ترك برس - TRT عربي

اختارت مجلة "ديفينس نيوز" الأمريكية في تصنيفها السنوي لأفضل شركات الصناعات الدفاعية حول العالم، أربع شركات تركية ضمن مؤشر الأفضل عالمياً ارتفاعاً من ثلاث شركات في العام الماضي.

اختارت مجلة "ديفينس نيوز" الأمريكية في تصنيفها السنوي لأفضل شركات الصناعات الدفاعية حول العالم، أربع شركات تركية ضمن مؤشر الأفضل عالمياً ارتفاعاً من ثلاث شركات في العام الماضي، حيث شهد هذا العام دخول شركة أسفات (ASFAT) لتشغيل المصانع والترسانات العسكرية، التابعة لوزارة الدفاع التركية القائمة للمرة الأولى لتحتل المركز الـ100 فيها.

وضع التصنيف -الذي يعتمد على حجم مبيعات الأسلحة على أساس سنوي- شركة أسيلسان (ASELSAN) المتخصصة بمجال الصناعات الإلكترونية الدفاعية على رأس الشركات التركية في القائمة، حيث احتلت المرتبة الـ47 هذا العام بعد أن كانت في المرتبة الـ49 العام الماضي، مع عوائد تخطت ملياري دولار.

بدورها ارتقت شركة صناعات الطيران والفضاء التركية توساش (TUSAŞ)، من المركز الـ67 عام 2022 إلى المركز الـ58 هذا العام، بعد أن بلغت عوائدها 1.4 مليار دولار.

أما شركة روكيتسان (ROKETSAN) لصناعة الصواريخ، فقد انتقلت من المركز الـ86 عام 2022 إلى المركز الـ80 هذا العام، بعد تحقيقها عوائد بلغت 873 مليون دولار.

في حين حلّت شركة أسفات (ASFAT) في المرتبة الـ100 عالمياً، بعد تحقيقها عوائد بقيمة 443 مليون دولار.

فما هذه الشركات؟ وما الأسلحة والإضافات التي تقدّمها للجيش التركي وجيوش أوروبية وعالمية عدّة؟

شركة أسيلسان (ASELSAN)

تُعد أسيلسان من أقدم الشركات الدفاعية التركية، حيث تأسست في 14 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1975، ودخلت حيز التنفيذ بعد العقوبات الغربية على الجيش التركي إثر التدخل العسكري في قبرص. بعد وصول حزب العدالة والتنمية، أصبحت الشركة ذات قيمة عالية بعد نجاحها في تصنيع معدات في مجالات مختلفة عدّة، أبرزها تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، وتقنيات أنظمة الدفاع، والإلكترونيات الدقيقة والتوجيه وكهرباء البصريات، والرادارات وأنظمة الحرب الإلكترونية، وأنظمة النقل والأمن والطاقة والأتمتة.

أما أبرز المعدّات التي أنتجتها شركة أسيلسان، فهي نظام حصار A+ للدفاع الجوي ومعالجة الأهداف الطائرة على ارتفاع منخفض، ورادار الإنذار المبكر "كالكان" -المستخدم في مجال الدفاع الجوي- ونظام "ستامب" للتحكم عن بُعد بالأسلحة الرشاشة من عيار 12.7 ملم، والمستخدم للدفاع عن السفن ضد الأهداف فوق سطح البحر.

ومن الأنظمة الأخرى أيضاً، نظام "Atilgan" المتحرّك للدفاع الجوي ضدّ الأهداف ذات الأجنحة الثابتة ضمن الارتفاعات المنخفضة، ونظام شاهين المضاد للطائرات المسيّرة "الدرونز"، ونظام الرصد الراداري "سرحات" للكشف عن أماكن المقذوفات ومعالجتها، وأنظمة التوجيه والسيطرة النارية في دبابة "ألتاي".

ويُعد من أهم إنجازات هذه الشركة توطين الجيل الخامس من نظام التعرّف على الأهداف في طائرة "إف-16"، أو ما يُعرف بـ"5 "identificationof friend and foe systems -IFF"، الذي أعلنته عام 2020، وجاء بعد سنوات طويلة من التطوير، فقد خلالها مجموعة من المهندسين حياتهم بطريقة غامضة.

