ترك برس

رأى الخبير في الشأن الأفغاني، أحمد موفق زيدان، مؤلف كتاب "صيف أفغانستان الطويل"، أن حركة "طالبان" الأفغانية لديها مشاعر إسلامية ومحبة تاريخية لتركيا.

وقال زيدان إن "طالبان لديهم مشاعر إسلامية ومحبة تاريخية لتركيا، وبالتالي فإن تشجيع وتعظيم ذلك أمر ضروري لمواجهة تحديات مشتركة".

وتابع في مقابلة مع وكالة الأناضول التركية: "لكن بالتأكيد العقلية الطالبانية والقبلية بشكل عام لا تسير بشكل سريع".

ومضى قائلا: "لعل الأيام المقبلة تحمل لنا جميعا أخبارا سارة بتعميق هذه العلاقة، التي باعتقادي ستكون لصالح العالم الإسلامي الذي يواجه تحديات ضخمة".

والأحد، سيطرت الحركة على العاصمة كابل، لتعود إلى السلطة التي فقدتها عام 2001، حين أسقط تحالف عسكري دولي تقوده واشنطن، حكم الحركة لارتباطها آنذاك بتنظيم "القاعدة"، الذي تبنى هجمات بالولايات المتحدة، في سبتمبر/ أيلول من ذلك العام.

وقال زيدان إن حركة "طالبان" احتكت بالعالم وتعلمت الكثير، وهي اليوم تختلف عما كانت عليه قبل 20 عاما.

وأضاف زيدان أن "الأمر لا يتعلق بحركة طالبان فقط حين الحديث عن تجربة الحكم والاختبار، فتلك مسؤولية إسلامية وجوارية في التعاون معها لا في تفشيلها، وحينها سيدفع الشعب الأفغاني والعالم كله الثمن، ونعود إلى لعبة الباب الدوار".

ومنذ مايو/ أيار الماضي، شرعت "طالبان" في توسيع رقعة نفوذها بأفغانستان، تزامنا مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية، المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس/ آب الجاري.

وسيطرت الحركة، خلال أقل من 10 أيام، على البلاد كلها تقريبا، رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، خلال نحو 20 عاما، لبناء قوات الأمن الأفغانية.

** بوادر مطمئنة

وأعرب زيدان عن اعتقاده بأن "المشهد الذي قدمته طالبان في نقل السلطة ودخول كابل والمدن الأخرى وتعاطيها مع مؤسسات الدولة يطمئن الداخل ومن المفترض أن يطمئن الخارج".

وتابع: "قارن معي هذا الدخول مع همجية دخول (التحالف الدولي بقيادة واشنطن) بغداد (عام 2003)، وحتى مع دخول المحتجين على الكابيتول هول (مبنى الكونغرس) أيام (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب (2017 ـ2021)".

ومن دون قتال، دخلت "طالبان" كابل الأحد، وأعلنت الثلاثاء العفو العام عن موظفي الدولة، ودعت النساء إلى المشاركة بحكومتها المرتقبة، وتعهدت بألا تكون الأراضي الأفغانية منطلقا للإضرار بأي دولة.

وأردف زيدان أن "ما فعلته طالبان من بقاء المؤسسات الحكومية تعمل بالطاقم نفسه هو أمر مشجع، ولا ننسى أننا نعيش في أفغانستان، ولكل شعب خصوصيته".

وردا على سؤال هل ستكون المرحلة المقبلة اختبارا لـ"طالبان"، قال إنها بالفعل "ستكون اختبارا لهم، ولكن علينا أن نتذكر أنهم حكموا لأربع سنوات، وبالتالي لديهم تجربة ولديهم علاقاتهم مع باكستان وقطر وتركيا وغيرها، لكن يبقى اختبارا، ولننتظر ونرَ".

** انتصار أن اتفاق؟

وحول تقييمه لما فعلته "طالبان"، قال زيدان إن "ما حصل هو انتصار حقيقي عكسته تصريحات غربية لا تزال تتفاعل، فنيويورك تايمز قالت إنه نهاية العصر الأمريكي، وإندبندنت عنونت: اكتمل إذلال الغرب في أفغانستان، وصنداي تلغراف قالت: الغرب فر من أفغانستان".

واستطرد: "لكن ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن عن أن أفغانستان هي مقبرة الإمبراطوريات، كافٍ ليشرح كل شيء".

وأكمل: "وحالة اللوم بين بريطانيا والولايات المتحدة حادة الآن في تحميل كل طرف المسؤولية (عن سيطرة طالبان على أفغانستان)، وانتقل اللوم بين الاستخبارات الأمريكية والبيت الأبيض، وتفاعلات ذلك ستكون عميقة وخطيرة وبعيدة المدى بأكثر مما نتصور".

ورأى أنه "على العالم التهيؤ لتغيرات جيوسياسية مذهلة حيث ستكون طالبان طرفا رئيسيا في المشهد المقبل".

وبخصوص ما يتردد عن أن ما حدث ليس انتصارا لـ"طالبان" وإنما اتفاق مسبق مع واشنطن، قال زيدان: "الاتفاق الوحيد بحسب علمي هو اتفاق الدوحة، فبراير/ شباط 2020، والذي قضى بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان".

واعتبر أن "هذا الأمر منح الإدارة القادمة بعد ترامب (إدارة بايدن تسلمت السلطة في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي) فرصة قصيرة للخروج الآمن باعتقادي، مما فرض حالة من الهلع والتخبط شاهدناها جميعا".

** مفاوض صبور

وحول التغيير الذي لوحظ في تصرفات الحركة، قال زيدان إن "طالبان أثبتت بلا شك أنها مفاوض صبور وجلد وخطير".

وأضاف: "الأمريكيون طالبوا باكستان باعتقال الملا (عبد الغني) برادر (الرجل الثاني في طالبان) عام 2010، ثم طلبوا الإفراج عنه في 2018، حيث كانوا يعوّلون عليه".

وزاد: "كانوا يظنون أنه من المعتدلين، لكنه أثبت أنه معتدل فقط في الكلام الجميل، ولكن بالصبر والثبات على المبادئ أذهل الكل باعتقادي".

** التيار الإسلامي

ورأى زيدان أن "تأثير وصول طالبان (إلى السلطة) على التيار الإسلامي ضخم وكبير بلا شك".

وأضاف: "نحن نرى الدعم والدفعة المعنوية التي منحتها للتيار الجهادي تحديدا، والذي ربما يكسب على حساب التيار الآخر، ونرى تآمر العالم كله على الربيع العربي، والنموذج التونسي كان آخر الضحايا".

وأردف: "بالتالي سيرى جيل الشباب أنه لا حل إلا بالنموذج الطالباني، ولذلك على العالم أن يتعامل مع إفرازات الحرب الأفغانية على الساحة العربية بشكل سريع وعاجل، وأن يتفهم أشواق الشعوب، وأن الاحتلال، داخليا أم خارجيا، إلى زوال.. طال أم قصر".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!