ترك برس

أعلنت أنقرة، مؤخراً، إحباط خلية تجسس تابعة للاستخبارات الإسرائيلية (الموساد)، كانت تحاول التجسس على شخصيات عربية في تركيا وبالتحديد في إسطنبول، في مشهد يتكرر بين الحين والآخر، ما يدفع للتساؤل حول دوافع وأهداف تل أبيب من هكذا ممارسات.

وبينما تركز نشاط هذه الخلية في التجسس على المعارضين العرب والفلسطينيين المقيمين في إسطنبول، امتد نشاط الخلايا التي أطيح بها العامين الأخيرين إلى جنسيات عربية مختلفة بالإضافة إلى أشخاص إيرانيين في مختلف أنحاء البلاد.

وكشفت صحيفة صباح التركية، أن خلية التجسس المكونة من عرب وأتراك تلقت أوامر إسرائيلية بمتابعة وتصوير اللقاءات الثنائية للأشخاص المستهدفين، ومنهم صحفي مصري معارض وطبيب من نفس الجنسية يعمل بمركز طبي في منطقة الفاتح بإسطنبول.

وسبق أن كشفت وسائل إعلام تركية في ديسمبر/كانون الأول الماضي عن تمكن أجهزة الأمن من الكشف عن خلية أخرى تتبع للموساد في إسطنبول مكونة من 44 مشتبها به، كانت تقوم برصد نشاطات أشخاص ومنظمات فلسطينية غير حكومية في تركيا، تحت غطاء شركة تقدم خدمات استشارية.

كما ألقت المخابرات التركية القبض في أكتوبر/تشرين الأول 2021 على 15 مشتبها بالتجسس والعمل لصالح الموساد، وقالت الصحيفة حينها إن المخابرات نفذت عملية المراقبة في سرية تامة لمدة عام كامل، وأن المشتبه بهم كانوا يجمعون معلومات عن طلاب أتراك وأجانب متفوقين دراسيا.

ووفقا للمصدر نفسه، فقد شملت عملية التجسس أيضا تقديم معلومات للموساد عن نوع التسهيلات التي تقدمها تركيا للمعارضين الفلسطينيين وطريقة ولوج الطلاب منهم إلى الجامعات التركية.

قلق تل أبيب

ويشير الكشف المتكرر عن خلايا يقوم جهاز الموساد بإنشائها في تركيا بقصد التجسس على المقيمين العرب فيها -ولاسيما الفلسطينيين- إلى سعي دؤوب من تل أبيب لإبقاء عينها مفتوحة بهذا البلد الذي تربطها به علاقات قديمة، لكنها مرت بمحطات متعرجة منذ عام 2010 عندما هاجمت قواتها سفينة "مافي مرمرة" بينما كانت في طريقها إلى قطاع غزة ضمن قافلة الحرية المحملة بالمساعدات الإنسانية بهدف كسر الحصار المفروض على القطاع.

وفي هذا الإطار، نقل تقرير لـ "الجزيرة نت" عن العميد المتقاعد والأستاذ المحاضر بجامعة استنيه في إسطنبول فخري إيرينال، قوله إنه يرى أن إسرائيل تشعر بالقلق من الدور الذي تضطلع به تركيا في القضية الفلسطينية، نظرا لأنها تعد إحدى الدول الأعلى صوتا في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين.

وأضاف: "الأنشطة التي يقوم بها الموساد في تركيا تستند إلى مخاوف تل أبيب بشأن حجم الدعم الذي تقدمه أنقرة إلى فلسطين في جميع المجالات".

وبينما تساهم أنقرة في جهود تشكيل قوة وطنية جامعة في فلسطين -كما في سوريا- فإنها تسعى لإشراك دول الخليج في دعم هذه القوة، بالتزامن مع الجهود المبذولة لإعادة تنشيط الجامعة العربية. وكل هذه الأمور، بحسب العميد المتقاعد، تثير قلق إسرائيل تحديدا تجاه السياسات التركية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.

اتفاقيات أبراهام

ويعتبر إيرينال أن إسرائيل تريد لاتفاقيات أبراهام التي وقعت مع عدد من الدول العربية عام 2020 أن تستمر وتسعى لإفشال ما قد يؤثر على ذلك، معتبرا أن نشاطاتها الأمنية الحالية سواء في تركيا أو المنطقة تنطلق من هذا الهدف، مشيرا إلى أنها لا تخفي قلقها حاليا من التقارب بين السعودية وإيران.

وكانت صحف تركية كشفت في مايو/أيار الماضي، وبالتزامن مع الانتخابات العامة، أن جهاز المخابرات الوطني تمكن من تفكيك خلية تجسس تابعة للموساد كانت تستهدف اغتيال إيرانيين، مكونة من 15 عنصرا بزعامة سلجوق كوجوك كايا.

من جهته، يرى المحلل السياسي والخبير بالشؤون الأمنية التركية أحمد حسن أن إسرائيل تركز في مراقبتها للمعارضين العرب على جانبين اثنين.

وأوضح حسن أن الجانب الأول مرتبط بإيران وحماس وباقي حركات المقاومة ونشاطاتهم في تركيا، والثاني مرتبط بدائرة اهتمام الإمارات، وما تسميها تنظيمات الإسلام السياسي مثل الإخوان وغيرهم.

وأشار الخبير الأمني إلى أن النشاطات الأمنية في تركيا موجودة باستمرار منذ عقود بسبب الموقع الإستراتيجي للبلاد، لكن حينما يصل النشاط الأمني إلى مستوى الخروج عن القواعد المسموح بها تقوم المخابرات التركية بالتدخل.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!