شركة توساش (TUSAŞ)

تأسست توساش في 28 يونيو/حزيران 1973 تحت إشراف وزارة الصناعة والتكنولوجيا من أجل إنهاء الاعتماد على الخارج في الصناعات الدفاعية، ومع قرار استخدام طائرات "إف-16" لتلبية احتياجات الطائرات المقاتلة للقوات الجوية التركية؛ تأسست الشركة التركية للصناعات الجو-فضائية (TAI) عام 1984 من توساش بمساهمة أمريكية، لتصبح شركة مشتركة هدفها تنفيذ إنتاج طائرة "إف-16" ودمج الأنظمة على الطائرة واختبارات الطيران وتسليمها إلى سلاح الجو التركي.

وفي عام 2005 اشترى المساهمون الأتراك الأسهم الأجنبية في "TAI" وأُعيدت هيكلة الشركة، ثم اندمجت TAI وTUSAŞ وأصبحتا باسم (TUSAŞ - Turkish Aerospace Industries Inc)؛ لتوسع أنشطتها تحت سقف واحد وتصبح المركز التكنولوجي لتركيا في عمليات التطوير والتحديث والإنتاج وتكامل الأنظمة ودعم دورة الحياة لأنظمة صناعة الطيران والفضاء.

وتعمل توساش -التي تُعد من بين أفضل مائة شركة عالمية في صناعة الطيران والفضاء- في مجالات عدّة، أبرزها المجموعة الهيكلية، ومجموعة الطائرات، ومجموعة طائرات الهليكوبتر، ومجموعة أنظمة المركبات الجوية غير المأهولة (UAV)، إضافة إلى مجموعة أنظمة الفضاء والمجموعة الوطنية للطائرات القتالية (MMU).

وتتولى الشركة برنامج إنتاج المقاتلة الوطنية من الجيل الخامس، وتصنيع مروحتَي "أتاك" و"غوك باي"، وتصنع توساش أيضاً طائرة التدريب والدعم "حر جيت"، وكلاً من الطائرات المسيّرة "عنقاء" و"أقسونغور"، بالإضافة إلى الطائرات ذات الأغراض الزراعية والأقمار الصناعية، كما ترعى أبحاث مستمرة لتطوير محركاتها الخاصة في الطائرات التي تصنعها.

إضافةً إلى ذلك، تنتج الشركة 80% من جسم الطائرات المقاتلة من نوع "إف-16"، كما تشارك في برامج تصنيع الطائرات الحربية وتعديلها وتطويرها لمصر والأردن وباكستان، وذلك بالتعاون مع الشركات الأمريكية والأوروبية، أما مساهمتها في مجال الطيران المدني فقد بلغت نحو 18% من إجمالي صناعاتها.

شركة روكيتسان (ROKETSAN)

أما روكيتسان فقد تأسست في 14 يونيو 1988، وذلك بقرار من لجنة الصناعات الدفاعية؛ بهدف تلبية احتياجات القوات المسلحة التركية في هذا المجال، من دون الاعتماد على الخارج.

وبدأت روكيستان -التي تحولت لاحقاً لأحد أفضل 100 شركة عالمية في الصناعات العسكرية- العمل في مبنى مستأجَر في العاصمة أنقرة، وفريق عمل مكون من 25 شخصاً فقط، قبل أن تتوسع إلى نحو 1000 فدان من الأراضي.

وبدأت تركيا بالإنتاج المحلي لمحركات الإطلاق والطيران وأنظمة الدفع التي تعمل بالوقود المركب، وهي أنظمة فرعية مهمة للصواريخ، ضمن مشروع Stinger Europe المشترك للإنتاج.

ونظراً لعدم وجود تكنولوجيا الوقود الصلب المركب في تركيا في ذلك الوقت، وجدت وزارة الدفاع وقتها أنّه من المناسب إنشاء شركة جديدة لإنتاج الوقود المركب ومحركات الطيران، وخلال فترة تصنيعه حقق صاروخ كونسورتيوم Stinger -الذي دخلت روكيتسان في تصنيعه- متطلباته في الوقت المناسب وبطريقة كاملة، لكنّ الفائدة الأكبر للمشروع لم يكن الصاروخ نفسه، وإنّما توظيف القوى العاملة المدربة واستقدامها إلى تركيا، حيث جرى استيعاب التقنيات المنقولة وتحويلها إلى منتجات جديدة.

