
جلال سلمي - خاص ترك برس
بدأ أحمد داود أوغلو مشواره السياسي كأكاديمي ومُحاضر في مجال العلاقات الدولية والعلوم السياسية، وبعد تحقيق نجاح بارز في المجال الأكاديمي، تم انتقاؤه من قبل حكومة حزب العدالة والتنمية لتولى وزارة الخارجية عام 2009 وحتى عام 2014، خلال هذه الفترة أدخل داود أوغلو الكثير من التطورات والتغيرت الجذرية على السياسة الخارجية والداخلية التركية، حتى أصبح يُلقب بمهندس السياسة التركية، وبتاريخ 10 آب/ أغسطس 2014 تولى زعامة حزب العدالة والتنمية، وبالتالي رئاسة الوزراء التركية.
بعد تولي داود أوغلو لزعامة حزب العدالة والتنمية ورئاسة الوزراء أصبح لديه مجال وفرص أكبر لتطبيق نظرياته وفرضياته، استمر داود أوغلو في هذه المهمة إلى تاريخ 7 حزيران/ يونيو حيث جرت أول انتخابات برلمانية يقود بها دود أوغلو برنامج سياسي وحملة انتخابية.
بعد صدور نتائج الانتخابات تبين بأن حزب العدالة والتنمية لم يحصل فقط إلا على 41% الأمر الذي جعل الكثير من أنصار حزب العدالة والتنمية والخبراء السياسيين يرجعون سبب خسارة حزب العدالة لنسبته الأغلبية إلى قيادة داود أوغلو للحزب والتي اتهمها الكثير في ذلك الوقت "بالركيكة" و"غير الفعالة".
يتناول الباحث السياسي التركي حسين أرسلان موضوع خسارة داود أوغلو، في الانتخابات الأولى ونجاحه في الانتخابات الثانية، من خلال مقال تقييمي بعنوان "نجاح حزب العدالة والتنمية"، نُشر بتاريخ 11 تشرين الثاني/ نوفمبر في جريدة خبرترك، ويستهل أرسلان مقدمة مقاله في التعليق على الوصف، الذي قام العديد من أنصار الحزب والخبراء السياسيين إطلاقه على داود أوغلو وقيادته للحزب عقب صدور النتائج، فيشير إلى أن "داود أوغلو رجل سياسي مُخضرم عاش داخل كيان النظريات والتجارب السياسية سنوات طويلة، لذا، على العكس من جميع المتطاولين، لم يلقي بالًا لانتقاد البعض بل ألقى بالًا إلى رسالة الشعب، هذه الرسالة التي أراد الشعب إيصالها إلى حزب العدالة والتنمية من خلال خفض بعض أصواته في الانتخابات".
يبين أرسلان أيضًا بأن "داود أوغلو استعمل حكمته السياسية باعترافه في أول خطاب ألقاه أمام الجماهير عقب الانتخابات بأن "حزب العدالة والتنمية تلقى رسالة الشعب وسيكون حريص جدا ً على تعديل سياسته الداخلية والخارجية التي تخدم الشعب والمواطن التركيين أولًا وأخيرًا" وإلى جانب هذا الاعتراف بدأ بأخذ الأسباب مثل تغيير الأجندة الاقتصادية "صمام مُخاطب المواطن والوصول إليه" ووعد بسياسة خارجية واقعية وحافظة لتركيا وأكد على استمرار عملية المصالحة الداخلية ولكن بتغيير أطرافها وخط سيرها وعدم مخاطبة الإرهابيين بها قاصدًا بذلك حزب العمال الكردستاني "بهذا الوعد وصل إلى قلب المواطن الكردي الذي أطمئن لاستمرار عملية السلام وقلب المواطن التركي الذي أطمئن لعزم الدولة على القضاء على الإرهاب الكردستاني بشكل جذري وضرب داود أوغلو المؤلم لعناصر حزب العمال الكردستاني في ذلك الوقت كان له صدى جيد في تطمين قلوب العديد من المواطنين الأتراك وشفاء غليلهم".
كما يضيف أرسلان بأن "هذه الأسباب المذكورة أعلاه وغيرها الكثير من الأسباب التي أخذ بها كان لها تأثير قوي وفعال وواقعي على تغيير بوصلة الناخب التركي وإعادتها إلى حزب العدالة والتنمية، قصة النجاح هذه يعود فضلها إلى داود أوغلو الذي تلقى الرسالة فعمل على تفادي وتقديم ما يريده المواطن التركي فحقق نجاحًا باهرًا بنسبة انتخابية لم يحصل عليها حزب العدالة والتنمية منذ خوضه أول انتخابات برلمانية عام 2002 وحتى الآن، وبذلك يضيف داود أوغلو قصة نجاح جديدة إلى تاريخها الحافل بالنجاحات السياسية".
كان أكثر المتفائلين في حزب العدالة والتنمية وأكثر المتشائمين في المعارضة وكانت شركات الأبحاث والاحصاءات الحيادية والمُنحازة يتوقعون حصول حزب العدالة على نسبة 43% كأعلى نسبة ممكنة، ولكن بعد صدور نتائج الانتخابات في مساء 1 نوفمبر تبين بأن حزب العدالة والتنمية حصل على نسبة 49,5% في سابقة هى الأولى من نوعها في تاريخ حزب العدالة والتنمية الذي بدأ الفوز بنسبة الأغلبية منذ انتخابات 2002.
ويقيم الباحث السياسي يووز سامارجي قضية فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة على أنها قصة وفاء متبادلة بين الشعب الذي استفاد بشكل كبير من الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي وفره له حزب العدالة والتنمية خلال فترة حكمه وحزب العدالة والتنمية الذي حصل على ثقة الشعب لثلاث دورات متبادلة، حصل بين الطرفين سوء تفاهم بسيط فقام الناخب بالتعبير عن خاطره المكسور عبر صناديق الاقتراع فتلقت القيادة الحكيمة لحزب العدالة والتنمية رسالة بصدر رحب وعملت على تعديلها فرجع القطار إلى خط سيره السابق.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!