاستعادة قيمتها في نظر شركائها الإقليميين، أو تهدف إلى إقامة توازن دقيق مع إبقاء خياراتها مفتوحة مع تركيا من أجل تأمين أقصى حد من المكاسب مع الجميع.

وأشار باكر -المتخصص في المخاطر السياسية والعلاقات التركية-العربية والتركية الخليجية- إلى أن ما ذكره عن مصر قد يفسر إرسال القاهرة أحيانا رسائل مختلطة أو متضاربة، لأنها تريد الانفتاح على تركيا من دون أن تفقد دعم الآخرين (الإمارات وإسرائيل واليونان). وفق ما نقل موقع الجزيرة نت.

واستعرض الكاتب –في مقال له بموقع "ميدل إيست آي" (Middle East Eye) البريطاني- مواقف مصر الإيجابية تجاه تركيا خلال السنوات الماضية وحتى الشهر الماضي، بشأن تنقيبها عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، وأخذها في الاعتبار مصالح تركيا واحترامها اتفاقية أنقرة وطرابلس عام 2019 حول الحدود البحرية، وتأكيدها -في مؤتمر روما في ديسمبر/كانون الأول الماضي- أن هذه الاتفاقية لا تضر مصالح مصر في شرق المتوسط، وأخذها في الاعتبار تحفظات تركيا على الحدود البحرية والجزر عند توقيع القاهرة اتفاقية ترسيم الحدود مع أثينا في أغسطس/آب الماضي.

وأضاف أن القاهرة أدخلت مؤخرا تغييرات على سياستها تجاه ليبيا جعلتها أقرب إلى أنقرة؛ فقد اتخذت مصر عددا من الخطوات، ومنها إرسال وفد دبلوماسي وأمني رفيع المستوى إلى طرابلس، وإعلانها خططا لإعادة افتتاح سفارتها لأول مرة منذ 2014.

وقال باكر إن أنقرة فهمت الخطوات المصرية على أنها رسائل إيجابية، ولم تمررها مرور الكرام؛ فقد أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في الثالث من الشهر الجاري المصالح المشتركة بين بلاده ومصر، مشيرا إلى استعداد تركيا للتفاوض والتوقيع على اتفاقية الاختصاص البحري مع القاهرة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!