إلى ذلك، دخلت روكيتسان عام 2016 مرحلة تأهيل الذخائر الصغيرة الذكية إضافةً للصواريخ المضادّة للدبابات والصواريخ المضادّة للطائرات والطائرات المسيّرة، ثم دخلت في مجال الصواريخ الموجهة بدقة والمحمولة في الطائرات المسيّرة "الدرونز"، مثل الصاروخ "تانوك" ذي عيار 120 ملم والموجه بالليزر.

وبعد عقود من التطوير، تزود روكيتسان الجيش التركي بأعيرة وأنواع مختلفة من الصواريخ في مجالات كثيرة، أبرزها الصواريخ المضادة للطائرات والطائرات المسيّرة بأنواعها الثابتة والمتنقلة، والصواريخ المضادة للسفن، وصواريخ الدفاع الجوي المتنقل والمحمولة في السفن، والصواريخ المضادة للدبابات والمركبات المدرعة.

ومنها أيضاً صواريخ أرض-أرض متنوعة المديات، وصواريخ مضادّة للدروع خاصة للمشاة: محمولة على الكتف وموجهة، إضافةً إلى صواريخ جو-أرض موجهة: من الطائرات المقاتلة والطائرات المسيّرة.

شركة أسفات (ASFAT)

في 17 يناير/كانون الثاني 2018، أسّست وزارة الدفاع التركية شركة أسفات، لغرض تصنيع أحواض السفن الحربية والمصانع والترسانات العسكرية.

ورغم عمرها القصير، قدّمت الشركة كثيراً من الأسلحة والمعدّات والمرافق للجيش التركي وعدد من الجيوش العالمية، ومن أبرز إنجازاتها بناء 4 طرادات للبحرية الباكستانية، وإنتاج معدات إزالة الألغام الميكانيكية (MEMATT) وصُدرت 20 وحدة إلى أذربيجان ووحدتين لكل من بوركينا فاسو وتوغو، إضافةً إلى سفينة الدوريات البحرية (ADKG).

وأنتجت الشركة قارب سلامة (ASBOT-KN35)، وذلك بإمكانات محلية تقارب 100% من أجل المساهمة في أمن وتسيير الدوريات للقيادة العامة لقوات الدرك؛ يمكن أن تعمل في البحيرات والجداول والبحار.

ومن إنتاج أسفات أيضاً، ريتروفيت (AM400) وهو أحد مراكز صيانة طائرات النقل العملاقة المدنية والعسكرية، وكذلك 1000 مجموعة من نظام التوجيه الدقيق من طراز HGK-82 لصالح قيادة القوات الجوية التركية، بمعدل توطين يزيد على 80%، بالإضافة إلى إدارة اثنين من مرافق صناعة السفن البحرية والغواصات، فضلاً عن قيادة أبحاث التطوير البحري لصالح القوات البحرية للجيش التركي.

تأثيرات كبيرة

ولا تقتصر فوائد هذه الشركات على الجوانب العسكرية والاقتصادية فحسب، إنّما أفرزت أبعاداً سياسية واستراتيجية أخرى كبيرة لصالح تركيا، إذ يقول أستاذ العلوم السياسية والاقتصاد في جامعة موغلا د. سردار يلماز، إنّ شركات الصناعات الدفاعية "شكلت نقطة تحول في السياسة التركية الخارجية على الصعيدَين العالمي والإقليمي".

وأضاف يلماز أنّ الشركات منحت تركيا مساحة كبيرة للمناورة السياسية، وفتحت كثيراً من الأبواب التي كانت مغلقة في السابق، بعدما أصبحت تركيا قوة تملك سلاحها وتصدّره للخارج، مقلّلةً بذلك الاعتماد على الحلفاء في هذا المجال.

وخلال السنوات العشر الماضية، التي نمت فيها تلك الشركات بشكل كبير، أصبحت تركيا لاعباً رئيسياً في كثير من الملفات الإقليمية مثل ليبيا وسوريا والأزمة الخليجية والعراق والحرب الأذربيجانية، ومؤخراً الحرب الروسية.

وتدرك أنقرة جيداً أهمية امتلاك السلاح والتفوق في صناعته، خصوصاً صناعة المسيّرات التي تحتل فيها تركيا مكانة متقدّمة بين الدول المصنِّعة للسلاح، لذلك فمن المتوقع أن تزيد تركيا استثماراتها في مجالات التصنيع، وليس من المستغرَب رؤية شركات جديدة في قائمة الأفضل عالمياً خلال الفترة المقبلة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!