ترك برس

أشار الكاتب التركي، توران قشلاقجي، إلى أن رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة، يُدرك جيدا أن إقصاء تركيا عسكريا من المعادلة الليبية، سيعرض المستقبل السياسي لبلاده للخطر.

وتناول قشلاقجي في مقال بصحيفة القدس العربي الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة إلى أنقرة قبل أيام على رأس وفد كبير يضم 5 من نوابه و14 وزيرا، ورئيس الأركان، للمشاركة في أول اجتماع لمجلس التعاون الاستراتيجي التركي – الليبي رفيع المستوى. 

ورأى الكاتب أن الدبيبة يحرص على انتهاج سياسة توازن فعالة، فهو من جهة يتواصل مع جميع العواصم التي كان لها دور في زعزعة الاستقرار ببلاده، خلال الفترة الماضية، ومن جهة أخرى يولي أهمية خاصة لأنقرة، التي حققت الاستقرار في ليبيا بفضل اتفاقيات عام 2019.

وبحسب الكاتب، يدرك الدبيبة جيدا أن إقصاء تركيا عسكريا من المعادلة الليبية، سيعرض المستقبل السياسي لبلاده للخطر، ويتابع أيضا عن كثب الخطة التي يتحدث عنها حفتر لبناء 3 مدن تستوعب 12 مليون نسمة في بنغازي.

في خضم ذلك، تحاول إيطاليا وفرنسا قيادة عملية إعادة الإعمار في ليبيا، بينما تسعى اليونان إلى إقناع الجانب الليبي لإلغاء مذكرة التفاهم المبرمة مع تركيا، لترسيم مناطق الصلاح البحرية شرقي المتوسط.

أمّا مصر، فهي منشغلة بسحب تونس إلى جانبها للحد من نفوذ تركيا في المنطقة. ومن الملاحظ أن التنافس بين مصر وتركيا سيتواصل في الساحة الليبية، على الرغم من التقارب الحاصل بينهما، في ما يخص تقاسم مناطق الصلاحية شرقي البحر الأبيض المتوسط. فعلى سبيل المثال، تحاول القاهرة أن تُقلق تونس حيال الوجود التركي في قاعدة الوطية الجوية. ويبدو أن التوتر والتحسن في العلاقات التركية المصرية سيتواصل بشكل متواز في المرحلة الحالية. 

وتابع المقال: يحاول عدد كبير من الفاعلين في الساحة الليبية إقصاء تركيا من المعادلة. أمّا الدبيبة، الذي كان من رجال الأعمال المعروفين، فإنه يسعى لإقامة توازن يقوم على مبدأ الربح المتبادل بين جميع الأطراف، وإذا تمكن من تحقيق ذلك، فسوف تتاح له الفرصة لخوض انتخابات ديسمبر 2021 واكتساب منظور لحكم ليبيا فترة طويلة. ولا شك أن أنقرة تتمتع في هذا التوازن بأهمية استراتيجية لا غنى عنها.

تشكل ليبيا أهمية كبير للغاية بالنسبة إلى تركيا، نظرا إلى الروابط التاريخية بينهما، وكذلك تركيا مهمة جدا بالنسبة إلى الجانب الليبي بحكم الروابط التاريخية، والدعم الذي توفره في الفترة المقبلة، سواء من حيث إعادة إعمار البلاد التي تحولت إلى خراب بسبب الحرب، أو من حيث ضمان عودة ليبيا إلى مكانتها في السياسة الدولية من جديد.

تتمتع ليبيا بموقع جغرافي بالغ الأهمية، كونها تقع وسط شمال افريقيا، وعلى طريق العبور من الشرق الأوسط إلى غرب افريقيا، ومن افريقيا إلى أوروبا، وقد ظلت تحت حكم الدولة العثمانية طيلة 400 عام. وتضاعفت أهمية ليبيا عام 1959 إثر اكتشاف حقول غنية بنفط عالي الجودة. 

من المؤكد أن تركيا تواصل دعمها لحكومة طرابلس، التي تشكلت عبر الاتفاق السياسي الليبي عام 2015، واعترفت بها الأمم المتحدة كممثل شرعي وحيد للبلاد، وتعتقد أنقرة أن بإمكان ليبيا التخلص من الوضع الذي تعاني منه في الوقت الراهن عن طريق المفاوضات مع جميع الأطراف المعنية، بغية الوصول إلى بر الأمان سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ضمن الاستقرار الدائم.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!