محمد قرة مريم - خاص ترك برس

قالت الصحفية التركية فايزا غوموشلو أوغلو، إن حقبة الأزمات في العلاقات بين أنقرة والرياض قد ولّت، وأنه ليست هناك أية مبررات لاستمرار القطيعة بين البلدين، لافتة إلى وجود تطورات إقليمية ودولية عززت من التقارب بينهما.

جاء ذلك في حوار أجراه موقع "ترك برس" مع "غوموشلو أوغلو" حول مسار العلاقات التركية السعودية، خاصة بعد تبادل الزيارات الرسمية رفيعة المستوى بين البلدين، والتي كانت آخرها زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى أنقرة ولقائه بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.

"غوموشلو أوغلو" الخبيرة المختصة في شؤون الخليج العربي والتي عملت لسنوات في المنطقة العربية، قالت إن أكبر عائق أمام تطبيع العلاقات بين أنقرة والرياض، كان قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، أواخر 2018، وما نجم عن ذلك من ملاحقة القضاء التركي للمتهمين بارتكاب الجريمة.

أوضحت أنه ومع نقل القضية للجانب السعودي فإن لم يعد هناك أي مبرر لمواصلة السعودية قطيعتها مع تركيا.

 

(من مؤلفات الصحفية التركية حول الخليج العربي وسوريا)

وأضافت: "بالطبع هناك مسائل أخرى تعكّر صفو العلاقات التركية السعودية، إلا أن تطورات إقليمية ودولية أدت إلى تراجع أهمية تلك الخلافات الهامشية."

وحول أبرز التطورات الإقليمية والدولية التي أثرت في سير العلاقات بين أنقرة والرياض، أشارت الصحفية التركية إلى رفع الحصار عن قطر، وتحسّن العلاقات بين دول الخليج العربي، ووصول جو بايدن إلى السلطة في الولايات المتحدة وتغييره سياسات بلاده تجاه إيران، وغيرها من المستجدات التي فرضت على دول المنطقة التنسيق فيما بينها.

ونوّهت "غوموشلو أوغلو" كذلك إلى تراجع دور وثقل جماعة الإخوان المسلمين مقارنة بفترة بدايات الربيع العربي، وهو ما أثر أيضاً في تغير العلاقات بين بلدان المنطقة، بحسب قولها.

وأردفت: "وبالتالي، كل هذه التطورات والأسباب دفعت السعودية إلى تغيير سياساتها الخارجية، وعندما وجدت مؤشرات التقارب الصادرة من تركيا ذهبت لاستغلالها واتخاذ خطوات مماثلة."

واستطردت: "وهذا ما يقتضيه العقل والمنطق. لأنه لا أحد يرغب في أن تكون علاقاته سيئة مع قوة إقليمية هامة مثل تركيا، لأسباب واهية."

(فايزا غوموشلو أوغلو)

وحول زيارة ولي العهد السعودي إلى أنقرة مؤخراً، قالت "غوموشلو أوغلو" إنها جاءت عقب زيارة الرئيس التركي إلى المملكة، مبينة أن الزيارتان بمثابة ميلاد جديد للعلاقات بين البلدين.

واستبعدت الصحفية التركية أن يكون البلدان قد وصلا حالياً إلى مرحلة "الحليف أو الشريك الاستراتيجي"، مؤكدة في الوقت ذاته على أنهما تجاوزا حقبة الأزمات.

وأضافت: "شخصياً، لا أرى أنه من الواقعي توقّع الكثير من علاقات البلدين في الوقت الراهن، إلا أنه يمكننا القول إن أنقرة والرياض لم تعد لديهما مواقف عدائية تجاه بعضهما البعض."

وعلى الصعيد التجاري، قالت "غوموشلو أوغلو" إن العلاقات التجارية ستكتسبان زخماً بلا شك خلال المرحلة المقبلة، لافتة إلى أن التطورات المتعلقة بهذا المجال، ستكون لصالح تركيا بالدرجة الأولى من حيث زيادة صادراتها واستقبال المزيد من الاستثمارات.

وأعربت عن توقعها برؤية مجالات تعاون بين البلدين في مجال الصناعات الدفاعية أيضاً.

وفيما يخص الجدل الذي دار حول عدم امتثال بن سلمان لقواعد البروتوكول الرسمي خلال مراسم الاستقبال الرسمية بالمجمع الرئاسي في أنقرة، ونشر الإعلام السعودي لبعض الصور المثيرة حول الزيارة، قالت الصحفية التركية إن تصرفات ولي العهد السعودي في هذا الخصوص، كانت بمثابة رسائل موجهة للرأي العام الداخلي في بلاده، ولا علاقة لها بالجانب التركي.

وأضافت أن بن سلمان حاول الظهور بمظهر "القائد القوي الذي لا يتراجع"، مبينة أن تصرفاته لاقت صدى بالفعل على منصات التواصل الاجتماعي في المملكة.

وأردفت: "هناك ظاهرة في منطقة الخليج، تتمثل في أن الطرف القوي (خاصة على الصعيد الاقتصادي) يحرص على إظهار جانبه هذا وإثباته أمام الملأ."

وتابعت: " بن سلمان تحول مؤخراً إلى ما يشبه الزعيم الفعلي لبلاده ويحاول إثبات نفسه أمام العالم بأسره. لا سيما وأن قبضته باتت قوية أكثر عقب الحرب الروسية الأوكرانية بسبب التطورات المتعلقة بأسواق النفط العالمية. خاصة وأن هناك حديث عن اعتزام لقاء الرئيس الأمريكي بايدن معه قريباً."

هذا وتعمل "غوموشلو أوغلو" حالياً صحفية في صحيفة "GZT" التركية، كما تجري لقاءات تلفزيونية على شاشة "EkoTürk" حول مع شخصيات تركية وأجنبية مختلفة حول أبرز القضايا الإقليمية والدولية، وتجيد اللغة العربية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!