جلال سلمي - خاص ترك برس

المتابع لتركيا وشؤونها الداخلية والخارجية يعلم بأن العديد من الخبراء والباحثين السياسيين أطلقوا على الفترة التي عقب انتخابات 7 حزيران/ يونيو البرلمانية فترة الغموض وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، وأبدى الكثير من الخبراء، بعد دخول هذه الفترة، الكثير من المخاوف حول إمكانية حصول تراجع جسيم لتركيا على المستويين السياسي والاقتصادي وذلك بسبب حالة الفراغ السياسي التي طفت على السطح إبان انتخابات 7 يونيو.

وبعد فشل الأحزاب السياسية في تأسيس حكومة ائتلافية وبعد استنكاف الأحزاب السياسية عن المشاركة في حكومة الانتخابات الدستورية زاد قلق الخبراء من إمكانية تعمق الأزمة السياسية وبالتالي عدم الاستقرار الاقتصادي الذي طغى بعض الشئ على الصورة العامة لتلك الفترة.

انتظر الجميع على أحر من الجمر انتخابات 1 تشرين الثاني/ نوفمبر، لكي تنتهي فترة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، في تركيا، بأسرع وقت ممكن وللعودة إلى تنفيذ خطط التقدم والتنمية الساعية لإعلاء من شأن تركيا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وإعلاميًا.

ويقوم الباحث السياسي كورتولوش تاييز بتقييم الفترة الحالية من خلال مقال تحليلي بعنوان "انقضى فصل عدم الاستقرار" نُشرت بتاريخ 4 نوفمبر 2015 في جريدة أقشام التركية، ويبين تاييز في مقدمة مقال بأنه "مع انتهاء انتخابات 1 نوفمبر بفوز حزب العدالة والتنمية فهذه يعني بأن فصل عدم الاستقرار انقضى لمدة أربع سنوات قادمات في تركيا، للناخب التركي الواعي والفطن  دورًا كبيرًا في القضاء على هذه الفترة وهذا الفصل، لأنه استوعب استحالة توافق الأحزاب السياسية، في تركيا، على أساس توافقي يصل بتركيا إلى سقف حكومة ائتلافية".

يُضيف تاييز بأن "الناخب علم بأن أحزاب المعارضة التركية بشروطها التعجيزية الخاصة بالتوافق وتشكيل الحكومة الائتلافية لا تُنفذ ماكان ناخبها يرنوا إليه من تقاسم وتشارك نظام الحكم بشكل توافقي بل تعطل عملية التقدم والتطور متنوع المجالات وهذا ماجعل الكثير من الناخبين في جميع أرجاء تركيا يغيرون بوصلة أصواتهم الانتخابية".

يشير تاييز أيضًا إلى أن "الناخب التركي أراد تنبيه حزب العدالة والتنمية ببعض الأخطاء من خلال جعله مضطر إلى مشاركة الأحزاب السياسية الأخرى الحكم من أجل تفادي هذه الأخطاء وتخطيها ولكن هذا التجربة أثبتت للناخب استحالة تخطي هذه الأخطاء من خلال صيغة الحكومة الائتلافية ومع اعتراف زعيم حزب العدالة والتنمية أحمد داود أوغلو ببعض الأخطاء وبتلقيه الدرس الموجه إليه من قبل الناخب بشكل مخلص وواضح أصبح الناخب على وعي أكبر بضرورة إعطاء حزب العدالة والتنمية فرصة قيادة البلاد من جديد بمفرده ليستمر في إنشاء تركيا الجديدة".

وإلى جانب تاييز يوضح الخبير السياسي أفق أولو طاش، من خلال مقال سياسي له بعنوان "الخطوات السياسية لتركيا بعد انتخابات 1 نوفمبر"، نُشرت في جريدة أقشام بتاريخ 3 نوفمبر، بأن "الناخب التركي سطر أجمل صور الوعي الديمقراطي والسياسي حول العالم، حيث اقتنع بمدى حاجة تركيا إلى دفع فترة الركود الطفيفة التي أصابتها بعد انتخابات 7 يونيو فقام بدون أي تردد إلى انتخاب حزب العدالة والتنمية ليحكم بمفرده وذلك بنسبة لم يكن أي شركة بحث وإحصاء أو حزب سياسي يتوقعها".

كما يردف أولوطاش في مقاله بأن "الناخب ووعيه السياسي يلعب دورًا كبيرًا في تغيير بوصلة نتيجة الانتخابات في تركيا، كما أن قبول حزب العدالة والتنمية أخطاءه والعمل على تفاديها من خلال إثراء الأجندة الاقتصادية بالعديد من الوعود الخاصة بالجانب الاقتصادي الشخصي للناخب التركي ومن خلال إعادة النخبة القديمة لحزب العدالة والتنمية إلى الساحة السياسية بعد رفع القانون الداخلي لحزب العدالة والتنمية والذي يمنع ترشح أعضاء حزب العدالة والتنمية لأكثر من ثلاث دورات متتالية، عودة هذه النخبة التي يعدها الشعب التركي المنقذ الأساسي لها من ويلات الأزمات الاقتصادية التي أصابت تركيا قبل 2002 كان مهم جدًا لإعادة ثقة الناخب بحزب العدالة والتنمية".

في نهاية مقاله يؤكد أولوطاش بأن "تضافر تجربة النخبة القديمة مع حماس النخبة الجديدة التابعتين لحزب العدالة والتنمية سيجعل فترة عدم الاستقرار القصيرة تنقضي خلال فترة وجيزة وسيجعل من نظرية تركيا الجديد واقع حقيقي وسيكون لتركيا شأنها العالي في المنطقة والعالم أجمع، هذه التطورات سنشهدها خلال الأيام القادمة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!