جلال سلمي - خاص ترك برس

ظهر للعيان بأن تطورات السياسة الداخلية في تركيا لها تأثيرها القوي على السياسة الخارجية لتركيا، وذلك لأنه بعد انتخابات 7 حزيران/ يونيو تبين بأن حزب العدالة والتنمية لن يستطيع تأسيس حكومة بمفرده وبأنه مضطر إلى تأسيس حكومة ائتلافية من خلال التوافق مع الأحزاب الأخرى، هذه التطورات والتوقعات جعلت الجميع يؤكد بأنه في حال تأسيس حكومة ائتلافية فإن تركيا ستتبع سياسة خارجية قومية ومنغلقة وبعيدة عن منهاج الانفتاح السياسي الذي كانت تتبعه حكومة حزب العدالة والتنمية خلال فترة حكمها بمفردها.

استدل العديد من الخبراء في توقعهم المذكور آنفًا بإيدولوجية أحزاب المعارضة التركية الرئيسية الثلاثة التي تُعارض منهج الانفتاح السياسي لتركيا وتدعم منهج الانغلاق القومي، وحسب البيروقراطي في وزارة الخارجية والباحث في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا"  أفق أولوطاش الذي نشر مقاله الخاص بتقييم السياسة الخارجية التركية في الفترة الحالية والمُقبلة تحت عنوان "السياسة الخارجية التركية ما بين الركود والفعالية" في جريدة أقشام التركية بتاريخ 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015؛ "فعلًا أصاب الخبراء بتوقعاتهم بما يخص السياسة الخارجية التركية ما بعد 7 يونيو إذ كان يتوقع أن تشوب العديد من التعقيدات السياسة الخارجية التركية في ظل حكومة التوافق ولكن هذا التوقع لن يكون ساري المفعول ما بعد 1 نوفمبر".

كما يضيف أولوطاش  "وحسب خبرته المستمدة من عمله المباشر في وزارة الخارجية التركية؛ من الصعب جدًا تخلي تركيا عن تخطيط سياستها الخارجية بناءًا على الأحداث الجارية في الدول المجاورة لها وخاصة سوريا والعراق كما ترغب بعض الفئات السياسية في تركيا، وذلك لأن التطورات الجارية في هاتين الدولتين هي تطورات جيوسياسية وجيوستراتيجية يتم إدارتها والتخطيط لها من قبل عدد كبير من الدول وإن وقفت تركيا مكتوفة الأيدي أمام هذه التطورات فإن حجم الضرر الواقع على تركيا سيكون جسيم وخطير جدًا".

ويستدل أولوطاش ببعض الأدلة الواقعية والملموسة على أشكال الضرر هذه من خلال تفجيرات سوروج التي قامت بها داعش وخرق حزب العمال الكردستاني لعملية المصالحة الداخلية لاقتناعه بنجاعة دعم حزب الاتحاد الديمقراطي له بعد تلقي الأخير دعم ملحوظ من قبل الولايات المُتحدة وإيران وروسيا، كما أن الضرر الاقتصادي المؤلم أحد أهم الأسباب الواقعية والملموسة الذي يجعل تركيا تتحرك بشكل منفتح وليس انغلاقي أمام هذه الأضرار المتراكمة والمُحتمل استمرارها في حين لم يتم اتخاذ خطوات رادعة.

ويرى أولوطاش أن "حزب العدالة والتنمية وبيوقراطي وباحثي وزارة الخارجية التركية يرون أن مبدأ "الاستمرار" في السياسة الخارجية التركية مع إضافة بعض التكتيكات الجدية والأكثر ردعًا وصدأ سيكون له على المدى البعيد آثار ومردودات إيجابية استراتيجية على تركيا ووضعها في المنطقة؛ ويسرد أولوطاش التكتيكات القديمة الجديدة التي سترسم السياسة التركية في المرحلة المُقبلة بالشكل التالي:

ـ الوقوف ضد الأسد والاستمرار في دعم قوى المعارضة السورية المُطالبة بالحرية والكرامة.

ـ الاستمرار في عدم الاعتراف بنظام الانقلاب في مصر وعدم الاعتراف بالسيسي كرئيس بل الاستمرار في قبوله "كقائد انقلاب دموي".

ـ الاستمرار في الضغط على "إسرائيل" لتخفيف من حدة تحركاته التعسفية ضد الفلسطنيين ورفع الحصار عن غزة.

ـ اتخاذ خطوات أكثر ردعًا وأكثر جديةً لبسط الاستقرار والحل الجذري للقضية السورية.

ـ رفع درجات الضغط الدبلوماسي على الدول المعنية لإقامة المنطقة الأمنية العازلة في شمال سوريا لتأمين الأمن للسوريين ولقطع الطريق على الجماعات الإرهابية المُخططة لتقسيم سوريا إلى دويلات صغيرة.

ـ قطع خطوات عملية من أجل تطوير العلاقات التركية مع الاتحاد الأوروبي لا سيما بعد سنوح الفرصة لتركيا بعد هبة اللاجئين التي قدت مضاجع الدول الأوروبية وجعلتها مضطرة للتنسيق مع تركيا كدولة منقذة لهم في تخفيف هذه الهبة.

ـ الاستمرار في محاربة داعش بكل جدية وحزم والعمل على تقوية التحالفات الدولية الجادة في استهداف البؤر الداعشية في العراق وسوريا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!