أفق أولوتاش - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

تجري في هذه الأيام محادثات ومفاوضات تخصّ قضايا مصيرية في منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها سوريا والعراق، وبشكل غير مباشر تخصّ تركيا أيضًا. ومركز هذه المفاوضات، العاصمة الروسية موسكو. فالقيادة الروسية وخلال الفترة الأخيرة استقبلت مسؤولين من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى ممثلين عن النظام السوري والمعارضة السورية. وإنّ هذه المفاوضات تُعد تجسيد للخطة الإيرانية التي تهدف إلى تشكيل حكومة توافقية في سوريا وتغيير الدستور الحالي في هذا البلاد، وذلك بعد إعلان وقف لإطلاق النار بين الأطراف المتحاربة. وفي الوقت الذي قالت فيه المعارضة السورية المشاركة في هذه المباحثات، إنّ القيادة الروسية ليس لديها تحفظ فيما يخصّ بقاء بشار الأسد في السلطة، قامت هذه القيادة ببيع 6 طائرات من نوع "ميغ" للنظام السوري.

وفي حين أنّ التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية يسعى لتطهير مدينة عدن اليمنية من عناصر الحوثيين، نجد أنّ هناك اتفاق تمّ إبرامه بين قوات المعارضة السورية والقيادة الإيرانية بخصوص وقف إطلاق النار في بلدة الزبداني السورية. إلّا أنّ هذا الاتفاق تمّ العدول عنه عقب طلب الإيرانيين من المعارضة السورية المسيطرة على هذه البلدة، بترك مواقعهم وتسليمها لقوات نظام الأسد.

وبالتزامن مع هذه التطورات، قامت عناصر تنظيم الدّولة (داعش) بالهجوم على عدد من القرى التابعة لمنطقة (مارع) التابعة لمحافظة حلب. أمّا تنظيم حزب العمال الكردستاني (PKK) فقد استمر خلال هذه الفترة بأعماله الإرهابية داخل الأراضي التركية.

وبالتزامن أيضًا مع هذه التطورات، فإنّ قوات المعارضة السورية تحقق تقدّمًا ملحوظًا في ريف حماه. بينما بدأت قوات النظام السوري بلعب دور الدفاع عن مواقعه ولم يستطع سوى إلقاء قنابل الموت عبر طائراته المروحية والحربية. وخلاصة الكلام، يمكننا أنّ نقول بأنّ هناك متاجرة بين القوى العظمى فيما يخصّ منطقة الشرق الأوسط. حيث تشكل الأراضي السورية مركز هذه العملية.

والقائمون على هذه المتاجرة هم الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والإيرانيون. فمن الواضح أنّ هذه الدّول الثلاثة توصّلت فيما بينها لاتفاق بشأن سوريا واليمن والعراق، وهم الآن يحاولون زجّ المملكة العربية السعودية ضمن هذه الاتفاقية. والمعادلة التي تحاول الأطراف تنفيذها هي على الشكل التالي:

تتعهد القيادة الإيرانية بسحب تأييدها للحوثيين في اليمن، مقابل تعهد السعوديين بدعم الخطة الإيرانية في سوريا والتي تنص على الحفاظ على نظام بشار الأسد والالتفاف لقضاء على تنظيم داعش.

كما أنّ جزءًا من الخطة الإيرانية ينص على سحب القيادة الإيرانية لميليشياتها العاملة في سوريا، مقابل تخلّي المملكة العربية السعودية عن تقديم الدعم للمعارضة المسلحة. فإذا ما تمّ الاتفاق على هذه البنود، فإنّه سيتم الإعلان عن وقف لإطلاق النار في سوريا بناءًا على تعليمات هذه الدّول الأربعة. وسيتمّ اختيار الفئة المناسبة من المعارضة للجلوس على طاولة المفاوضات مع نظام الأسد في سوريا، ومن ثمّ سيتمّ تشكيل الحكومة الجديدة، مع الحفاظ على الدوائر الحكومية المتبقية لدى النظام الحالي.

وعقب هذه الترتيبات، ستقوم كل من إيران وروسيا بوضح الجماعات التي تقاتل في محيط العاصمة دمشق، على رأس قائمة المعارضة التي ستتفاوض مع نظام الأسد، كما ستقوم إيران بتلميع صورة تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وإدراج هذا التنظيم في قائمة التنظيمات المعارضة التي تحارب داعش، كي تستطيع القيادة الإيرانية إقحامها في المفاوضات التي ستجري بين النظام السوري والمعارضة.

تركيا هي الدّولة الوحيدة التي تستطيع إفشال خطة إحياء النظام البعثي في سوريا. ففي حال تمّ إنشاء المنطقة الآمنة بين جرابلس وأعزاز، وقامت قوى المعارضة بالسيطرة على مدن حلب وإدلب وريف حماة والامتداد نحو مدينة اللاذقية، فإنّ هذه الخطة الإيرانية لا بدّ لها أن تفشل. وبالتالي تستطيع تركيا أن تجعل من المعارضة، الطرف الأقوى على طاولة المفاوضات. لكن من الواضح أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تحاول إفشال إنشاء المناطق الآمنة التي من شأنها أن تفشل الخطة الإيرانية التي تسعى إلى إبقاء الأسد في السلطة.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس